التعليم التقني بلا إقبال...قرابة 40 ألف خريج سنويًا لا يجدون عملًا و65% بطالة طب الأسنان!
بوابة اقتصاد فلسطين
قدّم وزير العمل الفلسطيني، نصري أبو جيش، في حفلٍ لتوسعة مركز التدريب المهني في جنين نهاية يوليو/ تموز، أرقامًا مقلقة عن بطالة الخريجين، والفجوة بين التعليم التقني والتقليدي.
وأكد أبو جيش أن البطالة في الضفة الغربية تقدّر بـ 26 % وفي غزة تبلغ قُرابة 50%. واللافت في حديثه أن 60% من خريجي بعض التخصصات لا يجدون عملًا.
وكذلك، أن مراكز التدريب المهني التابعة للوزارة تنتشر في 22 موقعًا، وتقدم 12 برنامجًا، وتحظى بدعم من بنك التنمية الألماني، غير أن 9% من خريجي الثانوية العامة فقط يلتحقون بها.
وجاء في كلمته، "ستوفر الوزارة فرص عمل ومساعدات وقروض لخريجي مراكز التدريب المهني؛ لإنشاء مشاريع صغيرة، والحد من البطالة المتصاعدة".
وفي المقابل، تكاد الإحصاءات الواردة تنطق بـــ "أفيقوا"، حين يتبيّن أن معدل البطالة في "طب الأسنان" بواقع 65%، و48% في الحقوق، وتتجاوز 53% في الهندسة. إنها بالمختصر تمتد لكل التخصصات.
17 مقابلة توظيف
ليس ببعيد عن مكان تصريحات أبو جيش تجلس علا إبراهيم، في مطعم مجاور، وهي سيدة شارفت على الستين، ولها قصة مؤلمة مع البطالة، إذا تقدمّت لــــ 17 مقابلة توظيف رسمية، ثم توقفت لأن الحظ ببساطة لم يبتسم لها.
كبر أولاد علا وأسسّوا أعمالهم الخاصة، وكفّت عن ملاحقة الوظائف بعد أن تبيّن لها أن المعادلة مختلّة في بلادنا، ففي كل عامٍ تتنافس الجامعات على استقطاب طلبة جدد، وتُخرّج أعدادًا كبيرة معظمهم يلتحقون بسوق البطالة مع شهادة، وسعداء الحظ يعثرون على فرصة بأجر قليل.
زمن تمجيد الشهادات ولّى
يقول د. حسن عبد الكريم عميد كلية التربية في جامعة بيرزيت السابق: "لقد تربيّنا تاريخيًا على ثقافة "تمجيد الشهادات" حتى لو بقي أصحابها دون عمل".
صورة نمطية سلبية تشكلّت عن الملتحقين بالتعليم المهني والتقني، بأنهم ضعاف الطلبة، لكن الحقيقة الغائبة عن المعظم أن الحاصلين على شهادات مهنية يعملون سريعًا جدًا، على عكس حَملة الشهادات التقليدية، الذين ينتظرون وظائف عمومية لا تستوعب 10% من الخريجين.
ثقافة المجتمع السائدة تعيق التغيير لتعزيز التعليم المهني، كما يقول، مستعرضاً جزءاً آخر من تعقيد المسألة: "تعجز الفتيات لأسباب موضوعية عن الالتحاق بمعظم تخصصات التعليم التقني، والخريجات يشكلّن أحيانًا ثلثي الطلبة، وطوابير منهن ينتظرن طويلاً لنيل وظائف محدودة، ما يرفع نسب بطالة الخريجين".
وحسب رأي د. عبد الكريم أن "الشهادات الأكاديمية لم تعد "السلاح الأنسب لمواجهة تحديات الحياة"، مبدياً أسفه لغياب "البنية التحتية" للمدارس الصناعية لتدريب الملتحقين بها.
