الرئيسية » محلي » في دائرة الضوء » آخر الأخبار »
 
26 آذار 2025

فلسطين تعتمد على ضرائب “عمياء” بنسبة 92%.. وخبراء يدعون إلى إعادة التوازن

بوابة اقتصاد فلسطين

دعا خبراء اقتصاديون وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني، خلال موجة إذاعية مفتوحة، إلى إجراء إصلاحات جذرية في النظام الضريبي الفلسطيني، بهدف تعزيز العدالة الاجتماعية ورفد الخزينة العامة بإيرادات مستدامة وعادلة.

وجاءت هذه الدعوات ضمن حلقة إذاعية بعنوان "كيف تدير الحكومة الفلسطينية الموازنة العامة في ظل حرب الإبادة"، بالشراكة مع ائتلاف أمان والفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، وبمشاركة واسعة من عدد من الإذاعات المحلية في الضفة الغربية.

وقال الباحث مؤيد عفانة، عضو الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، في حوار مشترك مع وكيل وزارة المالية مجدي الحسن، إن النظام الضريبي الفلسطيني يعاني من خلل هيكلي، يتمثل في اعتماد مفرط على الضرائب غير المباشرة، والتي تُوصف بأنها "ضرائب عمياء"، إذ تشكل نحو 92.5% من إجمالي الإيرادات الضريبية، مقابل 7.5% فقط للضرائب المباشرة، مثل ضريبة الدخل وضريبة الأملاك.

واعتبر عفانة أن هذه المعادلة تُخالف مبادئ العدالة الاجتماعية، كون الضرائب غير المباشرة تُفرض على الجميع دون تمييز بين غني وفقير، مشددًا على ضرورة إعادة التوازن للنظام الضريبي عبر تعزيز العدالة والتدرج، وتوسيع قاعدة المكلفين، لا سيما في الفئات ذات الدخل المرتفع.

وأشار إلى أن فلسطين لا تزال تعتمد على قوانين ضريبية متقادمة، أبرزها قانون ضريبة الأملاك لعام 1954، مطالبًا بتحديث هذه التشريعات لتواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية، ومحاسبة الفئات التي تتهرب من الضريبة، خصوصًا في المناطق المصنفة (ج) وبعض المهن ذات الدخل المرتفع.

من جهته، أكد وكيل وزارة المالية مجدي الحسن أن الحكومة تمضي قدمًا في تطوير المنظومة الضريبية، موضحًا أن قانون ضريبة القيمة المضافة الجديد، المتوقع تطبيقه في يوليو/تموز المقبل، يتضمن تدرجًا ضريبيًا يعفي أو يخفّض الضريبة على المواد الأساسية، ويرفعها على السلع الكمالية، في خطوة تستهدف تخفيف العبء عن الفئات الفقيرة وتعزيز العدالة الضريبية.

كما أشار الحسن إلى وجود خطط لتحديث قانون ضريبة الدخل، بإضافة شرائح جديدة، لا سيما على الشركات الكبرى والأفراد ذوي الدخل المرتفع، ما من شأنه زيادة الإيرادات دون المساس بالشرائح الضعيفة.

وفي ذات السياق، أوضح عفانة أن الإصلاح الضريبي لا يعني بأي حال من الأحوال زيادة الضرائب على المواطنين أو الفئات الفقيرة، بل تحقيق العدالة في الجباية، والوصول إلى فئات ثرية لطالما تهربت من التزاماتها الضريبية. وأكد أن نسبة التهرب والتهريب الضريبي في فلسطين تُقدّر بنحو 40%، وهو ما يحرم الخزينة من مليارات الشواقل سنويًا.

ودعا إلى الإسراع في تطبيق الأتمتة والرقمنة في النظام الضريبي، عبر ربط مختلف أنواع الضرائب إلكترونيًا (الدخل، القيمة المضافة، الأملاك)، بما يحقق الشفافية والفعالية في التحصيل، ويغلق منافذ التهرب الضريبي.

كما طالب بفرض ضرائب أعلى على الشركات الاحتكارية، ورفع عدد شرائح ضريبة الدخل للأفراد، بما يتماشى مع النماذج المطبقة في دول الجوار كالأردن ومصر، لتعزيز التصاعدية في النظام الضريبي وضمان العدالة.

وأجمع المشاركون في الحلقة الإذاعية على أن الإصلاح الضريبي ضرورة وطنية واستراتيجية، خاصة في ظل التراجع الحاد في الدعم الدولي، مؤكدين أن العدالة الضريبية من شأنها تمكين الحكومة من الإيفاء بالتزاماتها تجاه الفئات المهمشة، وتحسين جودة الخدمات الأساسية في قطاعات التعليم، الصحة، والحماية الاجتماعية.