الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
26 أيلول 2024

تهريب الشيكل عن طريق الاحتلال في فلسطين التحدي الأكبر في أزمة الفائض

بقلم: حسناء الرنتيسي
صحفية اقتصادية

أصبحت قضية تهريب الشيكل إلى السوق الفلسطينية عن طريق الاحتلال واحدة من أبرز العوامل التي تساهم في تفاقم أزمة فائض العملة الإسرائيلية في الاقتصاد الفلسطيني. هذا التهريب المستمر، والذي يحدث عبر الحدود بين الضفة الغربية وإسرائيل، يؤدي إلى تدفق كميات ضخمة من الشيكل إلى الأسواق المحلية، ما يزيد من العبء المالي على القطاع المصرفي الفلسطيني ويعقد من عملية إدارة السيولة.

تتمثل أسباب تهريب الشيكل بشكل اساسي بالتدفق غير القانوني للشيكل، حيث تشكل عمليات تهريب الشيكل من إسرائيل إلى الضفة الغربية جزءًا أساسيًا من المشكلة، ويتم تصريف هذه الأموال في الأسواق الفلسطينية بطرق غير مشروعة. هذا التهريب أدى إلى تراكم كميات ضخمة من الشيكل تفوق حاجة الاقتصاد المحلي، ما يفاقم أزمة الفائض ويزيد الضغط على النظام النقدي.
أضف الى ذلك ضعف الرقابة على الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية يساعد في تسهيل تهريب الشيكل إلى الأسواق الفلسطينية. وتتركز هذه العمليات غالبًا في المناطق التي يصعب فيها تطبيق القانون أو فرض الرقابة الاقتصادية.
مع اعتماد الفلسطينيين بشكل كبير على التجارة مع إسرائيل، يتم استغلال قنوات التهريب في إدخال كميات إضافية من الشيكل. وهذا يعقد مشكلة التحكم في تدفق العملة.

أسباب أخرى

إلى جانب التهريب، هناك عدة عوامل تساهم في تفاقم الفائض من الشيكل في الاقتصاد الفلسطيني تتمثل في الاعتماد على التجارة مع إسرائيل، حيث أن نحو 70-80% من التجارة الخارجية الفلسطينية تتم مع إسرائيل. وفقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وتصل نسبة الصادرات إلى إسرائيل إلى 86% من إجمالي الصادرات، في حين تشكل الواردات منها حوالي 62.4%. هذا الاعتماد الكبير على إسرائيل يزيد من حجم الشيكل المتداول في الأسواق الفلسطينية.

كما يعتمد الاقتصاد الفلسطيني على الشيكل إلى جانب الدولار الأمريكي والدينار الأردني، ولكن بحكم الاعتماد على التجارة مع إسرائيل، يبقى الشيكل هو العملة الأكثر تداولًا. يتم استخدام الشيكل أيضًا في دفع الرواتب والإيرادات الحكومية، بما في ذلك أموال المقاصة التي تجمعها إسرائيل.

أضف الى ذلك التحويلات المالية المباشرة، حيث يشمل فائض الشيكل التحويلات المالية من العمال الفلسطينيين العاملين داخل إسرائيل، بالإضافة إلى المدفوعات من الإسرائيليين الذين يتعاملون مع السوق الفلسطينية.

كما أن هناك دفعة نقدية عن طريق مشتريات الفلسطينيين داخل إسرائيل من أسواق الضفة الغربية، والتي تساهم أيضًا في زيادة الفائض من الشيكل.

الأعباء المالية ..

تتحمل البنوك الفلسطينية تكاليف كبيرة نتيجة تراكم كميات الشيكل في النظام المصرفي. من بين هذه التكاليف التأمين على النقد، حيث تضطر البنوك إلى التأمين على كميات كبيرة من الشيكل الموجودة في خزائنها، وهي كلفة تضاف إلى التكاليف التشغيلية.

لإضافة الى تكاليف التخزين والنقل، حيث تحتاج البنوك إلى تخصيص موارد إضافية لتخزين ونقل هذا النقد المتكدس، وخاصة عند الحاجة إلى شحنه إلى البنوك الإسرائيلية، ما يضيف كلفة إضافية على العمليات المصرفية.

