الرئيسية » في دائرة الضوء » الاخبار الرئيسية »
 
29 كانون الثاني 2025

الحكومة الفلسطينية تتجاوز سقف الاقتراض وتواجه أخطر أزمة مالية

بوابة اقتصاد فلسطين

تشهد الحكومة الفلسطينية أزمة مالية خانقة نتيجة تجاوز الحد الأقصى للإقراض الحكومي، حيث بلغت القروض الحكومية 3 مليارات دولار، وهو السقف الأعلى الذي يمكن للبنوك تقديمه وفق النظام المصرفي وسلطة النقد. هذه الأزمة تضاف إلى تراكم مستحقات القطاع الخاص والاقتطاعات من أموال المقاصة، مما يضع الحكومة أمام تحديات كبيرة في الوفاء بالتزاماتها المالية، خاصة تجاه رواتب الموظفين.

الحد الأقصى للإقراض وتأثيره على السيولة الحكومية

وفقًا للخبير الاقتصادي عبد الفتاح أبو شكر، فإن سقف الإقراض الحكومي تحدده قانون الدين العام، الذي ينص على أن القروض الحكومية يجب ألا تتجاوز 40% من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، تم تجاوز هذا الحد في دول عدة، مثل الولايات المتحدة، حيث تجاوزت ديونها 120% من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن في الحالة الفلسطينية، فإن الحكومة لم تعد قادرة على الاقتراض من البنوك، حيث باتت ديونها تُصنَّف ضمن الديون المتعثرة وفق معايير التدقيق الخارجي للبنوك. وعليه، توقفت البنوك عن منح الحكومة قروضًا جديدة عبر "الجاري المدين"، مما دفعها إلى البحث عن بدائل تمويلية غير تقليدية.

التمويل عبر الموظفين والقطاع الخاص

أحد الأساليب التي لجأت إليها الحكومة هو تمويل القروض عبر الموظفين، بحيث يقوم الموظفون أنفسهم بأخذ قروض من البنوك لسداد قروض الحكومة السابقة، ومن ثم يتم الاتفاق على آلية للسداد. ولكن، وكما يؤكد أبو شكر، فإن هذه الآلية ليست إجبارية، مما يطرح تساؤلات حول مدى استدامتها في ظل الأزمة المالية المستمرة.

من جهة أخرى، لجأت الحكومة إلى الاقتراض عبر شركات مثل شركة كهرباء القدس، التي حصلت على قرض بقيمة 500 مليون شيكل لصالح الحكومة. ومع ذلك، يشير أبو شكر إلى أن هذه الآلية لن تستمر، حيث لا توجد شركات أخرى مستعدة لتحمل عبء الاقتراض نيابة عن الحكومة.

خيارات الحكومة لمواجهة الأزمة

يحدد الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة ثلاثة خيارات أمام الحكومة للتعامل مع الأزمة المالية:

  • تجنيد الدعم الدولي والعربي: محاولة الحصول على مساعدات مالية مباشرة لدعم الخزينة العامة، خاصة من الاتحاد الأوروبي والدول العربية، وهو خيار يعتمد بشكل كبير على التطورات السياسية ومدى استعداد الدول المانحة لتقديم الدعم.
  • الضغط للإفراج عن أموال المقاصة: حيث تشكل إيرادات المقاصة المصدر الأساسي لتمويل الحكومة، واستمرار احتجازها يؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية.
  • استثمار الإيرادات المحتجزة لإعادة التمويل: وذلك من خلال تخصيص الأموال المحتجزة لسداد مستحقات الكهرباء أو دفعات الوقود، مما قد يخفف من الأعباء المالية على الموازنة.

توقعات الأزمة المالية المقبلة

بحسب أبو شكر، فإن الأزمة المالية المقبلة ستكون الأصعب، نظرًا لانعدام الحلول السريعة والقيود المفروضة على الاقتراض الحكومي. ويشير إلى أن أي انفراجة مالية ستكون مرهونة بالوضع السياسي، خصوصًا فيما يتعلق بأموال المقاصة والدعم الدولي.

في المقابل، لا يرى الخبراء أن الحلول الحالية كافية لتغطية العجز، إذ أن الحكومة مطالبة بدفع مستحقات القطاع الخاص، تسديد القروض السابقة، وتوفير رواتب الموظفين، وكل ذلك في ظل محدودية الموارد المالية.

تقف الحكومة الفلسطينية اليوم أمام أزمة مالية هي الأكبر والأكثر تعقيدًا منذ سنوات، حيث تجاوزت سقف الاقتراض وفقدت القدرة على الحصول على تمويل إضافي عبر البنوك. ومع استمرار احتجاز أموال المقاصة وصعوبة الحصول على دعم دولي كافٍ، تصبح الخيارات المتاحة أكثر تعقيدًا. الحلول المؤقتة، مثل تمويل الموظفين أو اقتراض شركات خاصة، لن تكون كافية على المدى البعيد، مما يجعل الحكومة بحاجة إلى حلول استراتيجية مستدامة لتفادي انهيار مالي محتمل.