وأشار إلى التجربة الألمانية، التي تشجع طلبة المدارس في مراحل متقدمة على الكشف عن قدراتهم، فلا صورة نمطية للتعليم التقني عندهم، الذي يُقبل عليه طلبة متفوقون، فيما تتوفر المصانع لاستيعابهم.
وحدد عبد الكريم أسباب تفاقم المشكلة، أبرزها غياب سياسة تنموية للتخطيط الإستراتيجي، وغياب السيادة عن أرضنا، وضعف صناعاتنا، معبراً عن حزنه لما آل إليه الحال: "يتجه حملة الشهادات التقليدية إلى أسواق العمل في الداخل المحتل، مقابل أجور مرتفعة، ليثبتوا أن التعليم بهذه الوتيرة ما عاد مجديًا، فيما يتخرج من الجامعات سنويًا عشرات الآلاف، ولا يجد غالبيتهم عملًا.
ويؤكد أن تغيير النظرة للتعليم التقني يجب أن تبدأ من رياض الأطفال والمدارس، واستضافة أصحاب مهن تدرّ عليهم دخلاً جيداً لعرض تجاربهم الناجحة، وضرورة تغيير الرؤى السائدة حول أن الشهادات العادية الضمانة الوحيدة لمستقبل واعد، وألا نغفل تجديد برامج الجامعات، ومراعاة احتياجات السوق.
وأردف قائلاً: "التعليم والتوظيف في فلسطين معادلة معقدة، أمام حكومة ترزح تحت الاحتلال، وتسهيلات لحملة الشهادات للعمل في الداخل، ونظرة سلبية مجتمعية للمهن الصناعية، وجامعات تعاني عجزًا ماليًا يُصعّب إعادة هيكلة تخصصاتها، والنتيجة أعداد كبيرة من الخريجين ينضمّون تباعاً إلى جيش البطالة".
وتطرّق إلى ما يُعرف بــ "اقتصاد المعرفة" عالميًا، وبموجبه تخلّت الشركات الكبرى عن الشهادات شرطًا للتوظيف، وصارت أولويتها إتقان المهارات لوظائفها، وهو ما يدعونا لعدم اعتماد الخريجين على تخصصاتهم في التوظيف، بل تحفيزهم لامتلاك مهنة أو مهارة لتوّجهٍ بديل.
وليضمن الخرّيج الوظيفة التي يطمح لها فلا بد له من معرفة تكنولوجية عميقة، وإتقان أكثر من لغة، ومهارات شخصية وقيادية، بغض النظر عن تخصصه.
ويحذر من أن تعليق بعض التخصصات "المتخمة بالخريجين" سيخلق أزمة لمُدرّسيها، قائلاً: "الأمر برّمته ليس مسؤولية الجامعات وحدها، بل الحكومة أيضاً التي تشرف على امتحان "التوجيهي" الحافلة نتائجه بالعلامات المرتفعة، وتوجّه الطلبة عمليًا نحو الدراسة التقليدية.
في جميع التخصصات بطالة تتجاوز 50%
بدورها، أفادت سهى كنعان، مديرة دائرة إحصاءات العمل في الجهاز المركزي للإحصاء أن بيانات الخريجين غير العاملين، تستند إلى مسح القوى العاملة، الذي يُنفّذ منذ 1995، ويتواصل طوال السنة، على يد باحثين ميدانيين لقياس البطالة الموسمية، التي تنقسم إلى أربعة أرباع، وعينة كبيرة من8040 أسرة، تُجمع بياناتها من أفراد العائلة الذين تزيد أعمارهم على 10 سنوات؛ لقياس عمالة الأطفال أيضًا، لكن المسح ينشر بيانات الأفراد فوق 12 عامًا.
وأكدت كنعان أن الضفة وغزة تسجلان أعلى معدلات بطالة في العالم، وقد وصلت العام الماضي إلى 26% (46,9 % في غزة، و16 % في الضفة)، أغلبها في صفوف الشباب الذين تُراوح أعمارهم بين 15 و26 سنة، وتتجاوز 40% عندهم.
