من مرآب السيارات إلى قمة التكنولوجيا: رحلة تأسيس "شوبيفاي"
بوابة اقتصاد فلسطين
شهد تأسيس منصة "شوبيفاي" للتجارة الإلكترونية مسيرة ملهمة بدأت في مرآب صغير وتحولت إلى إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في كندا. تعود القصة إلى "توبي لوتكي"، الذي ولد في ألمانيا مطلع الثمانينيات، وبدأ شغفه بالبرمجة منذ صغره عندما أهداه والده حاسوبًا خاصًا وهو في السادسة من عمره. من خلال هذا الحاسوب، بدأ "توبي" في اكتشاف عوالم البرمجة والألعاب الإلكترونية، مما مهد الطريق لاهتمامه بالتكنولوجيا.
في سن السادسة عشرة، كان "توبي" مهووسًا بالبرمجة لدرجة أنه قرر ترك المدرسة الثانوية والالتحاق كمتدرب في شركة "سيمنز" الألمانية، حيث سمحت له هذه الفرصة بتطوير قدراته التكنولوجية بشكل عملي. وفي عام 2002، انتقل إلى أوتاوا في كندا بحثًا عن فرص جديدة، وواجه في بداية حياته هناك صعوبات في الحصول على أدوات تزلج على الجليد عالية الجودة، مما دفعه إلى اتخاذ قرار جريء بإنشاء متجر إلكتروني لبيع معدات التزلج على الجليد تحت اسم "سناوديفل" وهو في الرابعة والعشرين من عمره.
بعد تجربته الناجحة في هذا المجال، بدأ "توبي" في العمل على مشروع برمجي جديد باستخدام إطار "روبي أون ريلز" المفتوح المصدر، وتعاون مع الفريق الأساسي للمشروع لإطلاق برنامج جديد يُسمى "تايبو". هذا النجاح المبكر جعله معروفًا في أوساط البرمجة، وأكسبه سمعة بين مطوري الويب.
وفي خطوة جديدة جريئة، جمع "توبي" كل الأرباح التي حققها من بيع ألواح التزلج، بالإضافة إلى بعض الاستثمارات الصغيرة من أفراد عائلته، ليصل المبلغ الإجمالي إلى 200 ألف دولار. بهذا المبلغ، أطلق رسميًا منصة التجارة الإلكترونية "شوبيفاي" في عام 2006، وهو بعمر السادسة والعشرين. أمضى حوالي 18 شهرًا في تطوير النسخة الأولى من المنصة من مرآب سيارات، واستعان بموقع على الإنترنت لتوليد الأسماء حتى استقر على اسم "شوبيفاي".
قام "توبي" ببناء نموذج عمل مبتكر حيث لم يعتمد على رسوم ثابتة من البائعين كما كان شائعًا في معظم المتاجر الإلكترونية في ذلك الوقت، بل ابتكر طريقة أخرى تتمثل في تحصيل نسبة مئوية من الإيرادات من كل عملية بيع، تصل إلى 3%. ومع مرور عام واحد، قام بتغيير استراتيجيته وانتقل إلى سياسة التسعير الثابت التي تفرض رسومًا على كل عملية يقوم بها المتجر.
في البداية، شغل "توبي" منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا بينما كان شريكه "سكوت ليك" الرئيس التنفيذي. ولكن بعد الحصول على تمويل ضخم في عام 2007، ترك "سكوت" منصبه، ليصبح "توبي" الرئيس التنفيذي للشركة. تحت قيادته، زاد عدد أعضاء الفريق إلى 10 أشخاص، وحققت الشركة إيرادات بمليون دولار في العام الأول، كما حققت تدفقًا نقديًا إيجابيًا.
وفي عام 2010، حصلت "شوبيفاي" على تمويل بقيمة 7 ملايين دولار، وكان عدد موظفي الشركة في ذلك الوقت حوالي 20 موظفًا. وبعد عام واحد، تضاعف عدد الموظفين إلى 100 شخص، ونجحت الشركة في تحقيق إيرادات ضخمة بلغت 750 مليون دولار من خلال 40 ألف متجر.
مع نمو الشركة، أدرك "توبي" أهمية التعاون مع مصممي الويب الذين كان لهم تأثير كبير على مجتمعاتهم. فقام بتقديم عرض مثير: حصة في أرباح الشركة المستقبلية مقابل استخدام "شوبيفاي" كمنصة التجارة الإلكترونية المفضلة لديهم. هذه الخطوة الذكية ساهمت في زيادة شهرة المنصة وجذب المزيد من المستخدمين.
اليوم، تعتبر "شوبيفاي" إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في كندا، وتبلغ قيمتها السوقية حوالي 105 مليارات دولار، مما يجعلها ثاني أكبر شركة في البلاد بعد "رويال بنك أوف كندا". أما "توبي لوتكي"، البالغ من العمر 44 عامًا، فقد بلغت ثروته الشخصية 7.3 مليار دولار.
تجسد رحلة "توبي" من مرآب صغير إلى قمة التكنولوجيا قصة نجاح ملهمة، تذكرنا بأن الرؤية الواضحة والعمل الجاد يمكن أن يحولا أي فكرة صغيرة إلى إمبراطورية ضخمة.
وكالات