الرئيسية » آخر الأخبار » في دائرة الضوء » الاخبار الرئيسية » محلي »
 
19 تشرين الثاني 2024

التكنولوجيا البنكية.. تنعش التجارة المتعثرة في غزة

بوابة اقتصاد فلسطين

غزة- اسلام راضي

لجأت العديد من المحلات التجارية وسط شح السيولة النقدية في قطاع غزة وما يترتب عليه من أزمات اقتصادية حادة، في جنوب ووسط القطاع إلى تبني حلول مبتكرة عبر اعتماد البيع باستخدام التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية.

وهذه الخطوة جاءت كرد فعل على الأوضاع الاقتصادية المعقدة التي خلفتها الحرب المستمرة على القطاع وانعدام السيولة النقدية، بالإضافة إلى تفشي ظاهرة العمولة السوداء التي تستنزف جزءًا كبيرًا من رواتب الموظفين وأموال المواطنين.

وانتشرت نقاط البيع الإلكترونية في عدة مناطق لتلبية احتياجات المواطنين اليومية دون تحميلهم أعباء إضافية مثل الفوائد أو العمولات، هذه التقنية الجديدة سهلت على المواطنين شراء مستلزماتهم باستخدام التطبيقات البنكية، وهو ما خفف من الاعتماد على النقد المفقود في الأسواق.

ورغم انتشار هذه النقاط، إلا أن أعدادها لا تزال غير كافية مقارنة بالكثافة السكانية الكبيرة والاحتياجات الهائلة، حيث تتركز في مناطق محددة مثل النصيرات وخانيونس، ومع ذلك، يمثل هذا التحول علامة فارقة في طريقة التكيف مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ويعاني سكان قطاع غزة وأصحاب المحلات التجارية من عقبات تقنية مرتبطة بعدم توفر الإنترنت بشكل مستمر نتيجة الانقطاع المتكرر للكهرباء والدمار الكبير في البنية التحتية للاتصالات.

وهذه التحديات تعيق أحيانًا استخدام التطبيقات البنكية بشكل فعّال، خصوصًا في المناطق الجنوبية من القطاع التي تعاني من دمار واسع النطاق.

من جانب آخر، لا تزال نسبة كبيرة من السكان غير قادرة على الاستفادة من هذه التقنية بسبب عدم امتلاكهم لحسابات بنكية أو محافظ إلكترونية، نتيجة إغلاق معظم فروع البنوك في غزة، مما يحد من قدرة النظام الجديد على الوصول للجميع.

نقاط البيع: قصص نجاح محلية

في مقابلة مع صاحب نقطة بيع للخضار والفواكه في سوق العطار في منطقة مواصي خانيونس، أكد أن الاعتماد على التطبيقات البنكية خلال الشهر الماضي أدى إلى زيادة مبيعاته اليومية بشكل ملحوظ، وأوضح أنه يشترط على الزبائن شراء ما لا يقل عن 100 شيكل عبر التطبيق، مشيرًا إلى أن قراره جاء لمواجهة جشع تجار السيولة النقدية وتخفيف العبء عن المواطنين.

في مثال آخر، أفاد صاحب محل أحذية في خانيونس أنه يستخدم كلًا من طرق الدفع النقدية والإلكترونية، بهدف توفير بدائل للمواطنين في ظل ارتفاع الأسعار.

أما المواطن ماجد إبراهيم، موظف في سلطة رام الله ونازح في مخيم النصيرات، أكد أنه يعتمد منذ أكثر من خمسة أشهر على استخدام بطاقة الصراف والتطبيق البنكي لتلبية احتياجاته المنزلية، خاصة في ظل العمولة المرتفعة المفروضة على سحب الرواتب نقدًا.

وأشار إبراهيم إلى أن معظم المحلات التجارية في النصيرات تتعامل بهذا النظام منذ فترة طويلة، إلا أن الاعتماد عليه ازداد بشكل كبير خلال الأزمة الحالية.

ورغم الصعوبات، يبدو أن البيع عبر التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية يوفر حلًا عمليًا لمشاكل السيولة النقدية في القطاع، ومع استمرار انتشار هذه النقاط وتوسعها لتشمل مناطق أكثر، يمكن لهذه التقنية أن تسهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين وتحسين تجربة التسوق في ظل ظروف الحصار، ومع ذلك، يتطلب نجاح هذه المبادرة معالجة التحديات التقنية وتعزيز الوعي بأهمية النظام البنكي بين السكان.

وهذا التحول ليس فقط محاولة للتكيف مع الأوضاع الحالية، بل يمكن أن يكون نواة لتطور مستقبلي في نظام التجارة داخل قطاع غزة ومجابهة التحديات الجديدة الناجمة عن الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 13 شهرا.

ومن المتوقع أن يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين إلى 74.3% في عام 2024، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين، بمن فيهم 2.61 مليون شخص جديد ينضمون إلى مصاف الفقراء، كما يُقدر أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35.1% في عام 2024 مقارنة بالتقديرات في غياب الحرب، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 49.9%.

ويتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، أن ينخفض مؤشر التنمية البشرية لغزة إلى 0.408 وهو المستوى المقدر لعام 1955، مما يمحو أكثر من 69 عاما من التقدم التنموي.

وتشير تقديرات التقييم إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سينكمش بنسبة 35.1 في المئة في عام 2024 مقارنة بسيناريو غياب الحرب، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 49.9 في المئة.

وقدر تقرير الإسكوا أن أكثر من 80 في المائة من السكان في غزة أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر، وأن أكثر من 1.7 مليون فلسطيني أضيفوا إلى "مجموع الفقراء" منذ بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وبحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) فإنه مع استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة فإن الخسارة التي يواجهها الاقتصاد في القطاع، والوقت الذي يلزم لتعافي قطاع غزة من آثار هذه الحرب سيكون أطول. وما يحتاجه القطاع من دعم المانحين لإعادة الإعمار والتعافي سيكون أضعاف ما كان عليه بعد الحرب في عام 2014.

مواضيع ذات صلة