الأمن الدوائي في فلسطين على حافة الانهيار: أزمة الحكومة المالية تخنق قطاع الأدوية
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
في ظل الحصار المالي والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، يجد قطاع الأدوية نفسه في مواجهة أزمة غير مسبوقة تهدد الأمن الدوائي. مديونيات الحكومة المتراكمة لشركات الأدوية والمستوردين تجاوزت مليار شيكل، مما أدى إلى نقص حاد في الأدوية، زعزعة مالية الشركات، وتباطؤ عمليات التوريد. في هذا التحقيق، نسلط الضوء على أبعاد الأزمة وتأثيراتها على المرضى، المستشفيات، والصيدليات، من خلال شهادات حصرية لمسؤولين وخبراء في قطاع الصحة.
حجم المديونية وأسباب تفاقمها
وفقًا لمدير عام اتحاد الصناعات الدوائية، عوف عوض الله، فإن ديون قطاع الأدوية تُعد ثاني أكبر مديونية على خزينة الدولة بعد تكاليف التحويلات الطبية، مما سيؤثر على قدرة الشركات على التوريد، ويهدد استقرارها المالي وإنتاج الأدوية المطلوبة لوزارة الصحة. كما قد تعجز قريبًا عن شراء المواد الخام أو استيراد الأدوية، ما يؤدي إلى نقصها وارتفاع فاتورة التحويلات الطبية.
وأشار عوض الله إلى أن المديونية الحالية تعرقل التزام الشركات بالعطاءات، خاصة المطروحة لعام 2025، مما يزيد أزمة التوريد ويؤثر على الملاءة المالية. استمرار نقص الأدوية والمستلزمات يهدد حياة المواطنين ويحرمهم من أبسط حقوقهم العلاجية، ما قد يرفع فاتورة التحويلات العلاجية بشكل خطير.
ويرتبط ذلك بما أشار إليه رئيس اتحاد الصناعات الدوائية، د. رامي قطب، بأن "الشركات الصغيرة والمتوسطة لم تعد قادرة على المشاركة في العطاءات الحكومية، لأن طول فترة السداد وعدم وضوح الوضع المالي يجعل المخاطرة عالية جدًا." وأوضح قطب أن المديونية المتزايدة أدت إلى تراجع عدد الشركات القادرة على المنافسة في عطاءات وزارة الصحة، مما يزيد من أزمة التوريد ويؤثر على توفر الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي السياق ذاته، يؤكد مهند حبش، مدير اتحاد موردي الأدوية، أن وزارة المالية تدفع 30 مليون شيكل شهريًا فقط، وهو ما لا يغطي سوى 3% من المستحقات، ما يجعل الشركات غير قادرة على الاستمرار في التوريد. ويحذر حبش من أن توقف البنوك عن منح القروض يهدد بانهيار القطاع الدوائي، خاصة مع استنزاف الشركات بسبب الفوائد البنكية المرتفعة، حيث تجاوزت فوائد القروض لبعضها عشرات الملايين من الشواكل سنويًا.
ويشير حبش إلى أن تفاوت القدرات المالية بين الشركات يحدد استمراريتها، لكن عند نفاد السيولة، تصطدم بجدار التمويل، مما يمنعها من شراء الأدوية المطلوبة لوزارة الصحة. ويضيف: "نستطيع الالتزام إلى حد معين، ولكن بعد استنفاد الموارد المالية، يصبح الاستمرار مستحيلًا. حتى أكبر الشركات وصلت إلى مرحلة حرجة، وإذا لم تُحل الأزمة، قد نضطر إلى وقف التوريد بالكامل."
ويؤكد قطب أن الاتحاد تواصل مرارًا مع الحكومة عبر وزارة الصحة، ورئاسة الوزراء، ووزارة المالية، مقترحًا حلولًا عدة، لكن لم يُتخذ أي إجراء فعلي يخفف من الأزمة. ويضيف: "توجهنا للحكومة عشرات، بل مئات المرات، سواء عبر وزارة الصحة أو من خلال رئيسي الوزراء السابق والحالي، وكذلك وزارة المالية. وعرضنا على الوزارات والمسؤولين في الجهات المختلفة عدة آليات وحلول لحل هذه الأزمة، لكن للأسف، لم يكن هناك أي إجراء فعلي على الأرض يخفف من حجمها."
