مركز القدس: إجراءات الاحتلال في الضفة تهدف إلى ترسيخ الاستيطان الرعوي وتسهيل الضم الفعلي
بوابة اقتصاد فلسطين
قال مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان إن جيش الاحتلال يواصل حملته العسكرية العنيفة في شمال الضفة الغربية، والتي أدت إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين، وهدم مئات المنازل، وتشريد آلاف السكان، في الوقت الذي تعمل فيه إدارته على إصدار أوامر عسكرية وإجراءات تهدف إلى تسريع التطهير العرقي، وإفراغ الأرض الفلسطينية من سكانها، تمهيدًا لضمها إلى المستوطنات الإسرائيلية.
وأضاف المركز أن هذا التصعيد العسكري يترافق مع تصاعد هجمات المستوطنين، حيث يتواطأ جيش الاحتلال وأجهزة "فرض القانون" التابعة له في هذه الاعتداءات، سواء من خلال التغاضي عنها أو بالمشاركة الفعلية فيها. ومن الأمثلة البارزة على ذلك، ما حدث مساء الجمعة 7 آذار 2025، حين استولى مستوطنون، بدعم من قوات الاحتلال، على 1520 رأس غنم تعود لمزارعين فلسطينيين في منطقة العوجا شمال أريحا، في سابقة خطيرة من حيث عدد المواشي المستهدفة في ليلة واحدة.
إجراءات لشرعنة الاستيطان الرعوي
أوضح المركز أن جيش الاحتلال، عبر ما يسمى المسؤول عن أملاك الدولة وأملاك الغائبين في الإدارة المدنية، أعلن في 10 شباط 2025 عن نيته الموافقة على تخصيص 16,000 دونم من أراضي الأغوار الشمالية وسلفيت وشرق رام الله لأغراض الرعي، في إطار تعزيز الاستيطان الرعوي، وهو نمط استيطاني يهدف إلى توسيع السيطرة الاحتلالية على الأراضي المصنفة "ج".
وبيّن المركز أن هذا الإعلان يأتي في سياق منح المستوطنين "غطاء قانونيًا" من وجهة نظر الاحتلال، لتمكينهم من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، تحت ذريعة تأجيرها لمزارع المواشي، وهو ما يشكل تحوّلًا نوعيًا في نهج الضم الفعلي لمناطق واسعة في الضفة الغربية المحتلة.
وأشار المركز إلى أن الإعلان المذكور يمنح مهلة شهرًا واحدًا للاعتراض، إلا أن إجراءات الاحتلال تجعل من المستحيل تقريبًا تقديم اعتراض فعال، حيث تتعامل سلطات الاحتلال مع هذه الأراضي كـ "أملاك دولة"، مما يسقط حق الملكية القانونية للفلسطينيين. وفي حال تمكن أحد المالكين من إثبات ملكيته، فإن استخراج الوثائق الرسمية يتطلب وقتًا طويلًا ويخضع لإجراءات تعجيزية.
خطر تهجير الفلسطينيين وتقييد حركتهم
أكد المركز أن هذه السياسة ستؤدي إلى تهجير جماعي للفلسطينيين في المناطق المستهدفة، حيث ستصبح تجمعاتهم السكنية مهددة بالكامل. حتى في حال السماح لهم بالبقاء، فسيجدون أنفسهم محاصرين في أراضيهم، ممنوعين من الرعي والزراعة، وهو ما سيؤثر بشكل كارثي على مصادر رزقهم، ويفتح المجال أمام اعتداءات المستوطنين المتزايدة.
كما أن تخصيص الأراضي كمراعي للمستوطنين ضمن خطة وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، سيجعل أي استخدام فلسطيني لهذه الأراضي - حتى لو سُمح لهم بالبقاء - مخالفًا للقانون، ما يعني إمكانية الهدم الفوري لأي منشأة فلسطينية، دون الحاجة لإجراءات قانونية مسبقة، وفرض عقوبات جنائية على أي نشاط فلسطيني فيها.
خطر توسيع "أراضي الدولة" على حساب الفلسطينيين
حذر المركز من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى إعلان المزيد من الأراضي الخاصة كـ "أراضي متروكة"، وهو ما يعزز إمكانية تصنيفها لاحقًا كـ "أراضي دولة"، بحجة عدم فلاحتها من قبل أصحابها لفترات زمنية متواصلة. وهذا النهج يمثل أداة قانونية جديدة يستخدمها الاحتلال لتوسيع مخزون الأراضي المخصصة للاستيطان.
إجراءات الاحتلال مقدمة لضم الضفة الغربية
أكد المركز أن الإجراءات الأخيرة تتزامن مع تصريحات رسمية لمسؤولي الاحتلال حول نيتهم ضم الضفة الغربية، أو على الأقل المناطق المصنفة "ج". وبالتالي، فإن هذه السياسات تهدف إلى إحكام السيطرة على المناطق الفلسطينية تمهيدًا لضمها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وخاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على دولة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة.
كما أشار المركز إلى أن هذه الإجراءات تتعارض مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو 2024، والذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني ويجب إنهاؤه فورًا، إضافة إلى عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي دعت إلى إنهاء الاحتلال ومنح الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير.
دعوات لتصعيد المواجهة القانونية والميدانية
شدد المركز على أن هذه السياسات تمثل انتهاكًا واضحًا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستخدام موارده الطبيعية، كما أنها تهدف إلى إضعاف الوجود الفلسطيني وزيادة السيطرة الاستيطانية، ما يكرّس واقعًا استعماريًا طويل الأمد.
وفي ظل ذلك، دعا مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان إلى:
تفعيل كافة أدوات الدفاع القانوني، على المستويات المحلية والدولية، لمواجهة هذه الإجراءات الاحتلالية.
تعزيز العمل الوطني لحماية الأرض الفلسطينية والتجمعات السكانية من مخاطر الضم الزاحف.
الضغط الدولي لإدانة هذه السياسات باعتبارها جرائم تطهير عرقي تتطلب محاسبة المسؤولين عنها.
واختتم المركز بالتأكيد على أن هذه السياسات تهدف إلى ترسيخ الاستيطان الرعوي كأداة لتهجير الفلسطينيين، وتوسيع السيطرة الاستيطانية، في مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، ما يتطلب استجابة فلسطينية ودولية عاجلة لحماية الأراضي الفلسطينية والتجمعات السكانية المستهدفة.