وتنتشر البطالة بين الخريجين لأسباب عديدة منها الاحتلال وما يفرضه من قيود، وصغر حجم السوق، ومحدودية القدرة التنافسية، وانعدام فرص الاستثمار، وعدم استعداد الخريجين للبدء بمشاريع صغيرة تتطور تدريجيًا، وتفضيلهم للوظائف، واستمرار الصورة النمطية في اختيار التخصصات.
وأشارت إلى أن التعليم الجامعي حق، لكن الجامعات لا تفتح الآفاق لطلبتها، ولا تساهم في توجيههم إلى الإبداع لخلق فرص ذاتية.
وتصف كنعان واقع الخريجين بــ "الصادم"، بالنظر إلى البيانات التي تخبرنا صراحة أن "البطالة لم تستثنِ أي تخصص"، متجاوزة 50%، فيما تصل البطالة عند الملتحقين بتخصصات التعليم إلى 67% (منهم 51% إناث)، وتتجاوز 53% في فروع الهندسة.
وقد نشأت فجوات في البطالة بين الذكور والإناث الخريجين، لا سيما أن 63% من طلبة الجامعات إناث، ومعظم الخريجات لا يجدن عملًا، وتصل البطالة عندهن إلى 66%.
وتقرأ في أرقام البطالة الواردة رسالة تحتّم علينا التفكير بصوت عالٍ، حسب تعبيرها، وأن نتفادى الأفكار التقليدية، ونتخذ قرارات جديدة بشأن توجهات الطلبة، الذين لم يتحرروا من الطابع التقليدي للطموح.
وعن أهم ما صدمها في هذه البيانات، تقول مديرة دائرة إحصاءات العمل في الجهاز المركزي للإحصاء: "معدل البطالة في طب الأسنان بواقع 65%، و48% في الحقوق، وليس هذا فحسب، بل يتدنى أجر العاملين من الخريجين ممن حالفهم الحظ، إلى الحد الذي يعجزون فيه عن توفير احتياجاتهم".
ووافقت الرأي القائل بأن "المعادلة مختلّة"، وكأننا نُخرّج الجامعيين لندفعهم إلى العمل في أسواق الداخل المحتل؛ لارتفاع الأجور هناك.
وتتساءل عن دور الجامعات التي "لا تشعر بالأزمة كما ينبغي، ولا تساهم في إيجاد حلول لها"، وفق رأيها، مطالبة "التعليم العالي"، ووزارتي "العمل"، و"الاقتصاد الوطني" بتجميد التخصصات التي تعاني بطالة مرتفعة، وداعية مؤسسات التعليم العالي إلى تدريس مساقات ريادية تحث الخريجين على التفكير الإبداعي في مشاريع مستقبلية.
كما طالبت وزارة "التربية والتعليم" بتوجيه الطلبة وتصنفيهم لمسارات تعليم مهنية وتقنية وأكاديمية في أثناء المرحلة الدراسية التي ما قبل الجامعة، بناء على قدراتهم.
وأكدت أن الأرقام تحدث أثرًا تدريجيًا في بعض السياسات، منها دعم التعليم المهني دعماً أكبر، لكن صغر السوق المحلي يحول دون تحقيق نتائج سريعة.
البطالة تتزايد بسبب مدخلات التعليم ومخرجاته
من جانبه، قال رامي مهداوي القائم بأعمال المدير التنفيذي لصندوق التشغيل، إن الصندوق "أداة تنموية" ومظلة وطنية للتشغيل وخلق فرص العمل، تشّكل وفق قرار بقانون 33 عام 2021، وهو ذراع لتنفيذ سياسات وزارة العمل، وتوفير فرص عمل مُستدامة للشباب والنساء والمهمّشين وذوي الإعاقة، ضمن حوكمة رشيدة، وبمشاركة أطراف الإنتاج وهم الحكومة، وممثلو العمل، وأصحاب العمل، والمجتمع المدني.
