دعم أوروبي "مشروط" تأثيره جزئي على المالية العامة.. والرواتب كاملة مرهونة بالمقاصة
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
قرار الاتحاد الأوروبي تقديم دعم مالي طارئ للسلطة الفلسطيني بقيمة 400 مليون يورو على شكل منح وقروض، دفع القطاع الخاص والموظفين لبناء آمال بانفراجة يُراد منها الانعكاس على مستحقاتهم.
اعتبارا من تشرين ثاني 2021 عجزت الحكومة الفلسطينية السابقة عن دفع أجر كامل للموظفين العموميين، بسبب اقتطاعات إسرائيل من أموال المقاصة، وتراجع الدعم الخارجي.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، علقت إسرائيل تحويل أموال المقاصة للجانب الفلسطيني، بعد إعلانها اقتطاعا إضافيا يبلغ شهريا 74 مليون دولار، يمثل ما تحوله السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
السياسة الاسرائيلية أدخلت الاقتصاد الفلسطيني في "عنق الزجاجة"، ودفعته للمزيد من التدهور.
لكن كيف ينظر الاقتصاديون الى هذا الدعم الأوروبي المعلن؟ وهل يحق للقطاع الخاص والموظفين التفاؤل لهذا الحد؟
يجيب د. شاكر خليل -الخبير الاقتصادي والأكاديمي - على هذا التساؤل بتساؤلات أخرى، هل هذه الأموال لدعم الخزينة والرواتب أم مجالات أخرى؟، اذا كان الجواب هو لدعم الخزينة فرضا، متى مواعيد تحويل تلك الدفعات.؟
ويوضح "يجب إدراك أن الأزمة المالية عميقة، فلو فرضنا أنها ستحول على دفعات قريبة وللخزينة فحجم الأزمة كبير، بالتالي أرى أنها ستخفف من الأزمة ولكن مقدار التأثير سيبقى محدودا، وخاصة في ظل قرصنة اسرائيل لأموالنا )أموال المقاصة(.
ويرى د. شاكر أن الخطوة مهمة، وأهميتها تكمن بالأهمية السياسية، لكن يبقى السؤال: هل هذه الأموال مربوطة بما تم تداوله مؤخرا بما سمي اتفاقية النوايا بين السلطة والاتحاد الأوروبي. والتي هناك شروط لها.؟
ويشير الى اعتقاده بعدم صرف راتب كامل من غير حل جذري للأزمة المالية.
في ذات السياق يبدي مؤيد عفانة -الخبير والباحث في قضايا الموازنة - تفاؤله بشأن هذا الدعم، ويرى أنه سيؤثر بشكل جزئي على المشهد الاقتصادي القاتم، وسيساهم في منح الحكومة مرونة عمل أكبر فيما يتعلق بالخزينة العامة والايرادات.
يقول "نتحدث عن 400 مليون يورو، هذا المبلغ سيصرف من خلال ثلاث دفعات من المتوقع ان تكون الدفعة الاولى خلال الفترة القادمة، وبالتالي الحكومة الآن تمتلك أدوات عمل وسيولة تساعدها أكثر في إدارة الملف الاقتصادي والأزمة المالية التي نمر بها، فهو خبر جيد، وهو تقدم ايجابي على صعيد المالية العامة في فلسطين."
