نحو اعادة النظر والتقييم لاتفاقية باريس الاقتصادية
بوابة اقتصاد فلسطين
أدت التطورات المحلية والاقليمية والدولية القائمة حالياً والتي تؤثر على تنمية الاقتصاد الفلسطيني وتطويره، الى زيادة حجم التحديات والصعوبات التي يواجهها هذا الاقتصاد، والتي تتمثل بالدرجة الاولى باستمرار الاحتلال الاسرائيلي لللاراضي الفلسطينية وسيطرته المطلقة على المعابر والحدود وفرضه الشروط التي يراها مناسبة ضد الاقتصاد الفلسطيني وذلك بهدف استمرار تبعيته للاقتصاد الاسرائيلي وسلخه عن محيطه العربي وذلك بشتى الوسائل والطرق.
وقد شهدت السنوات القليلة الماضية تطورات كبيرة وخطيرة عصفت بالاقتصاد الفلسطيني واثرت عليه بشكل سلبي وخطير ادت الى تراجع حاد في المؤشرات الاقتصادية وادت الى اغلاق العديد من المنشات الاقتصادية وافلاسها، خاصة في خلال السنتين الماضيتين حيث انتشار فيروس كوفيد 19 (كورونا) وما تبعه من ازمة اقتصادية عالمية ساهمت في تسارع حدة الازمة الداخلية للاقتصاد الفلسطيني، اضافة الى عمليات الاغلاق الداخلي والخارجي، الامر الذي ادى الى ارتفاع تكاليف الانتاج والتشغيل والنقل والتخزين ومعدلات البطالة لتؤثر بشكل مباشر على ارتفاع معدلات الفقر.
ثم جاءت الحرب الاوكرانية الروسية وما تبعها من ارتفاع حاد في اسعار الطاقة والحبوب وتاثر سلاسل الامداد العالمية لترتفع اسعار الغذاء والمواد الغذائية ومعدلات التضخم الى معدلات قياسية، ولا زالت العملية مستمرة.
ان استمرار تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الاسرائيلي وعدم البحث عن البدائل او طرح بدائل معقولة ومقبولة سيؤدي بنهاية المطاف الى استمرار الازمات المالية المتتالية والمتعاقبة للحكومة الفلسطينية، وزيادة الدين العام الفلسطيني بسبب اقبالها على الاقتراض من المؤسسات المالية من ناحية اخرى.
اصبحت الان جميع الدول بغض النظر عن وضعها الدولي تبحث عن شركاء وشراكات ضمن ما يٌسمى المنظومة العالمية الجديدة وهذا بحد ذاته يشكل احد اهم التوجهات التي يجب على الحكومة الفلسطينية العمل بموجبها والبحث عن شركاء يمكن لهم المساعدة في تنمية وتطوير الاقتصاد الفلسطيني وربطه بمحيطه الخارجي.
وعليه يجب اعادة النظر والتقييم لاتفاقية باريس الاقتصادية واعادة صياغة العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية بطريقة جديدة تخدم تحقيق الاهداف الاستراتيجية الفلسطينية، والتي تشمل تعزيز القدرة الذاتية للاقتصاد الفلسطيني لدعم الصمود الفلسطيني في وجه المخططات التوسعية الاحتلالية الاسرائيلية، اضافة الى تقليص وفك الاثار التشويهية التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني كنتيجة حتمية لهذه التبعية وتلك المخططات، والتي ادت الى وجود اختلالات هيكلية يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني عملت جميعها على اعاقة نموه وتطويره.
ان احد اهم الاهداف الاستراتيجيه التي يجب العمل عليها وعلى تحقيقها في الوقت الراهن، يتمثل في تطوير العلاقات الاقتصادية العربية اكثر فاكثر، حيث ان ذلك يساعد كثيرا في تحقيق التنمية الشاملة والقادرة على تعزيز الصمود وتقوية الاقتصاد الفلسطيني من خلال ربطه بمحيطه العربي والاقليمي الطبيعي والتاريخي.
كيف لا، وصغر حجم الاقتصاد الفلسطيني بكافة المقاييس والمعايير يفرض ضرورة العمل ضمن حسابات الربح والخسارة في العلاقة مع الاقتصاد الاسرائيلي والتي تمتاز بانها علاقة غير متكافئة، كونها تمثل علاقة اقتصاد صغير باقتصاد كبير تنتشر فيها اثار الاستقطاب وتضمحل فيها اثار الانتشار، مما يفرض ضرورة البحث عن البدائل الاخرى في العلاقة الاقتصادية، وهي التوجه الاقتصادي نحو العمق العربي خاصة، والعمق الدولي بشكل عام، حتى يستطيع الاقتصاد الفلسطيني المساعدة في دعم اركان الدولة الفلسطينية .