الخليل دينامو فلسطين الاقتصادي
"الصنعة إسوارة من ذهب" مقولة يعزو رئيس غرفة تجارة وصناعة الخليل المهندس محمد غازي الحرباوي لتسرخها في ذهن أهل الخليل سر تميزهم بمختلف مناحي الاقتصاد، ويضيف نائبه برئاسة الغرفة عبد الحليم أبو شاور أن ابن الخليل يؤمن بأن "الصنعة اذا ما اغنتك بتسترك".
مصنع الخليل للزجاج
أسماء مرزوق- بوابة اقتصاد فلسطين
مدينة الخليل، محرك اقتصاد فلسطين، فيها الثقل الصناعي والتجاري إذ تسهم بحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي. وتضم 22 ألف منشأة اقتصادية. وفيها ثلث الانتاج من الثروة الحيوانية في الضفة الغربية ومنها كبار المستوردين والمصدرين.
وفي الخليل تعرف العائلات العريقة بمهنها فعائلة النتشة عرفت بصناعة الزجاج وعابدين بالصرافة والحرباوي بالذهب وغيرها.
السر في الإنسان
الحرباوي، صاحب شركة السيد للمجوهرات التي تضم أحد اكبر مشاغل الذهب في فلسطين وتشغل حوالي 22 موظفا، يرى أن سر التميز في الخليل يكمن بالإنسان نفسه بالمثابرة والقدرة على التحمل وكذلك بالانتماء إذ يفضل العمل في بلده حتى لو كان في ذلك مخاطرة.
ويتابع: "لم اصل إلى هنا إلا بعد تعب ومشقة وعمل 15 ساعة باليوم، والبعد عن البيت والعائلة". ويضيف بأن المفاهيم لدى أهل مدينة الخليل والموروث الثقافي يعزز الطابع الانتاجي.
من هذه المفاهيم حسب الحرباوي: ابن الخليل لديه الجرأة لاستثمار أمواله في أرضه بدل ارسالها للخارج، وابن الخليل يحب العمل بماله لا يستدين، يبدأ بمشروعه صغيرا ثم يكبر لذا نقول "مد رجليك ع قد فراشك" ويحب العمل مع أولاده وعائلته وهذا رغم ما يشكله من آمان إلا أنه يعد سلبية كونه يمنع نشوء شركات ضخمة عبر الاندماج والائتلاف الذي يزيد فرص التسويق ويزيد القدرة على التنافس.
المهندس محمد غازي الحرباوي رئيس غرفة تجارة وصناعة الخليل
من جانبه، يرى نائب غرفة تجارة وصناعة الخليل عبد الحليم شاور التميمي أن هذه المدينة عرفت تاريخيا بالنشاط التجاري والصناعي، إذ كانت ممرا لقوافل التجارة وعرفت بالصناعات التقليدية منذ القدم ما يجعل الصناعة والتجارة ثقافة مترسخة لدى أبناء البلد.
غياب السياحة
يعتقد رجل الأعمال فرحات سياج، مؤسس إحدى أكبر شركات الأحذية في فلسطين وهي نيو توسيتي لتجارة وصناعة الأحذية والتي تشغل حوالي (80) موظفا، أن الخليل تعتبر مركزا للصناعة وتتميز صناعاتها بالجودة كون أبنائها بنوا خبرة في المجال. عازيا الاهتمام بالصناعة لافتقار المحافظة للمقومات الأخرى مثل الأماكن السياحية والترفيهية التي تدر دخلا جيدا وحيويا للكثير من المدن.
في حين اعتبر الحرباوي غياب السياحة في الخليل ثروة مهدورة بحق المحافظة التي تضم ثلث الأماكن السياحية في فلسطين. محملا المسؤولية بعد الاحتلال إلى الجهات الرسمية التي تهمل ترويج الخليل كمنطقة سياحية إضافة إلى ترميم الأماكن الأثرية والعناية بها وتوفير مراكز سياحية.
البلدة القديمة في الخليل أحد أضخم المعالم الأثرية في فلسطين
ويتابع: رغم أن وزارة السياحة أضافت الخليل إلى المثلث السياحي ليصبح مربعا يضم القدس واريحا وبيت لحم والخليل إلا أن الاهتمام ما زال محدودا جدا بهذه المنطقة الغنية بالمناطق الاثرية. كما انتقد بعض الفتاوى التي تمنع السياح العرب من الوصول إلى فلسطين وزيارة المدينة التي تضم الحرم الإبراهيمي أحد أهم المساجد في العالم، والذي يتعرض لكافة أشكال الانتهاكات من الاحتلال.
اقتصاد الخليل مسؤول اجتماعيا
المسؤولية الاجتماعية للشركات تجاه مجتمعها، أحد مفاهيم الاقتصاد الحديث، هو مفهوم متأصل لدى رجال الأعمال في الخليل رغم أنه قد يأخذ أسماء أخرى كالكرم أو الزكاة او مساعدة المحتاج، فهم ينتمون للمدينة التي وسم أهلها تاريخيا بالكرم.
يقول الحرباوي إن غرفة تجارة الخليل قدمت حوالي 250 ألف شيقل في إطار المسؤولية الاجتماعية لهذا العام. ما بين مساعدات لمؤسسات وجمعيات وعائلات معوزة إضافة إلى تقديم مساعدات إلى اهلنا في غزة، فخلال العدوان الإسرائلي الأخير قدمت غرفة تجاري وصناعة الخليل أكثر من 150 شاحنة جار ومجرور محملة بالمساعدات.
قلعة الاقتصاد بلا منطقة صناعية
تصنع الخليل حوالي 45% من حجم الصناعة الفلسطينية، وتنتشر مئات المصانع والورش في المناطق السكنية لافتقار المحافظة إلى منطقة صناعية تجمع هذه المصانع وتقي المناطق السكنية من الآثار الببيئة والاجتماعية الضارة لوجود المانع بين البيوت.
معرض الصناعات الوطنية- غرفة صناعة وتجارة الخليل
يحمل رئيس غرفة تجارة وصناعة الخليل الحكومة الفلسطينية المسؤولية الكبرى في تأخر إنشاء المنطقة، بعد المعيقات التي يضعها الاحتلال لمنع ذلك، كون تهيئة مناخ مناسب للصناعة واجب حكومي.
وأضاف: "منذ فترة طويلة ونحن ننادي من أجل تأسيس منطقة صناعية، ومن بضع شهور وافق الاحتلال على السماح لنا بتأسيس المنطقة على مساحة الفي دونم من اراضي منطقة ج ولكن لا يوجد موافقة مكتوبة حتى الآن والمطلوب سعي حثيث من السلطة الوطنية لإتمام الأمر".
وأشار الحرباوي إلى أن هذه المنطقة حال تأسيسها ستنعش الاقتصاد في المحافظة، وستعطيه دفعة قوية إلى الأمام إذ سستوفر بنية تحتية صناعية واراض بأسعار مقبولة ستسمح بالتوسع للشركات الكبرى ما سيزيد الانتاجية، إذ ان مصانع كثير عاجزة عن التوسع بسبب ندرة الأراضي وارتفاع اسعارها. وستساهم في زيادة التسويق كونها ستوفر بنية تحيتية صناعية ولوجستية.