الأزمة المالية للحكومة.. ورأي البنك الدولي بالإصلاحات
بوابة اقتصاد فلسطين
هل فعلا الحكومة في ضائقة مالية؟ إذا كان هناك إيرادات كيف تتوزع؟ هذه الأسئلة الأكثر شيوعا بان الحكومة لا تعاني من أزمة مالية وأنها تسيس للضغط على العالم لإجبار إسرائيل على وقف الاقتطاعات وعودة الدعم الخارجي.
تتواصل الازمة المالية التي تبرز معالمها بعدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها للموظف منذ تشرين الثاني 2021 ، فيما تستمر الضبابية في أي أفق بشأن حلول قريبة، يأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه تقرير للبنك الدولي من أن الاقتصاد الكلي في خطر مع تراكم مستحقات القطاع الخاص وصندوق التقاعد وارتفاع مستوى الإقراض رغم إشادته بخطوات السلطة الفلسطينية بالإصلاح.
تعاني الحكومة الفلسطينية من أزمة مالية كبيرة منذ سنوات طويلة ظهرت على السطح بشكل جلي في عهد حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية مع اشتداد الاقتطاعات والخصم غير المسبوق من قبل حكومة الاحتلال من المقاصة، وحجزها للأموال بدعوى صرف مخصصات ذوي الشهداء والجرحى والأسرى إضافة إلى تراجع الدعم الخارجي، وتداعيات جائحة كورونا التي أوقفت العجلة الاقتصادية لفترة من الزمن.
يقتطع الاحتلال 102 مليون شيقل شهريًا، بحجة دفع رواتب الأسرى والشهداء أي ما يعادل 1.2 مليار شيقل شهريا، فيما كان سابقا يقتطع 52 مليون شيقل شهريا.
لكن كيف توزّع الإيرادات التي تشهدا نموا مقارنة بالسنوات السابقة؟
تظهر بيانات وزارة المالية ان اجمالي الإيرادات المتحصلة خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي بلغت 5.8 مليار شيقل فيما بلغ اجمالي النفقات وصافي الإقراض 5.016 مليار شيقل، ما يعني فائضا بحوالي 787 مليون شيقل.
كيف توزع الفائض المالي إن اعتبر فائضا؟
وفقا للبيانات فان الحكومة تعاني من ديون متراكمة منذ عهد الحكومات السابقة حتى الان، الديون للقطاع الخاص تزيد عن 11 مليار شيقل، إضافة إلى ما عليها من التزامات للموظفين من مخصصات مختلفة.
حسب البيانات دفعت الحكومة للقطاع الخاص حوالي 656 مليون شيقل، كما سددت قروضا للبنوك بقيمة 319 مليون شيقل، وهو ما أدى إلى انخفاض الرصيد بعد احتساب النفقات إلى ثلاثمئة ألف شيقل.
ووفقا لموازنة العام الحالي فإن وزارة المالية تسعى لسد 1.7 مليار شيقل للقطاع الخاص، إضافة إلى 1.2 مليار شيقل للبنوك.
رأي البنك الدولي ونظرته للاصلاحات
أفاد تقرير للبنك الدولي صادر في شهر أيار 2023 "في حين تواصل السلطة الفلسطينية مساعيها لسد عجز المالية العامة، فإنها تواجه مخاطر على الاقتصاد الكلي، على المدى الطويل، منها الرصيد الكبير والمتزايد من المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية. بالإضافة إلى استمرار ارتفاع مستوى إقراض القطاع المصرفي للقطاع العام، وهو ما يتطلب متابعة مستمرة من جانب السلطات".
وأضاف "يجب على السلطة الفلسطينية الاستمرار في النهوض بالإصلاحات ذات الأولوية، من أجل زيادة الإيرادات، وتحسين إدارة الدين، وتعزيز استدامة المالية العامة. لكن السلطة الفلسطينية لا يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها، حيث تعد مساندة المانحين، بالإضافة إلى تعاون الحكومة الإسرائيلية، من الأمور الحيوية من أجل ضبط أوضاع المالية العامة، ووضع الاقتصاد على أساس أكثر صلابة."
وتابع " يجب أن تتواصل جهود الإصلاح في معالجة حجم فاتورة الأجور، وتحسين إدارة نظام معاشات التقاعد السخي بالقطاع العام، فضلاً عن رفع كفاءة الإنفاق العام، لاسيما من خلال تحسين توجيه التحويلات إلى الفئات الأشد فقراً والأكثر احتياجاً. وسيكون من الأمور بالغة الأهمية في المستقبل، القيام بتسريع وتيرة جهود تحسين إدارة الإحالات الطبية خارج نظام الصحة العامة، وكذلك خفض صافي الإقراض.
وأشاد التقرير بالخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، باعتماد هدف تقليص عدد الموظفين العموميين، وإنجاز ما تراكم من التقارير المالية السنوية المتأخرة. ويعد المستوى المستهدف من أعداد الموظفين، خطوة أولى مهمة، إلا أن التقرير يُقِر بأن هذه المكاسب قد تتبدَّد، إذ إن المفاوضات الجارية مع نقابات العمال، لاسيما في القطاع التعليمي قد تفضي إلى ضغوط إضافية على اعتمادات الموازنة العامة.
يتضح مما سبق أن الحكومة تحاول إيجاد إصلاحات تحدث عنها تقرير للبنك الدولي عبر إعادة توجيه الأموال لسد مستحقات القطاع الخاص والبنوك في الدرجة الأولى فيما يتم السعي لتقليل التوظيف وفق ما قاله وزير المالية شكري بشارة في تصريحات سابقة أنه سيتم توظيف شخص مكان تقاعد اثنين، في وقت فشلت فيه على ما يبدو أحاديث سابقة حول التقاعد الإجباري للموظفين.
لكن يبقى السؤال إلى متى ستستمر هذه الحلول المؤقتة في ظل احتلال يعيق كافة جهود التنمية التي تعد أساس الاقتصاد الكلي؟! وهل تفكر الحكومة بسد جزء من أموال القطاع الخاص والمقترضين والعمل في إصلاحات ثم العودة إلى صرف رواتب الموظفين ؟