تأثير الأزمة على توفير الأدوية
يؤكد تقرير رسمي صادر عن وزارة الصحة أن 16.6% من الأدوية الأساسية في مستودعاتها نفدت تمامًا، مع نقص حاد في المستلزمات الطبية والمخبرية، حيث وصل المخزون في بعض الفئات إلى الصفر. هذا النقص تفاقم، وفقًا لنقيب الصيادلة د. أيمن خماش، بسبب الإغلاقات والحواجز الإسرائيلية التي أخرت وصول الشحنات إلى المستودعات والصيدليات. وأضاف خماش أن بعض الشركات اضطرت إلى وقف تزويد الصيدليات بالأدوية نتيجة تراكم الديون، ما أدى إلى تراجع المبيعات وإغلاق بعض الصيدليات بسبب الخسائر المالية المتراكمة.
ويشير خماش أيضًا إلى أن تأخر وزارة الصحة في صرف مستحقاتها لشركات الأدوية فاقم الأزمة، حيث تعتمد هذه الشركات على قروض مصرفية لدخول العطاءات، مما يزيد من أعبائها المالية بسبب الفوائد البنكية المرتفعة. في السياق ذاته، يؤكد مهند حبش أن أكثر الأصناف تضررًا تشمل أدوية السرطان، زراعة الأعضاء، أمراض الدم، والعمليات الجراحية، محذرًا من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات بين المرضى الذين يعتمدون على هذه العلاجات. كما يشير حبش إلى أن العطاءات المطروحة حاليًا تواجه تحديات إضافية بسبب التزامات مالية سابقة، فضلًا عن أن عملية تجهيز العطاءات تستغرق وقتًا، مما يؤدي إلى تفاقم نقص الأدوية خلال هذه الفترة الانتقالية.
من جهته، يؤكد يوسف تكروري، رئيس اتحاد المستشفيات الأهلية والخاصة في فلسطين، أن الأزمة المالية أثرت بشكل مباشر على تقديم الخدمات الطبية، حيث باتت المستشفيات تعاني من نقص في الأدوية والمستلزمات الضرورية. ويشير إلى أن الموردين أصبحوا يشترطون الدفع المسبق بسبب نقص السيولة النقدية، مما يعيق عمليات التوريد. ويوضح أن هذا النقص لا يعني نفاد المخزون بالكامل، بل عدم القدرة على تعويض ما يتم صرفه أو استخدامه لعلاج المرضى، مما يجعل الخدمات الطبية مهددة بالتوقف الجزئي أو الكلي.
ويضيف تكروري أن المستشفيات وصلت إلى مرحلة باتت فيها عاجزة عن توفير أدوية الأورام، التخدير، وأمراض القلب، بالإضافة إلى مستلزمات العمليات والقسطرة والأجهزة المنظمة لعمل القلب، وهي أمثلة فقط على ما تعانيه المنظومة الصحية. وأوضح أن التأخير أو تغيير مواعيد العلاج للمرضى يخلق حالة من الاستياء، في حين تحاول المستشفيات الاستمرار في تقديم الخدمات رغم الصعوبات، لكنها أحيانًا تضطر إلى اختيار الحالات التي ستتلقى العلاج بناءً على تقييم طبي، حيث تعمل وفق خطة طوارئ وليس في ظروف طبيعية.
ويؤكد تكروري أن المستشفيات مصرة على القيام بواجبها الإنساني رغم التحديات، لكن إذا لم تُحل الأزمة المالية، فسيصبح التوقف القسري عن تقديم الخدمات أمرًا لا مفر منه. وأضاف: "كنا في السابق نلجأ إلى الإضرابات، ولكن في ظل الظروف الراهنة والهجمة الشرسة على الشعب الفلسطيني، لن نلجأ إلى ذلك وسنستمر في تقديم الخدمات وفق الإمكانيات المتاحة."
