الرئيسية » آخر الأخبار » الاخبار الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
09 كانون الأول 2024

الابتكار في مواجهة الأزمات.. الحرب في غزة تفرز فرص عمل جديدة

إسلام راضي – بوابة اقتصاد فلسطين

أفرز الواقع الإنساني شديد السوء جراء حرب إسرائيل المستمرة على قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، العديد من الحرف والمهن الجديدة التي يمارسها المواطنون والنازحون أملا في توفير ما يمكنهن من إغاثة عوائلهم.

ودفعت الظروف الإنسانية القاسية في قطاع غزة الكثير من المواطنين إلى الابتكار والتكيف مع الواقع الجديد، من أجل تأمين لقمة العيش لأسرهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

صناعة الأفران

وفي هذا السياق، ظهرت مهنة "الفران" كأحد أبرز الحلول التي اعتمدها المواطنون للتغلب على مصاعب النزوح.

وتجسدت مهنة أفران الطين في ظل انقطاع الغاز المنزلي والأفران الحديثة، بجانب تدمير العديد من المخابز ووقف نشاطها في القطاع.

ومع استمرار إغلاق المعابر وعدم توفر الوقود، بدأ الحرفيون وأصحاب الخبرة في صناعة أفران الطين وبيعها للمواطنين، هذه الأفران ليست فقط وسيلة لطهي الطعام، بل أصبحت أيضًا مصدر دخل للعديد من الأسر.

مهنة أفران الطين انتشرت بشكل خاص في مدينة رفح، التي شهدت نزوح أكثر من مليون شخص إليها، حيث كانت أسعار هذه الأفران في متناول الجميع، إذ كان سعر الفرن الجيد لا يتجاوز 150 شيكل، ومع ذلك، بعد مرور عام على الحرب، شهدت الأسعار ارتفاعًا ملحوظًا، حيث أصبح سعر الفرن يصل إلى 300 شيكل.

وتحدثت أم حسن، امرأة في الخمسين من عمرها، عن تجربتها في العمل على فرن طين في منطقة مواصي خانيونس، فتقول: "بعد أكثر من 7 شهور على الحرب، قررت استغلال وقتي وشراء فرن طين، اشتريته بـ250 شيكل، والآن أعمل عليه مع زوجي وابني، نحن نطهي الطعام ونجهز الخبز والحلويات للمواطنين".

وتوضح أم حسن أن الأسعار معقولة، حيث تخبز أربعة أرغفة مقابل شيكل واحد فقط، كما تحضر صواني الطعام والحلويات بخمسة شواكل فقط.

لكن هذه المهنة ليست خالية من التحديات، فتصف أم حسن عملها بأنه من أصعب المهن، حيث تجلس أمام النار لأكثر من 10 ساعات يوميًا، هذا العمل الشاق أدى إلى معاناتها من مشاكل صحية، مثل الأمراض الصدرية، نتيجة تعرضها لدخان النار لفترات طويلة.

وتضيف أنها تعاني من ارتفاع أسعار الحطب، مما يجعل من الصعب عليها شراءه بشكل يومي، خاصة في ظل أزمة الطحين وظروف العمل الصعبة.

مهن ترتبط ببدائل انقطاع الكهرباء

بالإضافة إلى صناعة أفران الطين، ظهرت مهنة جديدة في غزة تتعلق بشحن الجوالات والبطاريات باستخدام الطاقة الشمسية.

وفي ظل انقطاع الكهرباء المستمر منذ بدايات الحرب الإسرائيلية، ابتكر المواطنون هذه المهنة كمصدر دخل بديل، حيث يفرض الكثير منهم رسوماً بسيطة، فيكلف شحن الجوال شيكلين، وشحن البطارية خمسة شواكل.

وقد شهدت هذه الخدمة إقبالاً كبيراً من المواطنين الذين لجأوا إلى أجهزة وألواح الطاقة الشمسية بعد أزمة الكهرباء.

موسى، صاحب نقطة شحن، قال إنه يستقبل يومياً حوالي 80 هاتفا وأكثر من 10 بطاريات، فبدأ هذا العمل بعد نزوحه من مدينة غزة إلى رفح، حيث أسس نظاماً متكاملاً باستخدام الألواح الشمسية.

ومع ذلك، يواجه موسى تحديات كبيرة، منها صيانة الأجهزة وضعف البطاريات وسوء الأحوال الجوية، ويقول: "المشكلة الأكبر التي تواجهني هي صيانة البطاريات وسوء الأحوال الجوية التي تؤثر على شحن البطاريات".

كما أن الاحتلال يمنع ادخال الألواح الشمسية وقطع الغيار إلى القطاع منذ بداية الحرب، مما أثر سلباً على الأسعار".

وتجاوز سعر الألواح الشمسية في الوقت الحالي 3500 شيكل، بينما تصل أسعار البطاريات الكبيرة إلى حوالي 5000 شيكل، هذه الأسعار المرتفعة تجعل من الصعب على المواطنين شراء هذه المعدات، مما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف الحالية.

وتظهر هذه الحكايات كيف يمكن للأزمات أن تخلق فرصًا جديدة، فيسعى المواطنون في غزة للتكيف مع الظروف الصعبة من خلال الابتكار والإبداع، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، إلا أن هناك أملًا في تحسين الوضع من خلال الدعم المحلي والدولي.

وتحتاج المجتمعات المتضررة إلى جهود مستدامة لمساعدتها في بناء مستقبل أفضل، إن توفير الفرص التدريبية والدعم المالي يمكن أن يسهم في تمكين المواطنين من تطوير مهاراتهم وتحسين مصادر دخلهم.

كما أن دعم المشاريع الصغيرة يمكن أن يساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي ويخلق فرص عمل جديدة.

وفي ظل الوضع الحالي، تؤكد منظمات إغاثة دولية على ضرورة الوعي للتحديات التي يواجهها سكان غزة والعمل على دعمهم في مساعيهم للبقاء والتكيف باعتبار أن التضامن مع المجتمعات المتضررة هو خطوة أساسية نحو تحقيق السلام والاستقرار.

وبينما تستمر الحرب الدموية في غزة، يثبت المواطنون أنهم قادرون على مواجهة الأزمات بالأمل والإبداع، فمهنة أفران الطين وشحن الجوالات تعكس روح المقاومة والتكيف في وجه الظروف القاسية، وإن دعم هذه المبادرات يمكن أن يساهم في بناء غدٍ أفضل لأبناء غزة، حيث تسهم الابتكارات المحلية في تحسين جودة الحياة والعيش بكرامة.

مواضيع ذات صلة