الرئيسية » الاخبار الرئيسية » محلي » في دائرة الضوء » آخر الأخبار »
 
14 نيسان 2025

حزمة الدعم الأوروبي للسلطة الفلسطينية .. دعم مشروط في مواجهة أزمة مالية مزمنة

بوابة اقتصاد فلسطين

رام الله- حسناء الرنتيسي

في خضم أزمة مالية متفاقمة تعاني منها الحكومة الفلسطينية منذ سنوات، تتجه الأنظار إلى ما بات يُعرف بـ"حزمة الأمان المالي" الأوروبية.

وقالت مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الشرق الأوسط إن الاتحاد سيقدم دعما ماليا للسلطة الفلسطينية بحزمة مساعدات على مدى ثلاث سنوات تبلغ قيمتها نحو 1.6 مليار يورو (1.8 مليار دولار).

وقالت دوبرافكا سويكا، إن الدعم المالي سوف يسير جنباً إلى جنب مع إصلاحات السلطة الفلسطينية.

بالتوازي مع جهود الحصول على دعم خارجي، تسعى الحكومة الفلسطينية إلى تنفيذ خطة إصلاح مالي شاملة أعلن عنها وزير المالية عمر البيطار، بهدف تقليص العجز وتعزيز الاستقرار المالي. وتشمل الخطة أربعة محاور رئيسية:

  1. تقوية جهاز الجباية الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي.
  2. مراجعة وتحديث قوانين الضرائب لتعزيز الإيرادات دون زيادة نسب الضرائب.
  3. إدخال نظام جديد للضريبة على القيمة المضافة (VAT) اعتباراً من الأول من يونيو 2025، لتوسيع قاعدة المكلفين، خصوصاً في ظل تنامي التجارة الإلكترونية.
  4. مكافحة الفساد الإداري وتحسين الأداء المالي من خلال الرقابة المؤسسية وتفعيل المساءلة.

وأمام هذه التفاصيل نتساءل إلى أي حد سيساهم الدعم الأوروبي في حل الأزمة المالية وأيضا ما المطلوب داخليا لتحقيق إصلاحات حقيقية يشعر بها المواطن وتؤثر في الموازنة؟

توزيع الحزمة وأثره على الرواتب

أوضحت المفوضية الاوروبية ان الدعم سيتوزع بين 620 مليون يورو ستذهب إلى الدعم المالي وإصلاح السلطة الفلسطينية، و576 مليون يورو لـ"المرونة والتعافي" في الضفة الغربية وغزة، و400 مليون يورو ستأتي في شكل قروض من بنك الاستثمار الأوروبي.

ووفقا لتلك الأرقام فان الدعم المخصص للخزينة العامة سيصل شهريا إلى 17.2 مليون يورو أي ما يقارب من 70 مليون شيكل فقط ليكون الإجمالي على مدار ثلاث سنوات 620 مليون يورو.

 ووفقا لخبراء فان عدم وجود انفراجة واضحة في الوضع المالي فان التقديرات تمير إلى استمرار صرف 70% فقط من رواتب الموظفين في الأشهر المقبلة، ما لم تُؤمّن مصادر تمويل إضافية أو تُنفّذ تسويات مالية عاجلة مع شركات الكهرباء والهيئات المحلية.

خطط الاصلاح

يرى خبراء أن أزمة المالية العامة ليست مجرد أزمة تمويل، بل تعكس اختلالاً هيكلياً أعمق.

وأوضح الخبير الاقتصادي سمير حليلة أن المشكلة ليست فقط في بند المقاصة والتمويل، بل في بنية الاقتصاد الفلسطيني ككل مشيراً إلى تراجع الناتج المحلي وضعف السيولة وبلوغ البطالة مستويات قياسية تجاوزت 50 بالمئة.

من جهته، يرى الخبير أُبي العابودي، المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والانماء- أن "الخطة الحكومية بالاصلاح لا تعالج أساس الخلل"، موضحاً أن تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي لا تزال العائق الأكبر أمام أي إصلاح، وحذّر من أن "تحسين الجباية في ظل اقتصاد هش قد يؤدي لانهيار منشآت القطاع الخاص الصغيرة"، داعياً إلى معالجة التهرب الضريبي في المنشآت الكبيرة والاحتكارية أولاً.

النظام الضريبي: إصلاح أم تحميل للأعباء؟

يرى مؤيد عفانة، الخبير المختص في الموازنة العامة- أن "جوهر الخلل يكمن في التبعية الاقتصادية، لكن لا بد من إصلاح النظام الضريبي بأنواعه دون زيادة العبء على المواطن أو الشركات الصغيرة". ويدعو إلى تعزيز الجباية ومكافحة التهريب والفساد لتحقيق العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن "المساعدات الخارجية، مهما كانت، لن تكون مجدية دون إصلاح داخلي حقيقي".

وفي السياق ذاته، أشار سمير حليلة إلى أن الحكومة لم تتخذ حتى الآن "إجراءات جذرية في خفض النفقات رغم الحديث السنوي المتكرر"، لافتاً إلى أن "الجباية يمكن تحسينها أفقياً دون رفع الضرائب"، بينما لا تملك الحكومة أدوات لوقف الاقتطاعات الإسرائيلية التي وصفها بأنها "جزء من سياسة إسرائيلية تستهدف تفكيك السلطة".

مقاربات جديدة مطلوبة

بدوره دعا وكيل وزارة العمل سامر سلامة الى تبنّي نماذج اقتصادية أكثر واقعية مثل الاقتصاد التعاوني والمحلي، وتعزيز الاستثمار في الموارد الوطنية، مع تطوير نماذج تشاركية مثل الاحتكارات الطبيعية المحلية لتأمين الخدمات الأساسية بعيداً عن الهياكل الاقتصادية التقليدية غير القابلة للاستمرار في الظرف الفلسطيني.

إذن رغم أهمية حزمة الدعم الأوروبي كأداة لتوفير سيولة مؤقتة، فإنها تظل حلًا جزئيًا لا يمسّ جوهر الأزمة التحدي الحقيقي يكمن في قدرة الحكومة الفلسطينية على تنفيذ إصلاحات حقيقية، والتحرر التدريجي من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وإعادة هيكلة النظام الضريبي والإنفاق العام، ضمن مقاربة شاملة ومتعددة المسارات، تضع في اعتبارها ليس فقط الاستدامة المالية، بل أيضًا العدالة الاجتماعية وبقاء الاقتصاد الفلسطيني حيًا وقادرًا على الصمود.

مواضيع ذات صلة