كيف بنى شاب كولومبي البنك الرقمي الأعلى قيمة في أمريكا اللاتينية؟
بوابة اقتصاد فلسطين
في عام 2013، رأى الكولومبي "ديفيد فيليز" فجوة واضحة في النظام المصرفي البرازيلي، حيث كانت البيروقراطية تسيطر على المشهد المصرفي، مما أدى إلى بطء العمليات وزيادة التكلفة على العملاء. بفضل رؤية واضحة وطموح كبير، قرر فيليز تأسيس بنك رقمي يعالج هذه المشكلات من خلال تقديم خدمات مصرفية حديثة وسهلة الاستخدام، وبدون رسوم تقريباً.
البداية: من كولومبيا الى وادي السيلكون
وُلد "فيليز" عام 1981 في كولومبيا لعائلة من رواد الأعمال، لكنه واجه طفولة صعبة بسبب عنف عصابات المخدرات، حيث اختُطف أحد أعمامه. انتقل مع عائلته إلى كوستاريكا وهو في التاسعة من عمره، حيث نجح والده في تأسيس مصنع لأزرار الملابس. تفوق فيليز أكاديمياً، والتحق لاحقاً بجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة، حيث تخصص في الهندسة وحلم بالدخول إلى عالم الشركات الناشئة في وادي السيلكون.
بدأ فيليز مسيرته المهنية في الخدمات المصرفية الاستثمارية لدى "مورجان ستانلي"، ثم عمل في شركة الأسهم الخاصة "جنرال أتلانتيك" لضخ استثمارات ضخمة في أمريكا الجنوبية. عاد إلى ستانفورد للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وعمل بعدها مع شركة "سيكويا"، حيث بدأ يلاحظ الفجوة التقنية في السوق البرازيلية.
استغلال الفجوة المصرفية في البرازيل
مع وجود خمسة بنوك فقط تسيطر على 80% من السوق البرازيلية، رأى فيليز فرصة لخلق تغيير جذري في السوق. تعاون مع "كريستينا جونكويرا"، المديرة التنفيذية السابقة لبنك "إيتاو يونيبانكو"، وعالم الكمبيوتر "إدوارد ويبل"، لتأسيس بنك "نوبنك" الرقمي. بدأ البنك بإطلاق بطاقة ائتمان بدون رسوم، يمكن إدارتها بالكامل من خلال تطبيق الجوال، وهو منتج غير مسبوق في سوق معروف برسومه المرتفعة وتعقيداته.
رحلة ال100 مليون عميل
في عام 2016، حقق "نوبنك" إنجازاً مهماً بوصوله إلى مليون عميل، وحصل على تمويل بقيمة 80 مليون دولار من شركة رأس المال المغامر "يوري ميلنر"، مما مكنه من توسيع منتجاته المالية والحصول على رخصة مصرفية في البرازيل.
جاءت جائحة كورونا في عام 2019 لتكون نقطة تحول للبنك، حيث نمت أعماله بشكل كبير بفضل الاعتماد على الخدمات المصرفية الرقمية. تضاعفت إيراداته إلى 963 مليون دولار، بينما تقلصت خسائره إلى 44 مليون دولار. توسع البنك في الأرجنتين والمكسيك وكولومبيا، ليصل عدد عملائه إلى نحو 100 مليون عميل حتى الربع الأول من عام 2024.
نجاح عالمي وقصة إلهام
اليوم، يُعتبر "نوبنك" واحداً من أكبر المؤسسات المالية في أمريكا اللاتينية، حيث جذب مستثمرين بارزين مثل "وارن بافت". يحتفظ "فيليز"، الذي لا يزال الرئيس التنفيذي، بحصة تبلغ 23% من البنك، تقدر قيمتها بنحو 5.2 مليار دولار، فيما تصل ثروة عائلته إلى 13.5 مليار دولار.
بفضل رؤية جريئة واستغلال ذكي للفرص، استطاع "فيليز" تحويل فكرة بسيطة إلى بنك رقمي عالمي يلهم الأجيال القادمة.
وكالات