الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
06 تشرين الأول 2024

إعفاء أبناء العمال من الرسوم: قرار مهم ولكن...

بقلم: ابراهيم الذويب
محامي ومحاضر جامعي

جاء قرار وزيرة العمل الفلسطينية الدكتورة إيناس العطاري في نهاية شهر أيلول الماضي، بإعفاء أبناء العمال المتعطلين عن العمل من دفع الرسوم المدرسية، بالتنسيق بين وزارة العمل ووزارة التربية، في إطار تفعيل قرار سابق صادر عن مجلس الوزراء رقم 96 لسنة 2007 ، بتنسيب من وزير الشؤون الإجتماعية في حينه، وينص على إعفاء أبناء الأسر الفقيرة وأبناء العاطلين عن العمل من دفع الرسوم المدرسية، وهو يقضي بإعفاء أبناء الاسر الفقيرة الواردة أسماؤهم في سجلات وزارة التنمية الاجتماعية، وأبناء العمال العاطلين عن العمل الموجودة أسمائهم والمعتمدة في سجلات وزارة العمل، وبذلك يكون العمال مرتبطين مع وزارة العمل، والأسر الفقيرة مرتبطة مع وزارة التنمية الاجتماعية، ليتم إعفاؤهم من تسديد الرسوم المدرسية وفق الآليات المتبعة من وزارة التربية، وبتنسيق مع الدوائرة المختصه ذات العلاقة.

قرار وزيرة العمل ليس جديداً في مضمونه، بل استند الى القرار الصادر سابقاً، حيث تم تفعيل القرار للعمل به، حسب معطيات الوزارة وبناءَ على إجتماع الوزيرة مع عدد من العمال المتعطلين عن العمل في مقر الوزارة لمناقشة الإشكاليات والظروف التي تواجه العمال، والناجمة عن تعطلهم عن، حيث أشار العمال الى أوضاعهم المتردية والصعوبات التي يواجهونها لتدبير حياتهم ةتأمين احتياجات أسرهم، ووعدتهم الوزيرة بتفعيل بعض الإجراءات التي تساهم في التخفيف من معاناتهم والعمل على اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتخفيف أعبائهم بسبب التزاماتهم.

أحد هذه التدخلات كان تفعيل هذا القرار حيث بدأت المديريات بإصدارات شهادات تعطل عن العمل يحصل عليها العامل المعني من مديريات العمل كل في محافظته، لتقديمها للمدارس لاتخاذ الإجراءات اللازمة، من أجل الإعفاء من دفع الرسوم المدرسية، وتشمل هذه الشهادات العمال الفلسطينين في المشاريع الإسرائيلية الذين تعطلوا عن العمل منذ اكتوبر الماضي، وكذلك العاملين في المشاريع الفلسطينية، هذا على غرار إصدار التأمين الصحي للعمال بناء على قاعدة البيانات الموجودة لدى وزارة العمل، والتي يشوبها خلل ولا تشمل جميع العمال، حيث أن غالبية العمال الذين يعملون في المستوطنات، والعمال الذين يعملون بتصاريح خاصة متعددة أو بدون تصاريح، ليست لديهم بيانات دقيقة لهم خاصة وأنه منذ فترة طويلة، تصاريح العمل غير مرتبطة بدوائر الاستخدام في وزارة العمل الفلسطينية كما في السابق.

لا شك أن قرار وزيرة العمل قرار هو خطوة إيجابية مهمة في الإتجاه الصحيح. إلا أنه يفتقر الى منهجية التطبيق من ناحية، فضلا عن كونه جاء متأخراً، حيث أن العام الدراسي بدأ في الأول من أيلول، والقرار جاء في نهاية أيلول، بعد أن يكون غالبية الطلاب قد سددوا الرسوم مما يخلق إشكالية استرجاع الرسوم للعمال الذين دفعوا أم لا، خاصة أن الرسوم تشكل دخلا لموازنة المدارس، وعلى الأغلب تقوم إدارات المدارس بجمعها في بداية العام الدراسي، كما أن هذه الإجراءات المعقدة التي يجب أن يتبعها العامل للحصول على الإعفاء أو شهادة المتعطل عن العمل، تساهم في انكشاف العاملين  واحتياجاتهم.

كما أن مديريات العمل تتركز في مراكز المحافظات، ما يشكل عبئا على العمال في الانتقال من أماكن سكنهم الى مديريات العمل لاستصدار الشهادات، لذلك يتكبدون أعباء مالية قد توازي الرسوم المدرسية خاصة أنها رسوم رمزية، كان من الأجدى تنسيق الإجراءات مع البلديات والمجالس المحلية، كونها على دراية بأحوال وأوضاع الأسر والعمال، ويبقى التساؤل هل ثمة دور لممثلي العمال من النقابات والاتحادات العمالية، التي يفترض أن يكون لديها كشوفات للعاملين الموجودين على رأس عملهم والمتعطلين عن العمل؟

إن موضوع التعطل عن العمل بحد ذاته ليس جديدا، حيث يتذبذب بين فترة وأخرى في إطار سوق العمل الفلسطيني،  قد تختلف فترة التعطل في أوقاتها ومدتها خاصة أن البطالة منتشرة بشكل كبير ونسبها مرتفعة، سواء مؤقتة أو دائمة، وقد تمتد الى فترات طويلة مثل التعطل الذي حصل في الفترة الاخيرة المستمر منذ عام، وجزء منها ناجم عن سياسة الإلحاق وتبعية اقتصادنا الوطني لاقتصاد الاحتلال.

 هذه الحلول وعلى أهميتها تبقى حلولا جزئية، حيث كان من الأجدى بوزارة العمل ومجلس الوزراء وممثلي أطراف الإنتاج أن يعملوا معاً لخلق سياسات اقتصادية واجتماعية تكفل شروط وظروف عمل لائق للعمال الفلسطينين، وهذا لا يمكن أن يتم دون وجود إستقرار في العمل من ناحيه، وإستكمال سلسلة التشريعات الفلسطينية من ناحية أخرى، بمعنى تطبيق جدي وفعلي لقانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000، غير المطبق بشكل فعلي على فئات واسعة من العمال، وكذلك إقرار قانون ضمان إجتماعي يكفل للعمال استقرارا وضمانا لحقوقهم في حال تعرضهم لمكروه مثل إصابات العمل أو سواها وكذلك في حالة التعطل عن العمل.

هذه ضرورة من أجل تطبيق سياسات عادلة تستكمل سلسة التشريعات الاجتماعية وتكفل الحقوق الدستورية للعاملين، وهو المطلب الجوهري والتوصيات الأساسية التي تخدم العاملين وتحد من الحلول الاجرائية التخديرة التي لا تكفل إستقرار وأمن مستقبلي للعمالين وأسرهم، والتي لا تساهم ألا في جزء بسيط جداً من التزامات العاملين.

هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