"الرواتب مرهونة بالمقاصة"
أما بشأن إمكانية صرف راتب كامل للموظفين بناء على المنحة المعلنة قال عفانة "حتى نكون منطقيين هناك ثلاثة توقعات، قضية الرواتب مرتبطة بإيرادات المقاصة، بمعنى أن ما ستفرج عنه اسرائيل من أموال سيظهر في نهاية شهر7 وأول شهر 8، تقديري ما سيفرج عنه من أموال المقاصة إضافة الى الإيراد المحلي والدعم الاوروبي سيعطي الحكومة مرونة أكبر في دفع الرواتب، والتي يمكن أن تنعكس بزيادة النسبة للصرف، لكن لا اتحدث عن راتب كامل، حيث لا يمكن بحال دفع راتب كامل أو نسبة متقدمة، فايرادات المقاصة في شهر بنحو 250 مليون دولار بالوضع الطبيعي، وكل دعم الاتحاد الأوروبي 400 مليون يورو، أي تبقى إيرادات المقاصة هي حجز الزاوية"
وأوضح عفانة أن ال400 مليون لم تخصص فقط لقضايا الرواتب، جزء منها للموردين والقطاع الخاص، وجزء للبنوك، لأننا نعلم ان الحكومة أخذت قرضا مجمعا ب30/11/2023، السداد بدأ في شهر 7، وجزء من المنحة سيكون لسداد موردين وجزء للخزينة العامة للرواتب، وجزء لسداد القروض، ولكن المبلغ ان قسم لثلاث دفعات سيكون هناك نحو 150 مليون يورو شهريا او خلال فترة قريبة ستكون متاحة بين ايدي الحكومة.
مشيرا الى أن وجود ايرادات في الخزينة العامة سيساعد الحكومة في برمجة الرواتب والدفعات بشكل ثابت للموظفين، بحيث يتمكن الموظف من برمجة اموره بناء عليها.
مؤكدا في الوقت ذاته أن ايراداتنا المحجوزة عند اسرائيل تصل 6 مليار شيقل، فنحن نتحدث عن اكثر من مليار ونصف دولار، ان تم الافراج عن جزء منها سيكون لها تأثير ايجابي وستساعد الحكومة على تجاوز عنق الوجاجة. مؤكدا أن هذا الدعم يساهم في فكفكة الحال المعقدة لكنه لن يحل الازمة بشكل كلي.
دعم مرهون بقيود
يشير د. شاكر الى أن الدعم الاوروبي مرهون بقيود وشروط تلخصت كما هو معلن في الاتفاقية التي جرى الحديث عنها، وهو ما عرف بخطاب النوايا بين السلطة الفلسطينية والمفوضية الاوروبية".
ويهدف خطاب النوايا بين السلطة الفلسطينية والمفوضية الأوروبية إلى وضع برنامج شامل للتعافي والصمود يعتمد على إصلاحات طموحة لمواجهة التحديات المالية التي تواجه السلطة الفلسطينية بسبب الصراع العسكري في غزة وتأثيراته على الضفة الغربية.
مقابل استقرار الميزانية من خلال إصلاحات شاملة، وتعزيز النمو الاقتصادي بقيادة القطاع الخاص، وكذلك تحسين العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، و دعم مالي دولي مصاحب، مع تنفيذ فعّال للإصلاحات ومراقبة مستمرة لتحقيق سجل قوي... تلتزم السلطة الفلسطينية ب إجراء إصلاحات لتحقيق نظام حكم ديمقراطي وشفاف ومستدام، وضمان استدامة وشفافية الميزانية، مع تعزيز استقرار القطاع المالي، وتحسين كفاءة ومساءلة القطاع العام من خلال تحديث المؤسسات وتعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد.
وتتمثل الإجراءات المستقبلية لخطاب النوايا بين الطرفين بتحويل دفعة أولية بعد توقيع الخطاب، ويلزم السلطة بحلول نهاية أغسطس، بإظهار تقدم ملموس في الإجراءات المحددة. كما أن الاتفاق على الإصلاحات بحلول نهاية أغسطس يؤدي إلى دفعة طارئة ثانية. وسيسمح الاتفاق على البرنامج في سبتمبر بصرف دفعة طارئة ثالثة. وسيكون هناك دفعات دورية تعتمد على التقدم المحرز في الإصلاحات المتفق عليها.
وفيما يلي ملحق بالإجراءات المطلوبة من السلطة الفلسطينية بحلول نهاية أغسطس: