الموارد الطبيعية والسيادة الفلسطينية: زيادة عزلة إسرائيل
شهدت الأمم المتحدة صدور قرارين جديدين من لجانها، كلاهما يتعلق بسلوك إسرائيل الماضي والحاضر. في ظل استمرار معاناة قطاع غزة من الأمراض والجوع والموت، وبقاء الضفة الغربية تحت وطأة الاحتلال، تستمر المناقشات الدولية حول كيفية التعامل مع هذا الوضع البائس. ورغم أن هذه المناقشات تبدو في كثير من الأحيان مجرد مبادرات رمزية مليئة بالحديث غير الفعال، إلا أنها تزيد من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، عزلة لا ترتبط بالفضيلة أو الإعجاب.
في 13 نوفمبر، أقرّت اللجنة الثانية (اللجنة الاقتصادية والمالية) في الأمم المتحدة قرارين.
الأول: دعا إسرائيل إلى تحمل مسؤولية التعويض السريع والكافي للبنان والدول الأخرى المتضررة، بما فيها سوريا، بسبب تسرب نفطي على سواحلها نجم عن تدمير خزانات قرب محطة الطاقة الكهربائية في جيّه بلبنان خلال الحرب مع حزب الله في يوليو 2006. وصف المدير العام لوزارة البيئة اللبنانية آنذاك، بيرج هاتجيان، هذا التسرب بأنه "كارثة من أعلى الدرجات لدولة صغيرة مثل لبنان". ووفقًا لممثل لبنان في الأمم المتحدة، أعاق هذا الضرر جهود لبنان لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
الثاني: قُدم من قبل ممثل أوغندا، وكان ذا أهمية خاصة للفلسطينيين. حمل القرار عنوان: "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، والسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية". عبّر القرار عن قلقه من مواصلة إسرائيل استغلال الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة، بما يشمل تدمير الأراضي الزراعية والبنية التحتية الحيوية مثل شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء.
تناول القرار تدمير البنية التحتية، تأثير الذخائر غير المنفجرة، ونقص الطاقة المزمن في غزة الذي يؤثر على تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي. كما أشار إلى التأثير المدمر للمستوطنات الإسرائيلية على الموارد الطبيعية الفلسطينية والعربية من خلال مصادرة الأراضي، تحويل موارد المياه بالقوة، وتدمير المحاصيل والآبار، مما يؤدي إلى عواقب اقتصادية واجتماعية كارثية.
كما دعا إلى احترام وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وهي وحدة تتعرض لتآكل مستمر بسبب المستوطنين المتطرفين المدعومين من السلطات الإسرائيلية.
حظي القرار الثاني بتأييد 158 دولة، بما في ذلك أستراليا، التي دعمت للمرة الأولى قرارًا يتعلق بـ"السيادة الدائمة"، رغم معارضة الولايات المتحدة وكندا. أعربت وزارة الخارجية الأسترالية عن قلقها إزاء "النشاط الاستيطاني الإسرائيلي المستمر، مصادرة الأراضي، والعنف ضد الفلسطينيين"، مؤكدة أن هذه الممارسات تقوّض "الاستقرار وآفاق حل الدولتين".
أما الولايات المتحدة، فقد استمرت في معارضتها لأي إشارة إلى "السيادة الفلسطينية"، واصفة القرار بأنه "منحاز" و"لن يساهم في تحقيق السلام". واعتبر نيكولاس كوفال من البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أن القرار يعكس "تحيزًا مؤسسيًا دائمًا ضد إسرائيل".
في ظل التصعيد المستمر منذ أكتوبر الماضي، يبدو أن الفلسطينيين لا يُعاملون كأطراف مساوية في الصراع، بل كموضوع للهيمنة. تشير الممارسات الإسرائيلية، التي يدعمها قادة مثل وزير الأمن القومي الاسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إلى محاولة محو المشكلة الفلسطينية من خلال الإخلاء القسري والضم التدريجي.
تعدّ القرارات الأممية مثل تلك التي أُقرت في 14 نوفمبر تسجيلًا للمقاومة ضد محاولات محو الذاكرة التاريخية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ورغم ضعف التأثير العملي لهذه القرارات، فإنها توثق موقفًا دوليًا معارضًا للسياسات الإسرائيلية.