140 ألف طير.. خسائر غزة من موجة الحر الأخيرة
يعتبر قطاع تربية الطيور في قطاع غزة أحد أهم أعمدة الاقتصاد تعتاش منه نحو 10 آلاف أسرة. والآن، بعد الخسائر الفادحة التي تبكدها ذلك القطاع نتيجة موجة الحر يأمل مربو الدواجن ان يتم تعويضهم من الجهات المختصة.
غزة- بوابة اقتصاد فلسطين| أسامة الكحلوت، استقبل مربو الدجاج، موجة الحر الأخيرة على وقع عدم انتظام التيار الكهربائي ونقص الأدوات اللازمة للحفاظ علي درجات الحرارة ما أدي إلي نفوق 140 الف طير.
صعوبة تطبيق الإرشادات
وقبيل موجة الحر، نشرت وزارة الزراعة إرشادات لحماية الطيور. بالنظر اليها يلاحظ اعتمادها على المياه الباردة التي تحتاج لكهرباء وعلى أدوات خاصة قد لا تتوافر لدى جميع مربي الدواجن.
وجاء في الإرشادات "وضع رشاشات مياه على سطح المزارع وخلال فترة الظهيرة، رش مياه التبريد باستمرار، وضع قوالب ثلجية في مياه الشرب للدواجن وفي خزانات المياه، عمل كاسر لأشعة الشمس لحجبها عن سطح المزرعة، وضع رشاشات داخلية تقوم برش رذاذ خفيف لتبريد الجو كل ساعة داخل المزرعة".
تلك الإرشادات، على ما يبدو، لم تقنع ناهض عبيد (52 عاما) صاحب مزرعة دواجن في شرق مخيم جباليا، نظرا للخسائر التي يتكبدها سنويا رغم اتباعه للإجراءات الوقائية، لذا فضل بيع الدجاج الكبير قبل "الموجة" والاحتفاظ بـ10000 دجاجة صغيرة.
وبالفعل، وجد عبيد ما حسبه، فرغم التزامه بالإجراءات إلا أن عدد الدجاج الذي نفق خلال الموجة وصل يوميا الى 25 دجاجة بينما ينفق عادة 10 دجاجات فقط.
لم يختلف حال رامي صبيح (36 عاما) عن سابقه، فقد لحقت به خسارة كبيرة حيث نفقت 1200 دجاجة من أصل 4000، لعدم جاهزية مزرعته لهذا الارتفاع في درجات الحرارة.
ولم يتمكن صبيح من تبريد وتنظيف الجو داخل المزرعة لارتفاع هذه التكاليف وعدم وجود مولد كهربائي لديه. وأضاف "لا يوجد لدي رشاشات مياه وغطاسات ومياه، ولم اتمكن من السيطرة على المزرعة، وكنا نحتاج لرش المياه كل ساعة على الدجاج الذى يصل عمره لأكثر من شهر ولا يتحمل هذه الحرارة".
واوضح صبيح أنه يعمل في مزرعة والده برفقة أشقائه للتخفيف من تكاليف المزرعة والعمال، إلا أن هذا التوفير انعكس سلبيا عليهم بعد خسارتهم هذا الموسم في الدجاج في ظل أسعار بيع منخفضة.
ويؤثر الحر على الدجاج لشربها كميات كبيرة من المياه والابتعاد عن الأعلاف، وبذلك لن تصل لوزن 1700 جرام وهو الوزن المطلوب لبيعها، وتصل أوزانها في الحر إلى 1300 جرام فقط.
وكما هو الحال لدى المواطن عبد العزيز أحمد (30 عاما)، صاحب مزرعة دواجن شمال قطاع غزة، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة لنفوق 100 دجاجة يوميا من مزرعته من إجمالي 2300 دجاجة في مزرعته.
وسيضطر لبيع ما تبقى من دجاج لديه بأسعار زهيده حيث سيقوم باحتساب كيلو الدجاج بسبعة شواكل، وبذلك يكون انتهى موسمه بدون أي أرباح تذكر، بل بخسارة يصل مقدارها الى 1500 دينار أردني، مطالبا الحكومة بتعويض مزارعي الدواجن عن خسارتهم.
