فحص يشكّك في سلامة الشرب من ينابيع دورا القرع و"بيرزيت"
بوابة اقتصاد فلسطين
أظهر فحص صادر عن "مديرية صحة محافظة رام الله والبيرة" لعينات من مياه الينابيع تلوثاً، في بلدتي بيرزيت ودورا القرع قرب رام الله، وعدم مطابقتها للتعليمات والمقاييس الصادرة عن مؤسسة المواصفات والمقاييس.
وقد أُجري الفحص في الرابع والخامس من ديسمبر/ كانون أول الفائت، وجاءت النتيجة متذبذبة بين المطابقة للمواصفات وعدمها، فيما نصحت المديرية بمعالجة المياه بالكلورة قبل الاستخدام.
التقرير من اعداد حسناء الرنتيسي لمجلة افاق البيئة والتنمية، والذي اشار الى انه رغم ظهور التلوث في نتائج الفحوصات وعدم مطابقتها للمواصفات إلا أن الإقبال على شرب هذه المياه لم يتوقف، إذ يفد المواطنون من عدة محافظات ومناطق إلى النبع الذي اُكتشف عام 2018 في دورا القرع، والواقع على الشارع الرئيسي.
توجهت "آفاق البيئة والتنمية" بالسؤال لعدد من مرتادي النبع بشأن إصرارهم على تعبئة المياه منه رغم النتائج الأخيرة؛ بعضهم لم يكن لديه علم بهذا الفحص نظراً لأنه لا يوجد في المكان أي يافطة أو ما شابه تحذر من تلوث المياه.
وآخرون أفادوا أنهم يشربون من مياه النبع منذ عامين، ولم يلحظوا أي تلوث كما لم يُصِب المرض أحدًا بعد استخدامها، وفق قولهم، ودون اهتمام يُذكر واصلوا تعبئة زجاجاتهم.
وحسب وكالة وفا، يُقدر العدد الإجمالي للينابيع في الضفة الغربية بحوالي 530 ينبوعًا، لعبت عبر التاريخ دور المزود الرئيس للمواطن الفلسطيني بالمياه.
مجلس دورا: نتعامل وفق الإجراءات الرسمية
تواصلت مراسلة "آفاق البيئة" مع سامر ذياب رئيس مجلس قروي دورا القرع، وبدوره قال إن المجلس علمَ بتلوث مياه ينابيع دورا بواسطة كتاب رسمي وصل من مديرية صحة رام الله.
ويضيف: "الكِتاب يكشف عن تذبذب في نتيجة الفحص ما بين مياه صالحة وغير صالحة للشرب ويشير إلى وجود نوع من الميكروبات فيها، إلا أنه حسب الفحص تخلو المياه من التلوث بروث الحيوانات أو المياه العادمة، وبناءً عليه نشرنا ما ورَدنا في الصفحة الرسمية للمجلس حتى يطلّع المواطنون عليه".
ويخبرنا ذياب أن فحصًا لعينات جديدة من مياه ينابيع كلٍ من دورا القرع وبيرزيت، أُجري في مختبرات جامعة بيرزيت، والتي أفادت "شفهيًا" أن مياه الينابيع في الوطن عمومًا غير مطابقة بما تقتضيه الدقة للمواصفات والمقاييس، موضحاً: "وفق نتيجة الفحص هذه، تختلط في فصل الشتاء مياه الأمطار بالينابيع، وبالتالي قد ينجم بعض التلوث "غير الخطير"، إذ لم يُسجّل سابقًا إصابة أي مواطن بتسمم بسبب التلوث المذكور، تبعاً لفحص مديرية الصحة".
ومن وجهة نظره أن المواطنين يواصلون الشرب من المياه لأنهم مقتنعون بعدم قدرة أي فحص يجُرى في أي منطقة على التوصل لنتائج دقيقة "إلا إذا طلعنا على جبال الألب" حسب تعبيره.
