الرئيسية » الاخبار الرئيسية »
 
13 آذار 2025

ضريبة الأملاك في فلسطين: تشريع منذ 1954 ومديونيات متراكمة تهدد الخدمات المحلية

بوابة اقتصاد فلسطين

تواجه جباية ضريبة الأملاك في فلسطين تحديات كبيرة تؤثر على كفاءة تحصيلها ومستوى الحوكمة المرتبط بها، ما ينعكس سلبًا على إيرادات الهيئات المحلية وقدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين. أبرز هذه التحديات يتمثل في قدم الإطار التشريعي الناظم لضريبة الأملاك، وغياب معايير موحدة لعملية التخمين، بالإضافة إلى تأخير تحويل المستحقات المالية للهيئات المحلية، الأمر الذي يعمّق الأزمة المالية لديها.

هذه القضايا وغيرها كانت محور نقاش خلال جلسة نظمها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) في رام الله، بالتعاون مع اتحاد الهيئات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث ناقش الحضور تقريرًا متخصصًا حول المشكلات التي تعيق جباية الضريبة، ومستوى الحوكمة فيها، وقدموا توصيات لإصلاح النظام الحالي بما يضمن تحقيق العدالة الضريبية وزيادة كفاءة التحصيل.

إشكاليات في الإطار القانوني والتخمين

أبرز التقرير أن قانون ضريبة الأملاك المعمول به في الضفة الغربية يعود إلى عام 1954، ما يجعله غير ملائم للمتغيرات الاقتصادية والإدارية الحالية. كما أن القانون لا يشمل جباية الضريبة في المجالس القروية، وهو ما يؤدي إلى تفاوت في تطبيق الضريبة بين المناطق الخاضعة لنفوذ البلديات وتلك التي تقع خارجها.

واحدة من المشكلات الأساسية التي رصدها التقرير هي خلل في آليات التخمين، حيث لا تعتمد هذه العملية على معايير موحدة أو دليل إرشادي، ما يؤدي إلى تفاوتات كبيرة في التقديرات الضريبية. كما أن التخمين يتم بدون مرجعية قانونية واضحة، الأمر الذي يفتح المجال أمام الاجتهادات الفردية، ويؤثر على دقة الجباية، ويضعف الثقة في النظام الضريبي.

ضعف مستوى الجباية وتراكم المديونية

كشف التقرير عن مستويات جباية متدنية خلال السنوات الأخيرة، إذ أظهرت البيانات المالية للفترة بين 2019 - 2024 أن هناك تراجعًا واضحًا في التحصيل، ما أدى إلى تراكم مديونية كبيرة على المكلفين، وهو ما يفاقم الوضع المالي للهيئات المحلية ويحد من قدرتها على تنفيذ المشاريع التنموية.

من بين الإشكالات الأخرى التي تواجهها الهيئات المحلية، تأخر تحويل مستحقاتها من ضريبة الأملاك، حيث يتم خصم الإيرادات ضمن عمليات التقاص مع الديون المستحقة للحكومة. هذا الوضع يؤدي إلى تعطل تنفيذ المشاريع الأساسية، ويحد من قدرة البلديات على تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين.

توصيات لتعزيز الحوكمة وزيادة كفاءة الجباية

خلص التقرير إلى ضرورة إقرار تشريع جديد ينظم جباية ضريبة الأملاك بطريقة تشاركية، بحيث يتم نقل صلاحيات الجباية إلى الهيئات المحلية بعد إجراء تسويات مناسبة، مع تعزيز نظم الحوكمة لضمان الشفافية والعدالة في إدارة الأموال العامة. كما أوصى التقرير بضرورة إصلاح آليات التخمين، من خلال إصدار نظام جديد يحدد معايير واضحة وموحدة لهذه العملية، ويستند إلى دراسات متخصصة تشارك فيها وزارة المالية والجهات ذات الصلة.

كما دعا التقرير إلى اعتماد مبدأ التصاعدية في فرض الضريبة، بحيث تتناسب نسبة الضريبة مع الدخل المخمّن، وتخفيضها على ذوي الدخل المحدود، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، أوصى التقرير بتخفيض النسبة التي تقتطعها الحكومة من إيرادات الهيئات المحلية المحالة إليها جباية الضريبة، لتعزيز قدرتها على تمويل مشاريعها التنموية وتقديم الخدمات العامة بكفاءة أكبر.

دعوات لتبني اللامركزية في إدارة الجباية

في مداخلاتهم خلال الجلسة، أكد المشاركون على أهمية تبني النهج اللامركزي في إدارة جباية الضرائب، لا سيما في ظل التجارب السابقة التي أثبتت ضعف النظام المركزي في تحقيق الاستجابة الفعالة لاحتياجات المواطنين. كما شددوا على ضرورة تفعيل التحويلات المالية بين الحكومة والبلديات وفق أسس واضحة، لضمان استمرار الخدمات الأساسية دون تعطل.

تسلط هذه التحديات الضوء على الحاجة الملحّة إلى إصلاحات هيكلية وقانونية لضمان تحقيق العدالة الضريبية، وتعزيز الحوكمة في جباية ضريبة الأملاك. وبينما تحاول الهيئات المحلية تعزيز مواردها المالية، يبقى تحسين النظام الضريبي أمرًا جوهريًا لضمان استدامة الخدمات العامة ودعم التنمية المحلية في فلسطين.

 

كلمات مفتاحية::