تقرير نقدي: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة تفتقر إلى الواقعية وتواجه تحديات سياسية واقتصادية
بوابة اقتصاد فلسطين
أثار تحليل نقدي للخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة تساؤلات عديدة حول جدواها وإمكانية تنفيذها، حيث أظهرت مراجعات متخصصة أن الخطة تفتقر إلى رؤية استراتيجية متكاملة وتعتمد على تقديرات مالية غير دقيقة، مع غياب آليات تنفيذ واضحة.
ووفقًا لما ورد في تقرير نقدي أعده خبراء اقتصاديون وسياسيون، فإن الخطة، التي تتكون من 91 صفحة، جاءت كرد فعل سياسي أكثر من كونها مشروعًا اقتصاديًا متكاملًا، حيث اعتمدت على شعارات عامة دون تقديم حلول عملية. كما أن بعض المقاطع الواردة فيها تم نسخها ولصقها من خطط إعادة إعمار دول أخرى، مثل لبنان بعد الحرب الأهلية وبرلين بعد الحرب العالمية الثانية، ما يثير الشكوك حول دقة إعدادها.
ميزانية مشكوك في دقتها
حددت الخطة تكلفة إعادة إعمار غزة بـ 53 مليار دولار، وهو رقم أقل بكثير من التقديرات الدولية. على سبيل المثال، قدّرت منظمة الصحة العالمية أن قطاع الصحة وحده في غزة يحتاج إلى 10 مليارات دولار، بينما قدّرت مؤسسة راند الأميركية تكلفة الإعمار بـ 80 مليار دولار على الأقل خلال 15 عامًا.
وفي المقابل، صرّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سابقًا بأن إعادة الإعمار قد تصل إلى 90 مليار دولار، مما يثير تساؤلات حول كيفية تحديد الأرقام الواردة في الخطة المصرية، خاصة مع غياب مصادر تمويل واضحة أو خطط تفصيلية لتنفيذ المشاريع المقترحة.
رفض أميركي وإسرائيلي للخطة
على المستوى الدولي، لم تحظَ الخطة بتأييد أميركي أو إسرائيلي، حيث رفضتها الولايات المتحدة، ووصفها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي براين هيوز بأنها "غير كافية لمعالجة الوضع في غزة، التي أصبحت منطقة غير صالحة للسكن بسبب الدمار الواسع".
أما إسرائيل، فقد أعلنت رفضها القاطع، مشددة على أنها لن تناقش أي خطط لإعادة الإعمار قبل الإفراج عن الرهائن ووقف العمليات العسكرية، مما يضعف فرص تنفيذ الخطة على المدى القريب.
تحويل غزة إلى "منطقة أمنية مفتوحة"
أحد أكثر البنود إثارة للجدل في الخطة هو المقترح الجغرافي لإعادة الإعمار، حيث تضمنت الخطة تحويل أجزاء واسعة من غزة إلى مناطق زراعية مفتوحة شمالًا وجنوبًا، ما قد يؤدي عمليًا إلى فرض منطقة عازلة تتماشى مع الرؤية الأمنية الإسرائيلية.
كما أشارت التحليلات إلى أن هذه الخطة تتجاهل الاحتياجات الفعلية للسكان، إذ لم تتضمن خططًا واضحة لإعادة بناء المنازل المدمرة، أو تطوير شبكات البنية التحتية بطريقة تسهم في عودة الحياة الاقتصادية للقطاع.
غياب الحلول الاقتصادية واستمرار الحصار
لم تتطرق الخطة إلى كيفية تخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، ولم تقدم أي حلول لفتح المعابر أو تسهيل دخول المواد الأساسية اللازمة لإعادة الإعمار. كما لم تشمل خططًا لدعم القطاع الخاص أو إعادة تشغيل المصانع والمنشآت التجارية، ما يجعلها غير مكتملة من حيث معالجة الأوضاع الاقتصادية في غزة.
توصيات الخبراء: خطة جديدة أكثر واقعية
في ضوء هذه التحديات، أوصى التقرير النقدي بضرورة إعادة صياغة الخطة من خلال إشراك خبراء اقتصاديين ومخططي مدن لصياغة رؤية أكثر دقة. وتنسيق الجهود مع مؤسسات دولية للحصول على تمويل كافٍ وضمان التنفيذ. ووضع جدول زمني واضح بمراحل تنفيذ محددة. مع إيجاد حلول عملية لفك الحصار وفتح المعابر. وضمان عدم تقسيم غزة جغرافيًا بما يتماشى مع الرؤية الإسرائيلية.
يكشف هذا التقرير النقدي أن الخطة المصرية تعاني من ثغرات جوهرية تجعل تنفيذها أمرًا معقدًا. فبينما يحتاج إعمار غزة إلى رؤية متكاملة تشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والإنسانية، فإن هذه الخطة تبدو أقرب إلى وثيقة سياسية عامة، تفتقر إلى الأسس الفنية والتمويلية التي تضمن نجاحها على أرض الواقع.