الدولار في مهبّ رياح التهديدات الجيوسياسية: ترامب يعيد تشكيل مستقبل الهيمنة النقدية
في مقال نُشر في مجلة الشؤون الخارجية الأميركية، أشار كاتبه إلى أن سياسات ترامب "الاقتصادية الشعبوية"، التي تتضمن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق وتسليح النفوذ الاقتصادي، تُعد أكبر تهديد حالي للدولار كعملة احتياطية عالمية. فبينما يسعى ترامب لتعزيز "أميركا أولاً"، قد تنقلب النتيجة على عكس التوقعات: إضعاف الدولار وفقدان الثقة العالمية في الاقتصاد الأميركي.
لا منافس مباشر... ولكن!
رغم التهديدات، لا توجد عملة حالياً قادرة على منافسة الدولار بشكل كامل. لا يزال اليورو يعاني من ضعف التماسك المالي الأوروبي، بينما يفتقر اليوان الصيني إلى الأسواق الحرة وسيادة القانون. أما العملات المشفرة والذهب، فليست سوى أدوات تخزين للقيمة، لا تتمتع بالاستقرار والسيولة المطلوبتين.
ومع ذلك، فإن سياسات ترامب تُضعف ثقة الأسواق في الأصول الأميركية. التهديد بفرض عقوبات اقتصادية موسّعة، وانعدام الاستقرار السياسي، وتراجع استقلالية البنك الفيدرالي، كل ذلك يُسهم في زعزعة الثقة التي قام عليها "النظام الدولاري" لعقود.
تداعيات عالمية لانهيار ممكن
إذا فقد الدولار مكانته، فإن الضرر لن يقتصر على أميركا وحدها. ستتأثر التجارة العالمية، وقد تتباطأ عجلة النمو الاقتصادي، ويُتوقع ارتفاع تكاليف التمويل الدولية. كما ستفقد الولايات المتحدة مزايا اقتصادية وجيوسياسية مهمة، أبرزها قدرتها على فرض العقوبات الفعالة وتمويل ديونها بتكلفة منخفضة.
ويحذر المقال من أن استمرار إدارة ترامب في سياساتها الحالية قد يُفضي إلى إعادة تشكيل البنية التحتية المالية العالمية بعيدًا عن الدولار، خاصة في ظل توسع نظام الدفع الصيني البديل "CIPS"، وتنامي العلاقات التجارية للصين مع ثلثي بلدان العالم.
عملة الاحتياط ليست قدرًا محتومًا
يُختتم المقال بتأكيد أن الهيمنة النقدية ليست أبدية ولا قدرًا، بل تُبنى وتُهدم بالاختيارات السياسية والاقتصادية. فإذا تراجعت مكانة الدولار، فإن ذلك لن يكون نتيجة مؤامرة خارجية، بل بفعل سياسات داخلية "قصيرة النظر" تقودها إدارة ترامب نفسها، على حد وصف الكاتب.