الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
13 آب 2015

غزة تتخبط بسلسلة أزمات ونقص حاد في الخدمات

يظهر قطاع غزة كمنطقة منكوبة يسودها الدمار والخراب، ويتخبط سكانه بسلسلة أزمات ونقص حاد في الخدمات الأساسية بعد مرور عشرة أعوام على إعلان إسرائيل الانسحاب بشكل أحادي منه.

\

وبدأت إسرائيل في 15 أغسطس من العام 2005 تنفيذ خطة الانسحاب من قطاع غزة بعد احتلال دام نحو 38 عاما بموجب خطة بادر لها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون من دون تفاوض مع الفلسطينيين.

وبعد مرور كل هذه السنوات على الخطوة، فإن إسرائيل مازالت تواصل إحكام سيطرتها على القطاع الساحلي المكتظ بنحو مليون و750 ألف نسمة والذي يريد الفلسطينيون أن يمثل إلى جانب الضفة الغربية دولتهم العتيدة.

عمليا، تتحكم إسرائيل بمصير القطاع عبر فرضها حصارا مشددا على معابره ومنافذه البرية والبحرية وذلك في وقت شهد فيه القطاع تطورات دراماتيكية أخضعته لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

مصلحة لإسرائيل

ويبرر ناجي شراب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة الأمر، بالإشارة إلى واقع قطاع غزة الخاضع لحصار مشدد وأنهكته ثلاث حروب إسرائيلية متتالية ومزقته تداعيات الانقسام والصراع الداخلي المستمرين.

ويقول شراب لوكالة أنباء ((شينخوا))، "عند استعراض معدلات الفقر والبطالة لسكان غزة وما يعانيه القطاع من تدمير في بنيته التحتية وانهيار اقتصاده عدا عن سلسلة أزمات سياسية واجتماعية تدرك حقيقية الهدف من انسحاب إسرائيل".

ويرى أن مشروع الانسحاب "شكل هدفا في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية بعيدة المدى للتعامل مع الأراضي الفلسطينية، ومن ضمن أهدافها الواضحة كان الدفع تجاه الانقسام السياسي الفلسطيني وهو ما تحقق".

ويلوم شراب على الفلسطينيين "فشلهم باستغلال تحقق الانسحاب الإسرائيلي لصالحهم وانخراطهم في معارك داخلية ضارة بمشروعهم الإجمالي وعدم قدرتهم على بلورة نموذج حضاري سياسي اقتصادي متقدم للقطاع".

وكان الفلسطينيون يأملون أن يكون الانسحاب من غزة خطوة أولى نحو تحقيق السلام بما يؤدي لدولة فلسطينية تكون القدس عاصمتها، ووصفت السلطة الفلسطينية في حينه الخطوة بأنها أكبر هزيمة للمشروع الاستيطاني، بينما اعتبرته الفصائل المسلحة "نصرا للمقاومة" وتعهدت بالمزيد.

لكن عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل وفق مبدأ حل الدولتين ظلت متعثرة حتى اليوم، فيما تضاعف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والجزء الشرقي من مدينة غزة عدا عن تكريس الانقسام الفلسطيني الداخلي.

خطوة شكلية

شملت خطة الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب في حينها إخلاء 21 مستوطنة في قطاع غزة، إضافة إلى أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية وتم الإجلاء قسرا للمستوطنين الرافضين للرحيل.

وأظهر استمرار الحصار الإسرائيلي لاحقا على قطاع غزة والتحكم في كل ما يدخل إليه ويخرج منه تقريبا، أن القطاع لايزال منطقة محتلة بحسب المحلل السياسي من غزة أكرم عطاالله.

ويقول عطاالله ل((شينخوا))، إن الانسحاب الإسرائيلي اتضح أكثر أنه "خطوة شكلية" بدليل مواصلة إسرائيل حصارها للقطاع، وشن عمليات عسكرية منتظمة فيه استخدمت فيها قوة قتل وتدمير مفرطة وغير مسبوقة.

وبعد مرور عشرة أعوام على الانسحاب الإسرائيلي يرى عطاالله، أن الوضع في غزة وصل إلى "طريق شبه مسدود" بسبب التفاقم الحاد في الأوضاع المعيشية، مقدرا بأن الوضع حاليا في القطاع "يفوق في سوئه فترة الاحتلال الإسرائيلي نفسها".