ويتواصل المجلس مع الجهات المختصة لبحث إمكانية معالجة المياه بالكلورة والفلترة، والكلام لذياب، قائلاً: "يؤكد الفحص رسميًا أن التلوث بروث الحيوانات والمياه العادمة "صفر"، هذا أوضحُ تفصيل حصلنا عليه".
ويرى أن الخلل في الفحص قد يكون بسبب أنبوبة أو "ماسورة" وُضعت لتسهيل تعبئة المياه، ولربما تلّوثت كونها مكشوفة.
سألنا رئيس مجلس قروي دورا القرع عن الإجراءات الرسمية التي ستُتخذ في هذا الصدد، وكان جوابه: "سنواصل إجراء الفحوصات، علماً أن المجلس أجرى فحصًا في بداية العام وكانت النتيجة مقاربة لما بَلغنا، سنباشر في إجراء التنظيف اللازم في الموقع، كما أن صاحب نبع المياه مستعد للتعاون حتى تبقى المياه صالحة للشرب والاستخدام".
وأشار إلى فحص آخر أجري في مختبرات المستحضرات الطبية، أظهر أن المياه ليست ملوثة بشكلٍ خطر، مؤكداً أن المجلس سيحرص على التواصل مع الجهات الرسمية إلى أن يُحسم الأمر نهائياً.
وفي حال التيقن من التلوث، يختم حديثه بالقول: "حينها سنصدر تعميمًا ونضع لافتة في منطقة العيون بناءً على نتيجة فحص مديرية الصحة التي يتوصل لها، من أجل إخلاء مسؤوليتنا أمام المواطنين، مع مواصلة الجهود لمعالجة المياه إن لزم الأمر".
الصحة: الاحتياط واجب
يقول د. مهدي راشد مدير صحة محافظة رام الله والبيرة، والذي ذُيّلت بتوقيعه نتيجة الفحص الصادر عن مديرية الصحة بتاريخ 29/12/2022، إن الفحص أظهر أن المياه في هذه الينابيع غير مطابقة للمواصفات والمقاييس رغم أنه شرب من هذه المياه مرات عدة قبل أن تُفحص، لكن بصدور النتيجة امتنع عن ذلك، مبينًا: "أجسام الناس مختلفة بطريقة تأثرها بالميكروبات والملوثات، وبما أن الفحص أظهر التلوث فهذه إذن دعوة رسمية للتوقف عن شرب تلك المياه لحين اتخاذ إجراءات المعالجة اللازمة".
وأكد أنه لم يحدث حتى الآن أن أصيب أي مواطن بالضرر بسبب شربه من هذه المياه، "لكن الاحتياط واجب".
وأشار د. راشد إلى أن المياه في دورا القرع تحديدًا سطحية، ما يعني أنها ربما كانت عرضة لبعض الشوائب من مياه الأمطار التي تجري في طريقها الملوثات في محيط النبع، داعياً المجلس القروي إلى إيجاد الطرق المناسبة لمعالجة المياه، سواء كان التلوث بأملاح زائدة أم ميكروبي.
"نبع مياه دورا القرع الجديد هو الأبرز في المنطقة بسبب موقعه على الشارع الرئيسي، والمكان متاح لقدوم المواطنين والاصطفاف بسياراتهم وتعبئة زجاجاتهم للشرب وغيره، تبعاً لقوله.
وذكر د. راشد أنه من المقرر عقد اجتماع مع رؤساء المجالس القروية والبلدية، بحضور المحافظة والحكم المحلي في كل المناطق التي فيها ينابيع ويقصدها الناس في المسارات، بهدف مساعدة المجالس على حل المشكلة والبحث عن طرق لمعالجة المياه في هذه الينابيع بالتعاون مع سلطة المياه والجهات ذات الاختصاص.
وشدّد في حديثه أنه "لم يحدث البتة أن خُلطت المياه بالمياه العادمة، وإلا كنا أغلقنا النبع على الفور".