ووضع الصندوق برامج للتخفيف من البطالة المستفحلة، خاصة بعد الجائحة، ويهدف إلى توفير عمل لائق، ودعم مشاريع خدماتية وإنتاجية وتمويلها، وتطوير خطط خاصة تستجيب للتدخلات الطارئة للأزمات السياسية والاقتصادية والصحية، ومحاربة البطالة في عدة برامج.
وفي معرض حديثه، أكد مهداوي أن الصندوق يسعى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز النمو الاقتصادي، والمساواة بين الجنسين، وفي عام 2021 مَوّل 527 مشروعًا، ودعم 20 جمعية، ووفر 1149 فرصة دائمة، و1187 مؤقتة، ودرّب 1400، (62% من المستفيدين من قطاع غزة)، وهي مشاريع من مانحين ودعم حكومي.
وأشار إلى أن البطالة في تزايد بسبب مدخلات التعليم ومخرجاته، فسنويًا يجري تخريج ( 45-50 ألف) من الجامعات والمعاهد، يستوعب منها سوق العمل الفلسطيني عدداً يراوح بين ( 8 و10 آلاف) في أحسن الأحوال.
ويرى أن السوق المحلي مُغلق بسبب الاحتلال وتقييده للحركة، "ولا بد من التعامل معه بــ إستراتيجيات مختلفة، أهمها فتح أسواق عالمية، وجسر الهوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق".
وأضاف: "الصندوق يشجع التشغيل الذاتي، وتأسيس وتطوير مشاريع صغيره ومتناهية الصغر، وتنويع مصادر التمويل، وتوفير ضمانات وطنية للقروض، وتأمين حماية اجتماعية للمبادرين وأصحاب المشروع".
41 كلية تقنية و35 ألف خريج سنويًا
من جهته يقول م. سامر موسى مدير عام التعليم التقني في "التعليم العالي" إن مخرجات "التربية والتعليم" في الفروع المهنية والأكاديمية هي مدخلات للوزارة، تشترك فيها وزارة العمل واتحاد الغرف التجارية، واتحاد الصناعات وغيرهم.
وأكد أن الوزارة تسعى إلى توفير عمل للشباب، عبر دعم وتشجيع التعليم التقني والمهني، وتوفير تخصصات تقنية عبر الهيئة الوطنية للاعتماد والجودة والنوعية، كما أنها تركز على ترخيص واعتماد برامج في الكليات التقنية التي يحتاجها سوق العمل، وأغلقت تخصصات تقليدية في الجامعات.
وبحسب حديث موسى، تشمل التخصصات التقنية المستحدثة مجالات الهندسة، والتكنولوجيا، والسياحة، والمعلوماتية، والاتصالات، ووفرت تخصصات للجنسين، ولكن ما يحول دون التحاق الفتيات بها النظرة المجتمعية، والأسرة، والثقافة، التي تحتاج وقتًا لتغييرها، ومع ذلك بدأت الإناث بالالتحاق ببعض التخصصات كالتصميم الجرافيكي، وصيانة الأجهزة الذكية، والبرمجيات.
وأشار إلى أن الوزارة تحدد أسس القبول في الجامعات، وتسهلّ شروط الالتحاق بالكليات التقنية، وعددها 41 في الضفة وغزة، وتقدم أكثر من 600 تخصص مكرر لكل طالب ناجح في (التوجيهي) بغض النظر عن معدله، وتخرّج سنويًا 35 ألف، نسبة كبيرة منهم يلتحقون بسوق العمل بعد تخرجهم، وبعضهم يعمل في أثناء الدراسة، لأن تخصصاتهم مطلوبة، ولا يمضون أكثر من سنتين لإتمامها.
وذكر موسى بأن الوزارة لا تستطيع إغلاق التخصصات التقليدية فجأة، فمثلًا هناك حاجة للتخصصات التربوية جراء زيادة أعداد طلبة المدارس، "لكن بوسعنا تقليل التخصصات وخفض أعداد المقبولين".
