النفط والغاز في المياه الفلسطينية على سواحل المتوسط الحـق المهـدور
طالعتنا هيئة الإذاعة البريطانية بنبأ مفاده أن السلطة الفلسطينية ومصر والمحتل الإسرائيلي وقعوا اتفاق استخراج الغاز من أمام سواحل غزة.
خبر مقتضب دون تفاصيل. بهذا الصدد أود أن أبين الآتي:
(1) كنت قد نشرت منذ سنتين بحثين حول نفس الموضوع تحت العنوان أعلاه.
تحدثت في البحثين بإسهاب عن حقلي غاز أمام سواحل غزة في المياه الإقليمية الفلسطينية:
غزة مارين (١) وغزة مارين (٢) الذين يحتويان على ما بين 1،6 إلى 2 ترليون قدم مكعب من الغاز وهو ما قيمته الآن أكثر من 6 مليارات دولار. وبينت أن المفاوضات التي كانت تقودها شركة الغاز البريطانية مع المحتل الإسرائيلي والحكومة المصرية وصلت إلى طريق مسدود لأن مصر والمحتل أصرا على أخذ حصة الأسد من الغاز وإلقاء الفتات إلى السلطة الفلسطينية. وقبلت السلطة بمبلغ مليار دولار إلا أن الكنيست (الإسرائيلي) إبان عهد شارون رفض تسليم السلطة أي مبالغ نقدية متعللاً بوقوعها في أيدي حماس (وهذا أمر لا يمكن حصوله من قبل السلطة الفلسطينية وجميعنا يعرف الأسباب). ولكن اقترح شارون بيع السلطة معدات صناعة إسرائيلية الصنع بالسعر الذي يريده المحتل وبما يعادل مليار دولار. رفضت السلطة الاقتراح.
وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود وأقفلت شركة الغاز البريطانية مكتبها في تل الربيع وعادت إلى لندن.
العالمية بسبب الحرب الروسية ضد الغرب في أوكرانيا واحتمال أن تزداد معاناة أمريكا والغرب على مستوى الحاجة إلى الطاقة والتدفئة والتي بدأت مظاهرها واضحة في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبقية دول المعسكر الشرقي الأوروبية سابقاً. ومع قرار الأوبك بتخفيض الإنتاج بمعدل 2 مليون برميل يومياً والذي شكل صدمة ومفاجئة لأمريكا والغرب واتهمت أمريكا دول الخليج العربي وإيران أنها وراء هذا التخفيض. لذلك حركت أمريكا كل قواها ووضعت كل ضغوطاتها على كل الدول القريبة أو الحليفة لها والتي تنتج أو على وشك أن تنتج نفطاً وغازاً للإسراع في استخراج ومعالجة أي غاز يتواجد في حقولها المستغلة أو المنتظر استغلالها. فكان أن سرعت أمريكا إنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والمحتل الإسرائيلي برعاية وضغوط أمريكية. والهدف من ذلك استخراج الغاز المسروق من ثروة الشعب الفلسطيني وإرسالها بالناقلات إلى معمل معالجة الغاز في دمياط على سواحل المتوسط في جمهورية مصر العربية وهو معمل الغاز الوحيد الموجود على سواحل المتوسط.
ولنفس الغرض وقع الاتحاد الأوروبي ودولة الاحتلال الإسرائيلي وجمهورية مصر العربية. وقعوا اتفاق معالجة الغاز المسروق من الثروات الفلسطينية على سواحل المتوسط من حقول لافيتان ودولفين وكاريش وتمار وغيرها. ثم شحن 70 % منها إلى أوروبا و 30 % إلى ميناء أسدود لاستخدامه في محطات قوى الاحتلال.
(3) الخبر الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية اليوم هو نتاج الضغوطات الأمريكية على دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل تسهيل استخراج ومعالجة الغاز وتصديره إلى أوروبا.
كل هذه الجهود لا تساهم حتى بنسبة 10 % من الحاجة الأوروبية.
(4) على السلطة الفلسطينية أن تطرح هذا الاتفاق على المجلس التشريعي الفلسطيني لأخذ موافقته على أي اتفاق. وعلى السلطة أن تتوقف عن المزيد من التنازلات لإرضاء أمريكا وتحت الضغط المصري. هذه الثروة للأجيال الفلسطينية ويجب أن يطرح الاتفاق على الإعلام ويوزع على كل الخبراء الفلسطينيين المعروفين بخبراتهم في مجال الترسيم والقانون الدولي وقوانين الأمم المتحدة لأعالي البحار. والخبراء الفلسطينيون المعروفون جيداً في العالم بخبراتهم في مجال الحفر والإنتاج وخطوط الأنابيب والشحن والمعالجة.
(5) يجب أن يحافظ أي اتفاق على حقوق الفلسطينيين في غازهم المنهوب من قبل المحتل وعليهم مفاوضة الشقيقة مصر للاتفاق على السعر العالمي لمعالجة طن الغاز.
الحصة التي كانت مطروحة على السلطة الفلسطينية لم تعد مقبولة حالياً لا بالسعر ولا بالنسبة التي قررها المحتل بالإذعان.
(6) السلطة الفلسطينية مطالبة بإعادة ترسيم الحدود البحرية مع الشقية مصر حسب قوانين أعالي البحار وقوانين الأمم المتحدة.
لدى الشعب الفلسطيني العديد من الخبراء الدوليين في القانون الدولي والترسيم وعلى السلطة استشارتهم في ذلك وأن يكون أحدهم عضواً في الوفد المفاوض بالإضافة إلى خبراء الحفر المائل والإنتاج.
إنه لأمر مستغرب هذا التعتيم من قبل السلطة الفلسطينية في كل ما يتعلق بملف الغاز. لا تنشر السلطة أي شيء يتعلق بهذا الملف.
هذا الأمر ليس مقبولاً في العصر الذي لم تعد معلومات النفط والغاز من أسرار الدولة أو يتحكم فيها شخص بعينه أو حفنة من الموظفين الذين ليسوا على قدر من الكفاءة والخبرة.