البنك الدولي: القيود الإسرائيلية قد تبدد تحسن المالية العامة الفلسطينية
بوابة اقتصاد فلسطين
أشاد البنك الدولي بالإصلاحات الفلسطينية والتحسن في أداء المالية العامة، لكنه حذّر إن هذا التحسن قد يتبدد إذا استمرت القيود الإسرائيلية، ودون تعاون المانحين.
وقال البنك الدولي، في تقرير حول الاقتصاد الفلسطيني من المقرر أن يقدمه للمانحين في اجتماع لجنة تنسيق المساعدات الذي يبدأ في العاصمة البلجيكية بروكسل غدا الأربعاء ويستمر يومين، إن عام 2022 شهد تحسُّنا في المالية العامة، مدفوعا بزيادة حصيلة الضرائب المحلية بنسبة 19%، وارتفاع إيرادات المقاصة بنسبة 20%، بالإضافة إلى استقرار مستوى الإنفاق العام، نتيجة لذلك، فقد انخفض العجز الكلي للموازنة العامة بأكثر من 60% قبل حساب المنح.
ويشير التقرير، الذي وزّع البنك الدولي ملخصا له، الليلة، إلى أنه عند أخذ مساهمات الدول والجهات المانحة، وانخفاض اقتطاعات الحكومة الإسرائيلية من إيرادات المقاصة الفلسطينية، بعين الاعتبار، فإن ذلك يوضّح تحسّن وضع الفجوة التمويلية للسلطة الفلسطينية، مقارنة بالتوقعات الأولية، حيث بلغت بنهاية العام 351 مليون دولار، وهو ما يعادل 1.8% من إجمالي الناتج المحلي، في انخفاض ملحوظ بعدما كانت 5.7% في عام 2021.
ويضبف التقرير: في حين تواصل السلطة الفلسطينية مساعيها لسد عجز المالية العامة، فإنها تواجه مخاطر على الاقتصاد الكلي، على المدى الطويل، منها الرصيد الكبير والمتزايد من المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى استمرار ارتفاع مستوى إقراض القطاع المصرفي للقطاع العام، وهو ما يتطلب متابعة مستمرة من جانب السلطات.
ويدعو البنك الدولي السلطة إلى "الاستمرار في النهوض بالإصلاحات ذات الأولوية، من أجل زيادة الإيرادات، وتحسين إدارة الدين، وتعزيز استدامة المالية العامة"، لكنه يؤكد أن السلطة لا يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها، "حيث تعد مساندة المانحين، بالإضافة إلى تعاون الحكومة الإسرائيلية، من الأمور الحيوية من أجل ضبط أوضاع المالية العامة، ووضع الاقتصاد على أساس أكثر صلابة."
وحث البنك الدولي الحكومة الفلسطينية على مواصلة جهود الإصلاح في معالجة حجم فاتورة الأجور، وتحسين إدارة نظام معاشات التقاعد بالقطاع العام، فضلاً عن رفع كفاءة الإنفاق العام، لاسيما من خلال تحسين توجيه التحويلات إلى الفئات الأشد فقرا والأكثر احتياجا.
واعتبر أن "من الأمور بالغة الأهمية في المستقبل، القيام بتسريع وتيرة جهود تحسين إدارة الإحالات الطبية خارج نظام الصحة العامة، وكذلك خفض صافي الإقراض".
ويشيد التقرير بالخطوات التي اتخذتها السلطة، باعتماد هدف تقليص عدد الموظفين العموميين، وإنجاز ما تراكم من التقارير المالية السنوية المتأخرة، واعتبر أن المستوى المستهدف من أعداد الموظفين "خطوة أولى مهمة".
لكن البنك الدولي حذّر من أن "هذه المكاسب قد تتبدَّد، إذ إن المفاوضات الجارية مع نقابات العمال، لاسيما في القطاع التعليمي قد تفضي إلى ضغوط إضافية على اعتمادات الموازنة العامة".
ويرى أن "الحصول على دعم كاف، يمكن التنبؤ به، من المانحين إلى الموازنة، سيكون أمر بالغ الأهمية في تسهيل عملية الإصلاح، وتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي".
ويلفت البنك الدولي إلى "عقبات شديدة على طريق الاستقرار والنمو وتنمية القطاع الخاص في الأراضي الفلسطينية، كاستمرار القيود المفروضة في الضفة الغربية، والحصار شبه المفروض على قطاع غزة".
وقال: إذا لم يتم إزالة أو تخفيف تلك القيود، فمن المتوقع أن يظل أداء الاقتصاد الفلسطيني أقل بكثير من إمكاناته.
ومع ذلك، قال البنك الدولي إن آفاق الاقتصاد الفلسطيني لا تزال قاتمة جراء التوترات مع الاحتلال الإسرائيلي والمخاطر الخارجية المتمثلة بارتفاع الأسعار العالمية، خصوصا الغذاء والطاقة.
ويتوقع البنك الدولي تراجع نمو الاقتصاد الفلسطيني في 2023.
وقال: على الرغم من أن الاقتصاد قد واصل انتعاشه بمعدل نمو قدره 4% في عام 2022، إلا أن سبب ذلك يرجع إلى استمرار تعافي الاستهلاك الخاص، مع انحسار القيود المفروضة على التنقل بسبب جائحة "كورونا". لكن زيادة التوترات في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا، تحمل مخاطر سلبية كبيرة.
وقال المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ستيفان إمبلاد: "على الرغم من بوادر التعافي التي شهدها الاقتصاد الفلسطيني في عام 2022، إلا أن النمو لا يزال يتسم بالحساسية إزاء تصاعد التوترات في الأراضي الفلسطينية، واستمرار القيود المفروضة على التنقل والعبور والتجارة".
وأضاف: "من أجل تحقيق رفع مستويات المعيشة، وتحسين استدامة حسابات المالية العامة، وخفض البطالة بطريقة هادفة، فإن كل ذلك يحتاج إلى تحقيق معدلات نمو أعلى بكثير. فالمصادر الخارجية للمخاطر، مثل أسعار المواد الغذائية والطاقة، تعني أن الآفاق الاقتصادية العامة لا تزال قاتمة".