الرئيسية » في دائرة الضوء » الاخبار الرئيسية »
 
19 شباط 2025

رمضان القادم في رام الله: موسم الانتعاش يتحول إلى كابوس اقتصادي

حنين أبو عمر - بوابة اقتصاد فلسطين

لطالما كان شهر رمضان فرصة ذهبية لإنعاش الأسواق وتعزيز الروابط الاجتماعية في فلسطين، غير أن تجار رام الله يستعدون هذا العام لموسم بيع متواضع، وسط توقعات بانخفاض الطلب وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. يأتي ذلك في ظل أزمات اقتصادية تفاقمت بعد الحرب، إلى جانب القيود الإسرائيلية المشددة على الحركة والتنقل، ما أدى إلى عزل المدينة وقتل النشاط التجاري فيها.

وفي مواجهة هذه التحديات، اضطر العديد من التجار إلى تقليص مشترياتهم استعدادًا لرمضان، إذ أجمع معظمهم على أن الحواجز العسكرية وتراجع القدرة الشرائية جعلا الموسم بلا زبائن تقريبًا. يقول يونس، وهو تاجر ملابس في رام الله: "قبل الحرب، كنا نستورد كميات كبيرة استعدادًا لرمضان، لكن العام الماضي كانت خسارتنا فادحة، فالبضاعة تلفت ولم يشتريها أحد. لن أكرر الخطأ هذا العام، إذ لا أتوقع إقبالًا كبيرًا."

سامي، وهو تاجر نثريات منزلية، يوضح الوضع قائلاً: "في الأعوام الماضية، كنا نستورد حاويات كاملة من البضائع، أما هذا العام فاكتفينا ببضعة أكياس فقط."

ارتفاع التكاليف والقيود الإسرائيلية

تأتي هذه التحضيرات المتواضعة في ظل أزمات متعددة، أبرزها ارتفاع تكاليف الشحن والقيود الإسرائيلية على استيراد البضائع، حيث تحتجز إسرائيل العديد من الشحنات الفلسطينية في الميناء لفترات طويلة، ما يجبر التجار على دفع مبالغ طائلة للتخليص الجمركي وتكاليف التخزين.

يوضح سامي: "كانت تكلفة شحن الحاوية الواحدة 2000 دولار، لكنها ارتفعت إلى 6000 وأحيانًا 10,000 دولار. أصبحنا بين خيارين: إما تحمل الخسائر أو رفع الأسعار، لكن الناس بالكاد يستطيعون الشراء."

نتيجة لذلك، شهدت الأسواق ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار، ما زاد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين.

توقعات قاتمة لشهر رمضان

في ظل هذه الظروف، تبدو توقعات التجار لشهر رمضان قاتمة. يقول يونس: "ما لم يحدث تغيير جذري، سيكون رمضان القادم أكثر صعوبة، فالوضع الاقتصادي لا يتحسن بل يزداد سوءًا."

قبل الحرب، كان رمضان يُعد فرصة لتعافي الاقتصاد الفلسطيني، حيث يزداد الطلب على مختلف السلع. يتذكر أبو علي، تاجر مواد غذائية: "كان رمضان أفضل موسم لنا، حيث يشتري الناس كل شيء، ونعوض خلاله خسائر العام."

لكن الأزمة لم تقتصر على التجار فحسب، بل امتدت لتشمل آلاف العمال الذين فقدوا وظائفهم، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية بشكل حاد. كما أن استمرار إسرائيل في اقتطاع أموال المقاصة أثّر على رواتب الموظفين الحكوميين، ما أدى إلى نقص السيولة في السوق.

يقول أبو علي: "كان الزبون يشتري بـ 100 شيكل، أما الآن فبالكاد ينفق 20-25 شيكلًا، وعلى الضروريات فقط. القدرة الشرائية تراجعت بنسبة 80%، وبعض زبائني لم أرهم منذ بداية الحرب."

معاناة العائلات الفلسطينية

لم تقتصر التداعيات الاقتصادية على التجار والعمال فحسب، بل طالت العائلات الفلسطينية. ليلى، وهي ربة منزل، تقول: "زوجي كان يعمل في الداخل المحتل، لكنه فقد وظيفته بعد الحرب. الآن نعتمد على مدخراتنا التي أوشكت على النفاد. نعيش بربع الميزانية التي كنا ننفقها سابقًا، ولا مجال لشراء أي شيء غير أساسي."

وتضيف: "نحاول الصمود، لكن إلى متى؟ الأسعار ترتفع، ومدخراتنا تنفد، وهذا رمضان لن يكون كما عهدناه."

آمال الانتعاش تتلاشى

في ظل هذه الأزمة غير المسبوقة، فقد التجار الأمل في أي انتعاش اقتصادي قريب. وأجبرهم الواقع الصعب على بيع بضائعهم بسعر التكلفة فقط لتغطية نفقاتهم، بعدما تحوّل الموسم الذي كان يفترض أن يكون فرصة للرواج الاقتصادي والاجتماعي إلى كابوس اقتصادي وكفاح من أجل البقاء.

 

كلمات مفتاحية::