الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
11 آب 2024

(1180 %) نسبة ارتفاع الاستيراد الفلسطيني للبضائع التركية لضمان استقرار سوق البضائع في إسرائيل في ظل حرب التطهير العرقي التي تشنها على قطاع غزة

بقلم: محمود الإفرنجي
باحث ومنسق أعمال مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية

فُجعت وانقطعت انفاسي وأنا أقرأ خبرًا تناولته إحدى المواقع الإخبارية الفلسطينية على عجل مفاده أن "1180% نسبة ارتفاع الواردات الفلسطينية من تركيا خلال شهر تموز/ يوليو 2024 لضمان تدفق السلع إلى السوق الإسرائيلية وكفالة استقرارها."  بحثت عن المصدر الرئيسي للخبر ووجدته منشورًا تحت عنوان "الصادرات التركية إلى فلسطين ترتفع بشكل صاروخي"   من قبل صحيفة غلوبس (GLOBES) الاقتصادية ومفاده أن الشركات الفلسطينية حلت محل مثيلاتها الإسرائيلية لتجاوز الحظر التركي على الاستيراد الإسرائيلي.  الصحفية استندت إلى بيانات "جمعية المصدرين الأتراك" والتي جاء فيها أن قيمة الواردات الفلسطينية من تركيا بلغت خلال شهر تموز/ يوليو 2024 (119.6) مليون دولار مقابل (9.3) مليون دولار خلال ذات الشهر من العام الماضي.

ووفقًا للصحيفة أيضًا فإن الشركات الإسرائيلية قد وجدت في الفلسطينيين ثغرة لضمان استقرار سوق السلع في إسرائيل، وتجاوز الحظر التركي لتصدير البضائع إلى إسرائيل الذي أعلن عنه الرئيس أوردغان قبل ثلاثة شهور للضغط على دولة الاحتلال لوقف حرب التطهير العرقي التي تشنها ضد قطاع غزة.  هذه الثغرة تضمن استفادة مضاعفة للإسرائيليين، أولها عدم الاضرار بصناعة البناء الإسرائيلية، حيث تركز الاستيراد على مواد الاسمنت والحديد الصلب ومنتجات التعدين، وثانيها عدم إلحاق خسائر بالتجار الإسرائيليين، حيث أن تكلفة تسجيل وثائق الشحن باسم دولة ثالثة، وإعادة تفريغها ونقلها لإسرائيل يكبدهم أموالًا طائلة، عدا عن إطالة أمد وصول الشحنات.
مباشرة استذكرت استشراف الدكتور عبد الوهاب المسيري عندما حلل المنظومة النفعية المستغلة للأيديولوجيات حيث قال: "سيأتي يومًا رجل يحمل حقيبة يريد فقط التجارة، ليس يهوديًا إنما مسلم يلعب دور اليهودي، سيأتي اليهودي الجديد ... اليهودي الوظيفي."  قد يعترض البعض على تحليل المسيري، وهو اعتراض جائز طالما استمرت القيم الوطنية في الانهيار، وعزز هذا الانهيار صعود قيم الانقسام النفعي القائم منذ 2007، فأصبح التنسيق الأمني على سبيل المثال لا الحصر "مصلحة وطنية"، وقمع المناضل للحرية لحرية تعبير مواطنيه "مصلحة وطنية".
ولكن، وقبل مراجعة هذا البؤس الوطني الداخلي، على وزير الاقتصاد الفلسطيني محمد يوسف العامور، الذي تمنح وزارته أذون الاستيراد من الخارج، أن يعقد مؤتمرًا صحفيًا يوضح حقيقة هذه البيانات، وإن واصلت الوزارة منح هذه الأذون، لاستيراد بضائع لا يتحملها السوق الفلسطيني، خلال الشهر الجاري، وما هي الإجراءات العقابية التي ستفرضها الوزارة على كل تاجر فلسطيني قبِل على نفسه بأن يكون "مُحللًا" في سبيل عودة البضائع التركية إلى السوق الإسرائيلية، وإلا يعتبر صمت الوزارة على هذه الجريمة بحق الدم الفلسطيني اشتراكًا فيها.  وأيضًا مطلوب من حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) متابعة هذه البيانات واتخاذ موقفًا واضحًا من "أمراء الحرب" وفضح دورهم.
ووطنيًا، على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، مواجهة استراتيجية دولة الاحتلال الإسرائيلي في تفكيك الهوية الوطنية الفلسطينية الجمعية، مناطقيًا، عشائريًا، فئويًا ونفعيًا، ومواجهة الانقسام السياسي النفعي البغيض الذي خدم تلك الاستراتيجية الإسرائيلية، باستراتيجية وطنية تعيد للهوية الوطنية الجمعية قيمتها ورمزيتها، لضمان التصاق كافة شرائح المجتمع الفلسطيني فيها، مع برنامج وطني جمعي يضمن كافة الوسائل الشرعية لمواجهة الاحتلال الذي لم يعد خافيًا على أحد بأنه يعمل على تصفية القضية الفلسطينية بكل مكوناتها البشرية والوطنية والجغرافية، ليبقي فقط على النفعيين ممن يخدمون أمن ورفاه دولة الاحتلال.

هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