الرئيسية » ريادة »
 
29 كانون الثاني 2025

من الفشل إلى ثورة الذكاء الاصطناعي: كيف أعاد "ليانغ وين فنغ" تشكيل مشهد التكنولوجيا العالمي؟

بوابة اقتصاد فلسطين

في سن الأربعين، وبعد سلسلة من الإخفاقات في سوق المال، خرج ليانغ وين فنغ من ظل الفشل ليصبح أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في عالم الذكاء الاصطناعي. لم يكن طريقه إلى النجاح مفروشًا بالورود، بل كان مليئًا بالتحديات والرهانات الخاسرة، لكن إصراره على تحويل الخسائر إلى فرص جعله اليوم يُلقب بـ"سام ألتمان الصيني"، الرجل الذي زعزع الأسواق العالمية وغيّر قواعد اللعبة في سباق الذكاء الاصطناعي.

البداية: من صندوق تحوط إلى الذكاء الاصطناعيريا

ولد ليانغ وين فنغ عام 1985 في تشنجيانغ، وهي مدينة ساحلية فقيرة في مقاطعة قوانغدونغ الصينية. نشأ في أسرة متواضعة، حيث كان والده مدرسًا في مدرسة ابتدائية، لكن موهبته الأكاديمية سرعان ما برزت، فكان طالبًا متميزًا في الرياضيات، وبدأ دراسة حساب التفاضل والتكامل المتقدم بشكل مستقل قبل التحاقه بجامعة تشجيانغ، إحدى أرقى الجامعات الصينية، حيث درس الهندسة الإلكترونية وحصل على درجة الماجستير في هندسة المعلومات والاتصالات.

بعد تخرجه، بدأ ليانغ مع اثنين من زملائه السابقين في تداول الأسهم عام 2008، ليؤسس لاحقًا في عام 2015 صندوق التحوط High Player، الذي اعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي في الاستثمار بسوق المال. كانت الفكرة مبتكرة: استخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن الأنماط الخفية في الأسواق المالية، لكن النتيجة لم تكن كما توقع.

السقوط الكبير: خسارة 12 مليار دولار

في عام 2021، عندما بدأت الأسواق الصينية تشهد تقلبات عنيفة، لم يتمكن نموذج الذكاء الاصطناعي الذي بناه ليانغ من التنبؤ بالتحولات الكبرى. خسر صندوقه ثلث أصوله البالغة 12 مليار دولار، واضطر إلى إيقاف قبول الودائع الجديدة، واتخاذ خطوات غير مسبوقة مثل دعوة العملاء لسحب أموالهم إذا كانوا غير مستعدين لتحمل التقلبات.

كان بإمكانه الاستسلام عند هذه النقطة، لكنه اختار بدلاً من ذلك تحويل فشله إلى نقطة انطلاق جديدة. أدرك أن الذكاء الاصطناعي الذي استخدمه في سوق المال يمكن أن يكون أكثر فاعلية في مجال التكنولوجيا والبرمجيات، فقرر توجيه موارده إلى تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، تمامًا كما فعلت OpenAI في الغرب.

القفزة الكبرى: ولادة "ديب سيك"

بحلول عام 2019، بدأ فريق ليانغ وين فنغ في بناء أنظمة حوسبة متقدمة تعتمد على معالجات الرسومات من إنفيديا. وعندما أطلقت OpenAI "ChatGPT" في أواخر 2022، كان ليانغ قد جهّز شركتهDeepSeek  بواحد من أكبر مخزون الرقائق المتقدمة في الصين، حيث امتلكت شركته أكثر من 10,000 معالج رسومات متطور.

في يناير 2024، أعلنت ديب سيك عن نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي "V3"، الذي أثبت تفوقه من حيث الأداء والتكلفة على ChatGPT-4o من "أوبن إيه آي"، و"Llama-3.1" من ميتا، مما أدى إلى انهيار أسهم شركات التكنولوجيا العالمية وخسارة إنفيديا وحدها 600 مليار دولار من قيمتها السوقية.

السر وراء النجاح: رؤية جديدة للذكاء الاصطناعي

لم يعتمد ليانغ فقط على التمويل التقليدي، بل استغل موارد صندوق التحوط في تمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي داخل مختبرات "High Player". هذا النهج سمح له بتطوير نموذج DeepSeek-R1 بأقل تكلفة، حيث لم تتجاوز 5.5 مليون دولار، مقارنة بالمليارات التي أنفقتها شركات أمريكية مثل OpenAI وجوجل على مشاريع مماثلة.

إضافة إلى ذلك، تبنّى ليانغ رؤية جريئة بأن "الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون في متناول الجميع، وليس محتكرًا من قبل الشركات الأمريكية الكبرى". هذه الرؤية، إلى جانب قدرته على إدارة المخاطر والتعلم من الفشل، جعلته اليوم واحدًا من أقوى اللاعبين في هذا المجال.

الرسالة: كيف يمكن للفشل أن يكون مفتاح النجاح؟

تُظهر قصة ليانغ وين فنغ أن النجاح في عالم الأعمال والتكنولوجيا ليس مرتبطًا فقط بالتمويل الضخم أو الخلفية الاقتصادية القوية، بل يعتمد على القدرة على التكيف مع الأزمات، وتوظيف الفشل كمنصة لإعادة البناء.

🔹 من خسارة 12 مليار دولار إلى قيادة ثورة في الذكاء الاصطناعي، ليانغ وين فنغ هو مثال حي على أن الفشل ليس النهاية، بل يمكن أن يكون بداية لنجاح أكبر مما نتخيل.

 

كلمات مفتاحية::