ما الذي يعنيه قرار الفيدراليّ الأميركيّ بخفض سعر الفائدة؟
خفض أسعار الفائدة يخفض قليلًا من قيمة العملة، وبالتّالي تصبح هذه العملة أقلّ كلفة على المستوردين "أي أنّ سعر السلعة تصبح أقلّ"، لذا تزداد فرص الإقبال على السلعة الرخيصة...
بوابة اقتصاد فلسطين
تصدر عديد البنوك المركزيّة في العالم من الأربعاء حتّى الجمعة، قراراتها بشأن أسعار الفائدة، بقيادة الفيدراليّ الأميركيّ الّذي يصدره قراره مساء اليوم، وسط ترقّب من شرق العالم إلى غربه.
وتشير ترجيحات وول ستريت إلى خفض الفيدراليّ الأميركيّ أسعار الفائدة على الدولار، بمقدار 25 نقطة أساس، لتستقرّ عند نطاق 5 - 5.25 بالمئة، وهو إن حصل فسيكون الأوّل منذ مارس/ آذار 2020.
فرضيّة الخفض ستدفع عديد البنوك المركزيّة العربيّة، بما فيها السعوديّة والإمارات والأردنّ وسلطنة عمّان وقطر، لاتّخاذ قرار مماثل، بسبب ربط عملات هذه الدول بالدولار.
كذلك، تجتمع البنوك المركزيّة في البرازيل وتركيّا واليابان وإنجلترا، هذا الأسبوع، لاتّخاذ قراراتها بشأن أسعار الفائدة على عملاتها، في اجتماعات منفصلة تمتدّ من الأربعاء حتّى الجمعة.
وأمام توقّعات بدء سياسة التيسير النقديّ (خفض أسعار الفائدة)، فإنّ ذلك يظهر رابحين وخاسرين من هذه القرارات.
حاليًّا، تراوح أسعار الفائدة الأميركيّة بين نطاق 5.25 بالمئة - 5.5 بالمئة، عند أعلى مستوى من 23 عامًا، وأثّرت في الإقراض العالميّ، وديون الحكومات المقوّمة بالعملة الأميركيّة أو تلك المربوطة بها.
وتبقى لدى الفيدراليّ الأميركيّ هذا العام 3 اجتماعات، أقربها الثلاثاء والأربعاء (أمس واليوم)، واجتماع في نوفمبر/ تشرين الثاني، والأخير في ديسمبر/ كانون الأوّل 2024.
أبرز الرابحين
في صدارة الرابحين من خفض أسعار الفائدة، يأتي المقترضون من أفراد وشركات حتّى حكومات، لأنّ أسعار الفائدة على هذه القروض ستتراجع، وبالتالي هبوط قيمة القسط النهائيّ الشهريّ المستحقّ على المقترضين.
ومن بين الرابحين أيضًا، أسواق الأسهم العالميّة الّتي قد تكون هدفًا للمستثمرين بالصناديق المقوّمة بالدولار، الّذين سينقلون أموالهم إلى استثمارات أخرى تحقّق لهم عوائد مرتفعة.
فبعد أكثر من عامين على استغلال أصحاب الودائع المصرفيّة أسعار الفائدة المرتفعة عليها، فإنّ خفض أسعار الفائدة يقلّل العوائد الماليّة على الودائع، ما يؤدّي إلى بحثهم عن استثمارات ذات جدوى أفضل.
ويعدّ الذهب بين الرابحين من هبوط أسعار الفائدة على العملات في العالم، فالعلاقة الطبيعيّة بين المعدن الأصفر وأسعار الفائدة عكسيّة، وهو ما ظهر هذا الأسبوع من كسر الذهب قممًا تاريخيّة، مع توقّعات خفض الفائدة.
كذلك، سيكون قطاع الصادرات رابحًا من فرضيّة خفض أسعار الفائدة، لأنّ الصادرات تصبح ذات تنافسيّة عالية مع أسواق الصادرات الأخرى في العالم، من هبوط قيمة العملة.
فخفض أسعار الفائدة يخفض قليلًا من قيمة العملة، وبالتّالي تصبح هذه العملة أقلّ كلفة على المستوردين "أي أنّ سعر السلعة تصبح أقلّ"، لذا تزداد فرص الإقبال على السلعة الرخيصة.
من الرابحين أيضًا، الاقتصادات المحلّيّة في العالم الّتي ستستقبل سيولة نقديّة على شكل استثمارات، وهي أموال كانت في البنوك، فيما يعني تدفّقها للأسواق استثمارها وتأثيرها الإيجابيّ على عجلة الإنتاج والتوظيف والنموّ الاقتصاديّ.
أبرز الخاسرين
تتصدّر البنوك في العالم قائمة أبرز الخاسرين من فرضيّة خفض أسعار الفائدة، لأنّ المودّعين سيلجأون إلى سحب أموالهم أو جزء منها واستثمارها بعيدًا عن القطاع المصرفيّ.
هذه الأموال ظلّت منذ أكثر من عامين لدى البنوك، ويتقاضى أصحابها عوائد ماليّة، إلّا أنّ خفض أسعار الفائدة سيقلّل مقدار العوائد ويدفع المستثمرين للبحث عن أدوات استثمار أفضل.
أصحاب الودائع أيضًا هم خاسرون، خاصّة أولئك الّذين لا يملكون روح المخاطرة، ولم يجدوا أدوات استثمار ذات مخاطر متدنّية لوضع أموالهم فيها، ما يدفعهم لإبقاء الودائع داخل البنوك، وتلقّي عوائد أقلّ من السابق.
كما أنّ البنوك تتضرّر من جانب آخر، وهو تراجع عوائدها الماليّة القادمة من الإقراض المصرفيّ، لأنّ أسعار الفائدة ستتراجع، وبالتّالي تتراجع قيمة الفائدة المستحقّة على الأقساط الشهريّة.
من أبرز الخاسرين كذلك، الصين؛ وبالعودة إلى تاريخ العلاقة بين الدولار واليوان، فإنّ الأخير يرتفع مع تراجع الأوّل، وهنا تزداد كلفة شراء اليوان، ويعني ذلك، زيادة كلفة الصادرات الصينيّة، وجعلها أقلّ تنافسيّة.
مسألة أخرى هامّة، هي أنّ خفض أسعار الفائدة يعني زيادة الاستثمار، وهو أمر إيجابيّ، إلّا أنّ زيادة الاستثمار تعني زيادة الإنتاج الّذي يحتاج إلى أيد عاملة، وبالتالي زيادة التوظيف.
إلّا أنّ زيادة التوظيف تعني زيادة السيولة الماليّة بين الأفراد، وهنا تحدث زيادة الاستهلاك والّتي تدفع في مرحلة ما إلى زيادة الطلب على السلع، وبالتالي ارتفاع التضخّم مرّة أخرى.
عرب 48