في المقابل، يوضح حبش أن هناك اتهامات تُوجه للموردين بأنهم يفضلون البيع للسوق الخاص لأنه يوفر سيولة نقدية مباشرة، في حين أن البيع للحكومة لا يمنحهم التدفق المالي نفسه. لكنه يؤكد أن الموردين بحاجة إلى هذه السيولة لتمويل عملياتهم، وإذا حُرموا من البيع في السوق الخاص، فهذا يعني أنهم سيحرمون أنفسهم والحكومة من القدرة على توفير الأدوية المطلوبة، مما يفاقم الأزمة أكثر.
ارتفاع تكاليف الإنتاج وتأثيرها على الأسعار
في ظل هذه الأزمة، اضطرت شركات الأدوية إلى الاقتراض بفوائد مرتفعة لتغطية تكاليف الإنتاج، مما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف التشغيل. وبحسب د. رامي قطب، فإن الشركات لا تستطيع رفع الأسعار لتعويض خسائرها، لأن الحكومة تفرض تسعيرة ثابتة على الأدوية. ويقول: "نحن مطالبون ببيع الأدوية للحكومة بأسعار ثابتة، رغم أن تكاليف الإنتاج ارتفعت بسبب زيادة أسعار المواد الخام، أجور العمال، وتكاليف الشحن. في المقابل، الحكومة لا تدفع مستحقاتها في الوقت المحدد، مما يجبر الشركات على الاقتراض من البنوك لتمويل شراء الأدوية، وهو ما يضيف تكاليف فوائد ضخمة على الشركات الفلسطينية."
ويشير قطب إلى خطورة هذا الوضع، مؤكدًا أنه يهدد مستقبل الصناعة الدوائية الفلسطينية، مضيفًا: "ناقشنا هذه المخاطر مع وزيرة الصحة، ووكلاء الوزارة، ووزير المالية، لكن حتى الآن، لم يتم اتخاذ أي إجراءات عملية لحل الأزمة."
من جانبه، يوضح مهند حبش أن رفع أسعار الأدوية في العطاءات ليس بهذه السهولة، إذ يتطلب الحصول على اعتماد للأسعار التي يتم البيع بها في السوق الخاص، وهو ما يستلزم تقديم وثائق رسمية لاعتماد سعر الدواء، بما في ذلك شهادات التسعير. ويضيف أن عند تسجيل أي دواء جديد أو مرور خمس سنوات على تسجيله، تحدد وزارة الصحة سعره من خلال دائرة السياسات الدوائية، ليصبح السعر المعتمد في السوق الخاص والعطاءات الحكومية.
أما بالنسبة للعطاءات الحكومية، يوضح حبش أن الشركات تحصل على أسعار خاصة من الشركات الأم، وعادةً ما تكون هذه الأسعار أقل بكثير من الأسعار المعتمدة في السوق الخاص. ويضيف: "صدر مؤخرًا كتاب من وزارة الصحة يطلب من الشركات ألا يزيد سقف أسعار العطاءات عن 80% من سعر التكلفة، أي لا يتجاوز 80% من سعر التكلفة على الصيدلي."
وفيما يتعلق ببيع الأدوية للصيدليات، يوضح حبش: "نبيع بسعر محدد يتضمن هامش ربح محسوب مسبقًا من الشركة الأم، لكن فترة السداد تكون على حسابنا، وليس على حساب الاتفاق مع الشركة الأم. وعادةً، لدينا اتفاقات مع الشركات الأم على الدفع خلال 90، 120، أو حتى 180 يومًا، أي أننا مطالبون بتسديد قيمة المشتريات خلال هذه الفترات."
ويؤكد حبش أنه في ظل هذه الشروط، فإن الأسعار في العطاءات محسوبة بدقة، ولا يوجد أي مجال للمناورة أو رفع الأسعار بشكل متعمد كما يُدَّعى. كما يشير إلى أن قانون الشراء العام يمنع تجاوز 10% من السعر الذي تم تقديمه في العطاءات السابقة.