آثار ارتفاع درجات الحرارة
قال الدكتور البيطري نائل السعدي، المشرف على مزارع الدواجن في منطقة شمال قطاع غزة، أن الدجاج اللاحم الذي يستخدم للمائدة مناعته ضعيفة، ولا يحتمل انخفاض أو ارتفاع الحرارة بدرجات كبيرة.
وأضاف، تعرضت المزارع لأضرار مباشرة ونفوق الدواجن وذلك مع ارتفاع درجات الحرارة وقلة رش المزارع بالمياه، أضافة إلى أضرار غير مباشرة تكمن في إصابة بعض الطيور بأمراض مثل "الرشح" و"ايكولا" مشيرا إلي أن هذه الأمراض أدت إلي نفوق ما يقارب 15 بالمئة من إجمالى الدواجن في كل مزرعة.
وأشار السعدي إلى أن إدارته قدمت توعية للمزارعين قبل موجة الحر ومن خلال خبرتهم في السنوات الماضية في التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة، وتم اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة لتبريد الدواجن ورش أسطح المزارع بالمياه، ولكن قلة هذه الإمكانيات لدى بعض المزارع أدى لخسائر كثيرة لديهم، وفقا لاقواله.
نصائح وإرشادات
وقال السعدي أن أبرز طرق الوقاية خلال موجات الحر هي وضع رشاشات مياه على سطح المزارع وخلال فترة الظهيرة خاصة عندما يكون سطح المزرعة من الإسبست أو الزينكو، ورش مياه التبريد باستمرار ووضع قوالب ثلجية في مياه الشرب للدواجن وفي خزانات المياه، وعمل كاسر لأشعة الشمس لحجبها عن سطح المزرعة، ووضع رشاشات داخلية تقوم برش رذاذ خفيف لتبريد الجو كل ساعة داخل المزرعة.
إحصائيات وارقام
قال مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة، المهندس طاهر أبو حمد، إنه يتواجد في قطاع غزة ما يقارب 1500 مزرعة تنتج شهريا 2 مليون و200 الف دجاجة بمعدل 22 مليون دجاجة سنويا، موضحا أنها تكفي لقطاع غزة، ولا يتم التصدير منها للخارج نتيجة إغلاق المعابر.
وأشار إلى أن نسبة النفوق وصلت من 5-7 بالمئة نتيجة موجة الحر الأخيرة، بمعدل 140 ألف طير. واعتبر أنها نسبة مقبولة.
وأضاف "هناك نسبة نفوق فعلية في المزارع علي الرغم من سهر المزراعين وتواجدهم داخل مزارعهم فى الليل والنهار، وتم تجاوز موجة الحر بنسبة خسائر مقبولة ومحدودة. لكن نخشى أن لا يصمد المزارع أمام موجة الحر القادمة ، كما قام البعض منهم ببيع الدجاج قبل الوصول للوزن المطلوب تجنبا لخسارة أكبر في الأيام المقبلة التي قد تشهد خسائر فعلية نتيجة الموجة".
وتابع أبو حمد "وصل سعر كيلو الدجاج الى 11 شيكل في قطاع غزة، بسبب موجة الحر ووجود أزمة الكهرباء، ورفع سعر التكلفة لدى المزارعين بعد تشغيل المولدات الكهربائية".
أهمية كبيرة.. ودعم ضعيف
أوضح أبو حمد أن هذا القطاع يستهلك 10 آلاف طن علف يوميا للدواجن، وتعتبر من الاقتصاديات الهامة حيث يعتاش من هذا العمل أكثر من عشرة آلاف أسرة في قطاع غزة.
وأضاف، أن هناك زيادة انتاجية في الدجاج البياض بقطاع غزة، ما أدى لانخفاض سعر كرتونة البيض إلى 10 شيكل في حين يباع في الدول المجاورة بـ 20 شيكل، وبذلك يشكو هذا القطاع من الخسارة.
ورغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم إلا أنه لم يتم فتح باب التسجيل للخسائر للمزارعين من أي مؤسسة محلية في قطاع غزة، وأشار مدير المشاريع في اتحاد لجان العمل الزراعي، المهندس بشير الأنقح، أن إدارته ستقرر في اجتماع مقبل إذا كان سيتم فتح الباب لتسجيل الأضرار للمزراعين من عدمه.