أسعار الخضار في سوق رفح.. "جلطة"!
بوابة اقتصاد فلسطين
شهقَت أم شادي الشنطي وجحظت عيناها بينما كانت تتابع بذهول وصدمة أسعار الخضار في أحد أسواق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، "30 شيقلًا لكيلو الملوخية! هذا غير معقول" تقول.
وتضيف السيدة الخمسينية النازحة من مدينة غزة منذ منتصف أكتوبر 2023م: "جلطة بصراحة.. كل أسعار الخضار تبدو غير منطقية ولا تستطيع العائلات توفيرها، حتى أن المجاعة باتت تلوح في الأفق فعليًا".
جولةٌ في سوق البلد داخل نفس المدينة ستصدِمُك حتمًا بالأسعار الباهظة، فكيلو واحد من الباذنجان يتجاوز سعره 8 شواقل، وآخر من البصل يتجاوز 35 شيكلًا، وكيلو البطاطا تجاوز الـ5 شواقل، والملوخية بـ30، أما القرنبيط فبعشرة، وقس على ذلك أسعارًا تجاوزت خمسة أو عشرة أضعاف سعرها الأصلي، في حين لم تعد اللحوم بكافة أنواعها قابلة للشراء؛ فالكيلو الواحد يصل ثمنه إلى 130 شيقلًا.
وكما أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة، نزحت أم شادي برفقة عائلتها وأحفادها إلى مدينة رفح عقب تهديد الاحتلال الإسرائيلي للمواطنين بتنفيذ هجوم بري، وإجبارهم على النزوح إلى جنوبي القطاع دون أن يحملوا معهم شيئًا.
تقول أم شادي لـ"نوى": "في الأسبوع الأول من النزوح كانت الأسعار معقولة، ولكن سرعان ما ارتفعت حتى بات سعر الطبخة يتجاوز الـ100 شيكل في أغلب الأحيان. الخضار من الأشياء الضرورية ولا غنى للناس عنها، والمعروف سابقًا أن أسعار الخضار في قطاع غزة تُعدُّ في متناول اليد، لكن الأمر لم يعد كذلك أبدًا".
وكما أم شادي، فالمواطن أبو أحمد الصعيدي يعاني من ارتفاع أسعار الخضار، فقد تكلّف الأسبوع الماضي فقط مبلغًا تجاوز الألف شيكل لشراء الطعام لعائلته وأحفاده، الذين بلغ عددهم 20 فردًا.
يقول الرجل الستيني: "ارتفاع الأسعار غير طبيعي وليس أمامنا من خيار سوى شراء ما يلزمنا. منذ بداية ارتفاع الأسعار لم أُدخل اللحوم في طعام عائلتي سوى مرتين، فلا قدرة لي على توفيرها بهذه الأسعار، أما الخضار فلم أجد عنها بديلًا سوى الاعتماد على ما نستلمه من معلباتٍ أحيانًا كمساعدات من وكالة الغوث وهي بالطبع غير كافية"، مبديًا شعورًا بالأسى لعدم قدرته على توفير ما يلزم احتياجات عائلته.
إذا سِرتَ وسطَ زحام السوق، بإمكانك أن تسمع تمتمات الناس وكلمات الغضب سَخَطًا على ارتفاع الأسعار، أو محاولة الناس شراء أقل كمية ممكنة بما يؤدي غرض العائلة فقط، كما يؤكد البائع ماجد الشاعر.
الرجل الذي يقف أمام بسطة خضارٍ وسط سوق البلد، يحاول عبثًا إغراء الزبائن بالأسعار، ويقول: "الباذنجان بـ8 شواقل، وبالأمس كان أغلى. البصل بـ35 شيقلًا، ولدي أيضًا الفجل والفليفلة والخيار".
وينفي الرجل أن يكون الباعة هم سبب ارتفاع الأسعار، "بل شحّ المزروعات، وعدم قدرة المزارعين على الوصول لأراضيهم" يقول.
يقول الشاعر: "الأسعار كلها نار، حتى الزيت والسكر والملح والدقيق كله أسعاره مرتفعة جدًا. سابقًا كان المزارعون يتحركون من رفح إلى كل مناطق قطاع غزة ويشترون ما يلزم ويصل إلى الأسواق بأسعارٍ مناسبة، أما الآن فلا يوجد أراضي زراعية، وحتى المناطق الشرقية لا يصلون إليها بسبب خطورة الأوضاع هناك".
مثال على ذلك (والحديث للشاعر) فإن كيسًا كبيرًا (شوال) كامل من الخيار كان يباع سابقًا بمبلغ 10 شواقل، ما يجعل سعره رخيصًا جدًا حين يصل للمستهلك، أما الآن فذات الشوال يكلف 100 شيكل وأكثر، ويباع الكيلو الواحد منه بمبلغ 12 شيقلًا للمواطنين، وهذا سعر مرتفع جدًا في ظل وضع قطاع غزة الصعب أصلًا قبل الحرب.
الشاعر هو أبٌ لستة أبناء، لكنه يستضيف في بيته عائلتين من النازحين. يعقب: "الوضع صعب على الجميع، ففي أي قانون يمكن أن يصل سعر كيلو السكر إلى 30 شيقل! أنا لم أدخله بيتي حتى الآن، وأكتفي بما هو ضروري من مواد".
أما محمود عفانة وهو بائع لحوم فلم يكن أمام محله في السوق الكثير من المتسوّقين، إذ أن كيلو اللحم وصل سعره إلى 125 شيقلًا كاملة بعد أن كان لا يتجاوز قبل الحرب الأربعين!
ويقرّ الرجل أن الأسعار مرتفعة بشكل كبير، ولا يستطيعها المواطنون، فالعجول لا تدخل مدينة رفح من الجانب المصري، حيث تم إرجاع إحدى شاحناته بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، ولم يتبق سوى ما يتوفر في السوق المحلي من عجول تتكلف الكثير.
يوضح بالقول: "كي أتمكن من جلب عجولٍ من النصيرات وسط قطاع غزة وذبحها وبيعها في رفح فهذا يتكلف مبلغ 3000 شيكل، بينما كانت سابقًا تكلف 200 فقط، وهذا تسبب في الاختلاف الكبير في الأسعار (..) اليوم الجميع يدفع الثمن سواءً البائع أو المستهلك".
ووصَف عفانة إقبال الناس بـ"الضعيف جدًا"، ولولا وجود اللحوم المثلّجة التي تُعدّ أرخص سعرًا بشكلٍ عام، لما وجد الناس شيئًا يأكلوه.
المصدر: شبكة نوى- فلسطينيات - رفح