من جانبه، يؤكد عوض الله أن هناك نظام تسعير واضحًا للأدوية، يتمثل في "تعليمات تسعير الأدوية رقم (4) لسنة 2023"، الصادر عن وزير الصحة والمعتمد من مجلس الوزراء، والذي يحدد أسعار الدواء سواء بالرفع أو التخفيض، دون أي علاقة بموضوع المديونية.
أما قطب، فيوضح أن الأسعار يتم تحديدها حكوميًا وفق منهجية متفق عليها، مما يعني أن أسعار بعض الأدوية، مثل المسكنات، تحددها الحكومة، ولا يمكن تعديلها لتعويض نقص المدفوعات. ويضيف أن المشكلة تكمن في أن المواطن الفلسطيني يحصل على الأدوية بسعر ثابت، في حين أن الحكومة تشتري الأدوية من الشركات الفلسطينية والموردين بسعر ثابت أيضًا، لكن الموردين والمصنعين هم من يتحملون الخسائر الناتجة عن ارتفاع الأسعار عالميًا.
المرضى أمام خيارات صعبة
مع تفاقم النقص الحاد في الأدوية، بات المرضى يواجهون صعوبات متزايدة في تأمين علاجاتهم الأساسية، مما يدفع البعض إلى شراء الأدوية من السوق الخاص بأسعار مرتفعة، بينما يلجأ آخرون إلى تقليل الجرعات لإطالة فترة استخدام الدواء قدر الإمكان. يصف خماش التغير في عادات شراء الدواء قائلاً: "بسبب الأزمة الاقتصادية، أصبح المرضى يشترون الأدوية بكميات أقل، فبدلًا من شراء العلبة الكاملة، يكتفون بشريط واحد، على أمل العثور عليه لاحقًا بسعر أقل."
وفي السياق ذاته، يشير تقرير صادر عن وزارة الصحة إلى أن نقص الأدوية أجبر المستشفيات على تحويل المرضى للعلاج في المستشفيات الخاصة، مما أدى إلى ارتفاع فاتورة التحويلات الطبية وزيادة العبء المالي على الحكومة والمواطنين.
محاولات لإنقاذ القطاع الدوائي
يؤكد عوض الله أن تأخر السداد يخلق تحديات كبيرة، من أبرزها انخفاض المخزون الدوائي، ومعاناة المستشفيات في تأمين الأدوية الحيوية، مما يهدد استمرارية العلاج، خصوصًا في أقسام الطوارئ والعناية المركزة. كما يؤدي عجز الموردين عن توفير الأدوية في الوقت المحدد إلى فجوات في توافر بعض الأصناف الضرورية، ما يضطر المستشفيات إلى الاعتماد على بدائل قد تكون أعلى تكلفة، بالإضافة إلى ارتفاع التحويلات الطبية للخارج، مما يزيد من الأعباء المالية على القطاع الصحي الحكومي.
ويحذر عوض الله من أن استمرار الأزمة يهدد الأمن الدوائي الفلسطيني، ويؤثر مباشرة على صحة المواطنين، مما يستدعي حلولًا عاجلة لضمان استقرار الإمدادات الدوائية. ورغم عدم اتخاذ أي إجراءات حتى الآن، مثل وقف الإنتاج أو رفع الأسعار، فإن استمرار تراكم المديونية سيؤثر بشكل كبير على الملاءة المالية للشركات، ويحدّ من قدرتها على إنتاج بعض الأصناف المطلوبة لوزارة الصحة، فضلًا عن عجزها عن شراء المواد الخام أو استيراد الأدوية، مما سيؤدي إلى تفاقم النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي ظل هذه الأزمة، اقترح اتحاد الصناعات الدوائية عدة حلول للخروج من هذا المأزق، من بينها حصول الحكومة على قرض بنكي لسداد المستحقات المتراكمة، على أن تلتزم الشركات بدفع الفوائد لمدة عام، بالإضافة إلى البحث عن ممولين خارجيين، مثل الصناديق العربية أو الجهات الدولية، للمساعدة في تغطية الديون. كما شدد الاتحاد على أهمية تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الأدوية المستوردة، خاصة أن نسبة التصنيع المحلي في فلسطين لا تزال أقل من 50%، مقارنةً بـ 90% في بعض الدول مثل الجزائر وسوريا.
يشار الى أن الموازنة العامة 2025 أقرت تخصيص 247 مليون شيكل اضافي لشراء الأدوية تبعا للنقص القائم، وهذا موثق في مشروع الموازنة العامة.
ورغم هذه المقترحات، لم تُتخذ حتى الآن أي خطوات ملموسة لتنفيذها، مما يبقي الأزمة مفتوحة على سيناريوهات أكثر سوءًا قد تهدد مستقبل القطاع الدوائي برمته.
هل ينهار القطاع الدوائي؟
يرد حبش على تأخر الحكومة في دفع المستحقات محذرًا: "لا يوجد التزام غير منتهٍ. حتى أكبر الشركات وصلت إلى مرحلة حرجة، والبنوك توقفت عن منح القروض، مما يهدد قدرة الشركات على الاستمرار." وأضاف أن المفاوضات مع الحكومة لجدولة الديون مستمرة، لكن في حال عدم التوصل إلى حلول، ستضطر الشركات لاتخاذ إجراءات حاسمة.
وفي هذا السياق، يشير قطب إلى أن تعزيز التصنيع المحلي يمكن أن يكون أحد الحلول لتخفيف الاعتماد على الاستيراد وتقليل تأثير الأزمة المالية على قطاع الأدوية. وأوضح أن اتحاد الصناعات الدوائية قدّم خلال الحكومة السابقة ورقة تتضمن ثماني إلى تسع نقاط لتعزيز المحتوى المحلي في تصنيع الأدوية، وجرى تقديم الورقة ذاتها في بداية عهد الحكومة الحالية. ورغم التواصل المستمر مع الوزارات المختلفة، لا تزال هناك فجوة في وجود استراتيجية واضحة لتعزيز الصناعة الدوائية الوطنية.
من جانبه، يؤكد عوض الله أن الأدوية الأكثر تأثرًا بتأخر السداد هي تلك التي تعتمد على مواد خام مستوردة أو تتطلب عمليات تصنيع معقدة، مثل أدوية القلب، الضغط، والسكري، التي تحتاج إلى توريد مستمر لضمان عدم انقطاع العلاج. كما أن المضادات الحيوية واسعة الطيف، الضرورية لعلاج الالتهابات، قد يؤدي نقصها إلى مضاعفات صحية خطيرة.
ويضيف عوض الله أن تأخر الحكومة في السداد يجبر الشركات على إعادة ترتيب أولوياتها المالية، حيث تُوجه معظم الموارد نحو تغطية التكاليف التشغيلية الأساسية، مثل شراء المواد الخام وسداد الالتزامات للموردين، بدلًا من استثمارها في المشاريع التطويرية. كما أن نقص السيولة المالية يحدّ من القدرة على تحديث المعدات وتحسين الجودة، مما يضعف التنافسية محليًا ودوليًا.
وفي ظل هذه التحديات، يوضح عوض الله أن الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور محمد مصطفى ركّزت جهودها على الاستدامة المالية وإيجاد حلول مؤقتة للتعامل مع مديونية قطاع الأدوية، نظرًا للظروف الراهنة، بهدف الحد من تأثير الأزمة على استمرار توفير الأدوية والمستلزمات الطبية.
ويتفق مع هذا الرأي تكروري، الذي يشير إلى أن المستشفيات لجأت للاستدانة والاقتراض من البنوك لتمويل شراء الأدوية والمستلزمات الطبية، لكنها وصلت إلى الحد الأعلى المسموح به، ولم تعد قادرة على الاقتراض مجددًا، مما يضعها أمام تحدٍ خطير قد يؤدي إلى توقف الخدمات الطبية بشكل جزئي أو كلي، إذا لم تُحل الأزمة المالية في القريب العاجل.