شركات أمن أمريكية تتنافس على عقود بمليارات الشواكل لإدارة شمال غزة: وصفة للفوضى؟
ترجمة- بوابة اقتصاد فلسطين
تدرس حكومة الاحتلال الإسرائيلية حالياً نموذجاً تجريبياً للاستعانة بشركات أمن خاصة أمريكية لإدارة توزيع المساعدات الإنسانية في شمال قطاع غزة، وسط تقديرات بأن هذه العقود قد تصل تكلفتها إلى أكثر من مليار شيكل سنوياً. يهدف هذا النموذج إلى "تحرير" الجيش الإسرائيلي من المهام اللوجستية في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، مثل بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، لكنه يثير جدلاً واسعاً حول جدواه وأبعاده السياسية والأمنية.
شركات أمن مثيرة للجدل
من بين الشركات المتنافسة على هذه العقود شركتا "كونستاليس" و**"أوربيس"**، وهما من أبرز الشركات الأمنية الخاصة في الولايات المتحدة. "كونستاليس"، الوريثة لشركة "بلاك ووتر" سيئة السمعة، توظف حالياً 20 ألف شخص حول العالم، معظمهم من قدامى المحاربين في الوحدات القتالية الأمريكية.
شركة ثالثة، GDC، المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي موتي كاهانا، تزعم أنها تتفاوض لجلب شركة أمنية للعمل في غزة بالتعاون معها. وتشير تقارير إلى أن كاهانا يسعى لجلب موظفين من الجيوش الأمريكية والبريطانية والفرنسية للعمل في المشروع، مع اشتراط عدم وجود موظفين يهود.
أهداف المشروع وتحدياته
بحسب الخطط الأولية، ستتولى هذه الشركات مرافقة قوافل المساعدات الإنسانية وتوزيعها في المراكز السكانية، مع محاولة منع "العصابات" من الاستيلاء على الشاحنات. ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى إدامة حالة الفوضى في غزة بدلاً من حلها.
المقدم يوحانان زوراف، الباحث في معهد الدراسات الأمنية الوطنية (INSS)، وصف المشروع بأنه "وصفة للتفجر"، مشيراً إلى أن هذه الشركات قد تواجه تحديات متعددة، مثل التعامل مع حماس أو عناصر إجرامية تحاول الاستيلاء على المساعدات، ما يجعل الوضع أكثر تعقيداً.
الجنرال المتقاعد غادي شاماني، قائد القيادة المركزية السابق في الجيش الإسرائيلي، انتقد فكرة الاعتماد على شركات أمنية خاصة، قائلاً: "هذه الشركات لا تعمل وفقاً لقواعد وأعراف عسكرية راسخة، بل تسعى للربح، ما قد يؤدي إلى اشتعال الأوضاع في القطاع".
كلفة باهظة وتمويل غير واضح
تُقدر الميزانية المخصصة لهذا المشروع بملياري شيكل سنوياً، وسط تساؤلات حول من سيتحمل هذه التكاليف. يعتقد بعض المحللين أن إسرائيل ستطلب تمويلاً من الولايات المتحدة أو أطراف خارجية، لكن في حال فشل ذلك، قد تضطر لتحمل العبء المالي بنفسها.
يشير زوراف إلى أن إسرائيل عندما كانت تدير القطاع مباشرةً، كانت تموله من الضرائب التي تجمعها من السكان، ما جعل استثماراتها في غزة محدودة للغاية. ومع ذلك، فإن إشراك شركات خاصة بهذا الحجم يضيف أعباء مالية قد تكون غير مسبوقة.
قضايا أخلاقية ومخاوف سياسية
إضافة إلى التكلفة الباهظة، تثير الخطة قضايا أخلاقية تتعلق بدور هذه الشركات في المنطقة. هناك مخاوف من أن تتحول هذه الشركات إلى طرف فاعل في المشهد الأمني والسياسي في غزة، مع احتمالات تورطها في صفقات مشبوهة مع حماس أو جماعات أخرى، مما قد يؤدي إلى تعقيد الوضع بدلاً من تحسينه.
من ناحية أخرى، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تسعى لتجنب اتهامات بإدارة "حكومة عسكرية" في القطاع، مع إبقاء المسؤولية الدفاعية والمدنية في أيديها، بينما تتولى الشركات الخاصة المهام اللوجستية والأمنية.
بينما تسعى إسرائيل لتحرير جنودها من مهام "خطرة" وتعزيز كفاءة توزيع المساعدات، يطرح التقرير سؤال: هل ستؤدي هذه الخطوة إلى تحقيق "الأمن" والاستقرار في غزة أم أنها ستؤدي إلى مزيد من التوتر والفوضى؟.
غلوبس