ظل الدولار الثقيل: رحلة العملة الأميركية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
بوابة اقتصاد فلسطين
في ليلة من ليالي السوق المالي، ومع اقتراب موعد تولي الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، منصبه، كان المستثمرون يتابعون تحركات الأسواق بشغف. هناك شيء ما كان يتحرك، شيء له ظل ثقيل وواسع يمتد عبر الأفق الاقتصادي للعالم، انه الدولار الأميركي.
ارتفع الدولار بخطوات ثابتة وواثقة، مدعومًا بوعود ترامب بخفض الضرائب وإلغاء بعض القيود التي تفرضها الحكومة، مما عزز من ثقة المستثمرين بأرباح الشركات الأميركية. وانعكس ذلك في الأرقام القياسية التي حققها مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، حيث بدأت الأسواق تترقب ما يمكن أن يحدث، خاصةً بعد أن رأى الجميع هذا الارتفاع الكبير في الدولار.
لكن خلف هذا الصعود كانت هناك كلفة. تأثير الدولار لم يكن بسيطًا على التجارة العالمية؛ فقد دفع ارتفاعه تكلفة الواردات إلى مستويات أعلى. ومع أكثر من 40% من التجارة العالمية يتم بالدولار، كانت البلدان حول العالم تشعر بالثقل. في آسيا وأميركا اللاتينية، تحديدًا، بدأت سلاسل التوريد تشكو، وزادت تكلفة السلع الوسيطة بشكل ملحوظ، مما أبطأ حركة التجارة العالمية وأثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.
الأمر لم يتوقف عند التجارة فقط، بل امتد ليشمل تمويل الدول والشركات. فقد كانت هناك بلدان اقترضت بالدولار، ولكن دون موارد دولارية لدعم تلك القروض، وكان ارتفاع الدولار يزيد من عبء ديونها بشكل متزايد. اضطرت بعض الاقتصادات الناشئة إلى رفع أسعار الفائدة للحفاظ على رأس المال، لكن هذا الارتفاع كان يفرض تحديات مالية وضغوطًا ثقيلة.
ومع ازدياد جاذبية الدولار كملاذ آمن، كان المستثمرون من مختلف أنحاء العالم يهرعون لشراء الأصول المقومة بالدولار، مما جعل البنوك المركزية في هذه الاقتصادات تحت ضغط هائل. وبينما وقف ترامب ينتقد قوة الدولار لتأثيره على الصناعة المحلية، كان الدولار مستمرًا في استقطاب رؤوس الأموال من مختلف انحاء الأرض.
وهكذا، في عالم الاقتصاد المتشابك، بقي الدولار مسيطرًا، يواجه أمواجًا من الطلب العالمي عليه، بينما يقف الاقتصاد العالمي منتظرًا تأثير رحلته التي تزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية العالمية.
منقول بتصرف عن صحيفة "إيكونوميست"