ويزيد بالقول: "مياه الينابيع مفلترة ربانيًا في جوف الأرض، لكن قد تكون الملوثات السطحية وصلت لها بسبب أمطار الشتاء، وهذا وارد جداً، مطمئناً المواطنين: "سنجري فحوصات أخرى في الصيف، وفي فترات متباعدة للحصول على نتائج دقيقة ورسمية".
كما طمأن المواطنين أنه يمكن استخدام المياه لتحضير الشاي وغيره بغليها، وهو إجراء أولي يمكن عمله في حال الرغبة في استخدام المياه عند الخروج في المسارات.
وقد أعرب مجلس بلدية بيرزيت عن قلقه، بما أنها منطقة تُنظم فيها المسارات، من أن يتسمم أحدٌ من شرب المياه، وكان ردّه: "أخبرنا المجلس أن غليّ المياه من شأنه أن يعقمها، ويمكن عندئذ أن تصلح لتحضير المشروبات الساخنة، ويمكن غسل اليدين والوضوء منها".
وفي تعقيبه على الفحوصات التي أجراها مجلس قروي دورا في عدة مختبرات، أفاد أن مديرية الصحة تعتمد رسميًا مختبرات محددة، تجري الفحوصات وتنشر النتائج "وهنا ينتهي دورنا، لكن نحن على استعداد لتقديم المساعدة، وهذا ما سنناقشه في اجتماعنا قريبًا" يقول مدير صحة محافظة رام الله والبيرة.
سلطة المياه: لم يطلبوا المساعدة
من جانبه، قال م. عمر زايد مدير دائرة الدراسات والرصد الهيدرولوجي في سلطة المياه إن سلطة المياه تراقب مياه الينابيع كافة، وخاصة التي تُستخدم للشرب.
وأشار إلى أن هناك أربعة ينابيع قديمة في دورا القرع، وما من رقابة عليها كونها زراعية، كما هو الحال في ينابيع بيرزيت، وهناك ينبوع آخر جديد ظهر في الشارع الرئيسي في دورا القرع، وبات الناس يقبلون عليه إلى حد كبير.
ويؤكد م. زايد أن "كل الينابيع التي تُستخدم للشرب تخضع للرقابة، وإن توجه للناس للشرب من نبع بعينه نرسل فريقنا لأخذ العينات ونفحصها".
ولدى سلطة المياه قسم يتولى مراقبة الينبوع من ناحية كمية التدفق، ونوعية المياه فيه، ويفحص التلوث البيولوجي فيها إن وجد، بحيث تُحلّل كيماويًا وبيولوجيًا.
"ما دوركم في مساعدة أي منطقة بالاستفادة من مياه الينابيع فيها؟".. يجيب عن سؤالي: "بالتأكيد لنا دور في هذا الجانب، لا سيما إذا كانت الينابيع غير ملوثة وكانت المنطقة تعاني نقص المياه، على سبيل المثال في قرية دوما في جنوب نابلس أهلّت سلطة المياه النبع هناك، وأصبح السكان يستخدمونه للشرب، إلا أن الاحتلال دمرّه يا للأسف الشديد".
ولفت إلى أن في نابلس خمسة ينابيع رئيسة تُستخدم للشرب، ويضخ منها للشبكة الرئيسة، وتلك الينابيع تراقب دوريًا، والحال ينطبق على نبع مياه في قريتي دير عمار وفرخة".
ويضيف: "نحاول جمع المياه الجارية غير المستفاد منها في خزان، ويمكننا تركيب وحدة تعقيم إن استدعى الأمر".
"ماذا عن نبع المياه في دورا القرع؟" يقول زايد: "مجلس القرية وصاحب النبع هم من ركبّوا الخراطيم وأعدّوا المكان، ولم يطلبوا المساعدة، إلا أنه يمكننا التعاون لو طُلب العون منا، وبخاصة إذا توفر لدينا تمويل".