وبحسب تقديرات "سلطة النقد الفلسطينية"، فإن فائض الشيكل المتداول في السوق الفلسطينية يبلغ حوالي20 مليار شيكل سنويًا.

ويؤدي فائض الشيكل إلى زيادة غير متوازنة في عرض النقود، مما يسهم في تضخم السيولة ويعيق قدرة البنوك على التحكم في السيولة المتاحة.

كما أن السياسات الإسرائيلية تعرقل عملية تحويل الشيكل الزائد إلى النظام المالي الإسرائيلي، مما يضع ضغوطًا إضافية على القطاع المصرفي الفلسطيني من حيث التأثير على الاستقرار المالي وخلق حالة من عدم التوازن النقدي، ما يؤثر على استقرار النظام المالي الفلسطيني، حيث تصبح البنوك غير قادرة على تحويل هذا الفائض إلى استثمارات مفيدة أو استخدامه في تحسين السيولة.

أضف الى ذلك ما يمكن أن يؤديه فائض الشيكل من دعم السوق السوداء، فتراكم الشيكل في السوق السوداء يزيد من فرص تداول العملة فيه، حيث يتم تبادل العملة خارج المؤسسات المالية الرسمية. في هذه الحالة، يسعى التجار والمستثمرون إلى الاستفادة من فرق السعر أو تحقيق مكاسب غير قانونية، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية (مثل الدولار أو الدينار الأردني) في السوق السوداء.

وعندما يكون هناك فائض في الشيكل، قد يؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة العملة في السوق السوداء نتيجة لقلة الطلب عليها مقارنة بالعرض الكبير، مما يشجع على التبادل في هذه السوق لتحقيق مكاسب سريعة أو لتجنب القوانين والضرائب.

كما أن وجود فائض كبير من الشيكل وتداوله في السوق السوداء يؤثر سلباً على الاقتصاد الرسمي من خلال زيادة التهرب الضريبي وتقليل كفاءة النظام المصرفي. كما يؤدي ذلك إلى اضطراب في استقرار الأسعار نتيجة لتفاوت القيمة بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء.

فالعلاقة بين فائض الشيكل والسوق السوداء متشابكة ومعقدة. حيث أن الفائض الكبير في الشيكل قد يؤدي إلى زيادة التداول غير الرسمي لهذه العملة، ما يعزز وجود السوق السوداء ويؤثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني ككل.

حلول ومقترحات

ومن بين الحلول المطروحة لمواجهة الأزمة تقليل الاعتماد على التجارة مع إسرائيل من خلال تعزيز الصادرات إلى الأسواق الدولية والعربية، بالتالي تقليل تدفق الشيكل إلى السوق الفلسطينية، ما يسهم في الحد من الفائض.

أضف الى ذلك مساعي سلطة النقد لتطوير أدوات مالية جديدة تساعد في التحكم بتدفق الشيكل والحد من الفائض المتزايد عبر التحول الرقمي.

لكن، ومع ذلك كله، لماذا يطلب من سلطة النقد الحل بما أننا كفلسطينيين لسنا مسببا رئيسيا  في المشكلة، بما ان أبرز قنوات الشيكل في السوق الفلسطيني سببها الاحتلال (بفعل التهريب لأسواق الضفة)، ومع توقف العمالة في الداخل، حيث ما يزيد عن مليار شيكل كانت تدخل اسواقنا شهريا، ولم تعد كذلك، وبما أن هناك نقد قادم عن طريق فلسطينيي الداخل فإن ذلك يعني أن اسرائيل متسبب رئيسي في المشكلة، وبالتالي هي المطالبة بالحل فعليا، ويجب دائما وضعها في موقع المطالب بالحل وليس العكس.

وتبقى النقطة الجوهرية أنه لا حل للأزمة الفلسطينية دون حل سياسي، ودون الضغط على اسرائيل من أجل قبول استقبال العملة النقدية من فئة الشيكل المتراكمة.

 

 

 

 

كلمات مفتاحية::
هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