وبدأت إسرائيل بفرض قيود وحصار على الوضع في غزة عقب فوز حركة (حماس) في الانتخابات التشريعية التي أجريت في يناير 2006، ثم شددته بشكل غير مسبوق بعد ذلك بعام أثر سيطرة الحركة على الأوضاع في القطاع بالقوة بعد جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.

واعتبرت إسرائيل عقب ذلك بشهور قطاع غزة "كيانا معاديا" وواصلت فرض حصارها المشدد الذي تسبب بحسب منظمات حقوقية إلى ارتفاع قياسي في معدلات الفقر والبطالة.

وفي يوليو عام 2010 أدخلت إسرائيل تسهيلات على حصارها لغزة استجابة لضغوط دولية عقب هجومها على سفن (أسطول الحرية) الدولية لكنها أبقت على سيطرتها على معابر القطاع وجوهر الحصار قائما.

إلى جانب ذلك شنت إسرائيل ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق الأولى نهاية العام 2008 وبداية عام 2009، والثانية في نوفمبر 2012 وصولا إلى الهجوم الأخير في يوليو وأغسطس من صيف العام الماضي لخمسين يوم متواصلة.

ووصف الهجوم الإسرائيلي الأخير بالأعنف خصوصا لجهة الدمار الهائل الذي خلفه في البني التحتية للقطاع، إلى جانب تدمير أكثر من 18 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، وأكثر من 30 ألفا بشكل جزئي.

كما يعاني قطاع غزة من استمرار أزمة تعثر جهود المصالحة الفلسطينية وعدم بسط حكومة الوفاق الوطني سيطرتها على الأوضاع فيه مع استمرار خلافاتها مع حركة حماس.

كيان منفصل

يخشى مراقبون فلسطينيون أن تدفع عمليات إسرائيل العسكرية المتتالية وإجراءات الحصار المفروض على قطاع غزة إلى جانب استمرار الانقسام الداخلي في تحويل قطاع غزة إلى كيان منفصل ما يقوض فرص قيام الدولة الفلسطينية.

ويدللون على ذلك بتصاعد الحديث منذ شهور عن جهود دولية متقدمة للتوصل إلى اتفاق تهدئة طويلة بشكل ثنائي في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس يقوم على رفع الحصار عن القطاع.

ولم تنف حماس "تلقيها أفكارا" للتوصل إلى اتفاق تهدئة لكن عددا من مسؤوليها أكدوا أن أي خطوة على هذا الصعيد ستكون مرتبطة بالتوافق الوطني وألا تؤدي لتكريس فصل غزة عن الضفة الغربية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي من غزة طلال عوكل أن أبرز أهداف إسرائيل من انسحابها الأحادي من القطاع هو الدفع باتجاه تحويله إلى كيان منفصل بحيث تقام عليه الدولة الفلسطينية فقط.

ويشير عوكل ل((شينخوا))، إلى أنه كان يفترض أن يكون الانسحاب الإسرائيلي بداية مرحلة يتقدم الفلسطينيون فيها لانتزاع المزيد من الحقوق لكن المخطط الإسرائيلي نجح بمصادرة المزيد من هذه الحقوق.

ويقول إنه "منذ الانسحاب من غزة وحتى الآن، فإن الحالة الفلسطينية في تراجع وتدهور مستمرين ليس فقط على مستوى العلاقات الداخلية وتداعياتها وإنما كذلك على صعيد مجابهة مخططات إسرائيل وفرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة".

ويضيف أن "الأخطر من كل ما جرى منذ الانسحاب الإسرائيلي وحتى الآن هو إمكانية نجاح إسرائيل في تحويل قطاع غزة إلى كيان منفصل ما يعني تدمير المشروع الوطني الفلسطيني برمته".

ويشدد عوكل، على أن "الخلاص من تداعيات الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وما ترتب عليه من واقع فلسطيني ضعيف لا بد أن يكون بالمصالحة الداخلية واعتماد استراتيجيات جديدة لتقوية العامل الذاتي الفلسطيني".

(شينخوا)

مواضيع ذات صلة