الشيكل تحت الضغط: تراجع تداول أوراق الـ 200 شيكل في إسرائيل وسط مخاوف من إلغائها
بوابة اقتصاد فلسطين
يشهد السوق النقدي في إسرائيل تحولات كبيرة، حيث انخفضت قيمة الأوراق النقدية من فئة200 شيكل المتداولة بنسبة7% منذ سبتمبر الماضي، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذا التراجع السريع. ويعزو الخبراء هذا الانخفاض إلى شائعات حول إلغاء الفئة النقدية الأكبر، مما دفع الجمهور إلى التخلص منها بشكل مكثف، إضافةً إلى تأثيرات التضخم المتزايد.
تغيير مفاجئ في سوق النقد الإسرائيلي
وفقًا لبيانات بنك إسرائيل، فقد بدأ التراجع في حجم التداول النقدي بشكل عام منذ سبتمبر 2024، مع تسجيل انخفاض بنسبة 4.7% في إجمالي النقد المتداول، وهو الانخفاض الأكبر منذ 2001. وتزامن ذلك مع كشف صحيفة "جلوبس" عن مبادرة لعدد من خبراء الاقتصاد تدعو إلى إلغاء ورقة الـ 200 شيكل، في خطوة تهدف إلى مكافحة الأموال السوداء، وهو ما أدى إلى حالة من الذعر بين المواطنين، دفعت كثيرين إلى سحب أو استبدال الأوراق النقدية بأصول أخرى مثل العملات الأجنبية أو تحويلها إلى مدخرات مصرفية.
الـ 200 شيكل في دائرة الجدل: مبادرة الإلغاء وتأثيراتها
في سبتمبر الماضي، اقترح فريق من الخبراء الاقتصاديين بقيادة الدكتور آدم رويتر، رئيس شركة "اللقاحات المالية"، إلغاء أوراق الـ 200 شيكل، نظرًا لاستخدامها المكثف في إخفاء الأموال غير المشروعة والتهرب الضريبي. وأوضح الخبراء أن 80% من النقد المتداول في إسرائيل كان ضمن هذه الفئة، مما جعلها الأداة المفضلة لتخزين الأموال بعيدًا عن أعين السلطات الضريبية.
ردود فعل متباينة بين الحكومة وبنك إسرائيل
أثار هذا الاقتراح تفاعلًا سريعًا من قبل الحكومة الإسرائيلية، حيث وجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليماته لوزير المالية ومحافظ بنك إسرائيل لمناقشة إلغاء هذه الفئة النقدية. كما أبدى مسؤولون في وزارة المالية وسلطة الضرائب دعمهم للمبادرة، معتبرين أنها خطوة مهمة في مكافحة التهرب الضريبي.
لكن، بعد أيام فقط من هذه التوجيهات، أصدر بنك إسرائيل بيانًا أكد فيه أن "أوراق الـ 200 شيكل ستبقى في التداول ولن يتم إلغاؤها"، مشيرًا إلى أنه لم يتم تقديم أسباب كافية لاتخاذ مثل هذا القرار.
رد فعل الأسواق: التخلص من الأوراق النقدية وتحولات في التوزيع النقدي
رغم عدم صدور قرار رسمي، فإن تأثير المبادرة ظهر جليًا في أنماط السلوك المالي، حيث انخفض عدد الأوراق النقدية من فئة 200 شيكل بشكل ملحوظ، مقابل زيادة ملحوظة في تداول أوراق الـ 100 شيكل.
🔸 في سبتمبر 2024، كان عدد أوراق الـ 200 شيكل يفوق أوراق الـ 100 شيكل بمعدل 2.5 مرة
🔸 في يناير 2025، انخفض هذا المعدل إلى أقل من 2.2 مرة، وهو تحول نادر في السوق النقدي الإسرائيلي
التضخم والرقمنة يغيران مشهد النقد الإسرائيلي
إضافةً إلى المخاوف من إلغاء فئة الـ 200 شيكل، لعب التضخم دورًا رئيسيًا في تقليل الاعتماد على النقد. فقد بلغ معدل التضخم في إسرائيل 3.8% خلال 2024، مما جعل الاحتفاظ بالنقد أقل ربحية مقارنةً بالاستثمار في الأدوات المصرفية، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الفائدة.
علاوة على ذلك، تسارعت التحولات نحو الدفع الإلكتروني، حيث تزايد الاعتماد على المعاملات الرقمية وتوسعت قيود قانون النقد الذي يحدّ من المعاملات النقدية الكبرى (أكثر من 6,000 شيكل).
المستقبل النقدي في إسرائيل: إلى أين يتجه الشيكل؟
رغم الانخفاض المستمر في تداول أوراق الـ 200 شيكل، لا يزال النقد يحتفظ بدور رئيسي في الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يحتفظ الجمهور بنحو 127 مليار شيكل في الأوراق النقدية، و3 مليارات شيكل أخرى في العملات المعدنية.
وفي حين يبدو أن وزارة المالية وسلطة الضرائب سترحبان بأي تراجع في استخدام النقد، فإن بنك إسرائيل يؤكد أن النقد سيبقى متاحًا كجزء من السياسة النقدية الوطنية، مشيرًا إلى أن الطلب على مختلف الفئات النقدية يخضع لتغيرات طبيعية في السوق.
يبقى الشيكل تحت الضغط، بين رغبة الجهات الحكومية في تقليل التعاملات النقدية لمكافحة الجرائم المالية، واستمرار الحاجة إلى النقد كوسيلة للدفع في العديد من القطاعات. وبينما تتجه إسرائيل نحو اقتصاد رقمي متزايد، لا يبدو أن الـ 200 شيكل ستختفي تمامًا في المستقبل القريب، لكنها بالتأكيد لم تعد الفئة النقدية الأكثر أمانًا أو استقرارًا في السوق.
غلوبس