ولفت إلى أن غالبية الكليات تُعيد برمجة تخصصاتها لتتناسب مع سوق العمل، مع ازدياد الوعي بالمهن التي يمكن الالتحاق بها، أو التشغيل الذاتي فيها، كما ألزمت الكليات بمساقين إجباريين لريادة الأعمال، لتجدد في أسلوب تفكير الطلبة.
واستطرد بالقول: "يعيق الاحتلال الاستثمار في بلادنا، ويُضيّق سوق عملنا، وفي المقابل يستقطب عمالنا المهرة، إضافة إلى عمل جزء من خرّيجينا في دول الخليج، ومع ذلك ثمة أعمال يمكن الالتحاق بها عن بعد كالبرمجة، والتكنولوجيا، وتطبيقات الهواتف الذكية، والتصميم، في عصر يتعطّش إلى التخصصات التقنية".
التوظيف في بعض التخصصات التقنية 100%
بالانتقال إلى د. عامر مسّاد عميد كلية هشام حجاوي التقنية، يقول إن جزءًا من أسباب بطالة الخريجين سببه نظرة المجتمع الدونية للتعليم المهني والتقني، بالرغم من كونه لا يعاني البطالة، وأقصر طريق للتوظيف، ويوفر مصدر دخل أفضل.
والخبر السار أن نسبة التوظيف في تخصصات مثل ميكانيك السيارات، والتصنيع والإنتاج، وأتمتة صناعية، والتركيبات الكهربائية، والتكييف والتبريد تصل إلى 100%، ويقل أحيانًا الخريجون عن طلب السوق، تبعاً لحديثه.
وتضم كلية حجاوي 14 برنامجًا، تشهد فروع "السيارات وصيانتها والتجميل" الإقبال الأعلى، والتصنيع والإنتاج للمعدات الأقل طلبًا.
وأشار إلى أن النظرة السلبية للتعليم المهني لم تتغير كثيرًا، إذ لا تتجاوز نسبة الملتحقين بالمدارس الصناعية 4%، والبقية للفروع الأكاديمية، و
ويقترح خطوة للتغيير بقوله: "التمييز في الأجور لصالح الشهادات التقليدية على حساب الشهادات المهنية في المؤسسات الحكومية.. ما المانع أن نكسره!"، معرباً عن أمله في تطبيق الإرشاد المهني بدءاً من رياض الأطفال، ومروراً بالمدارس لاحقاً.
ووفق مساد، فإن الخريجين الجدد في الكلية تبدأ رواتبهم من ألفي شيقل في القطاع الخاص، فيما تقل أجور حملة شهادات الهندسة مثلًا في القطاع الخاص، وبعضهم يعمل بـ مائتي دينار شهريًا، "وهذا مُعيب بحق المهندسين كلهم".
تدشين مشاريع ريادية
في حين يرى د. رسلان محمد أستاذ الاقتصاد في جامعة "القدس المفتوحة"، ورئيس جمعية الاقتصاديين الفلسطينيين، أن ما يفاقم بطالة الخريجين السوق المحدود غير القادر على استيعاب أعدادهم الهائلة، مضيفاً: "تخصصات إنسانية عدة يعجز أكثر من نصف خرّيجيها عن الحصول على فرصة عمل".
ويضيف: "فرص العمل لدى القطاع الخاص لا تحديث فيها، ولا نملك إحصاءات دقيقة عن عدد الفرص الجديدة كل عام، وبعيدًا عن المقارنة، هناك دول عظمى مثل الولايات المتحدة تحدّث سنويًا مليون و200 ألف فرصة عمل".
ولا يجد سبيلاً إلى تقليص بطالة الخريجين سوى بالالتحاق بالتعليم المهني، "لأن الطلب على الحرفيين وأصحاب المهارات يتزايد، إذ لا يتوفرون إلا بأعداد قليلة، وهو ما يتطلب تشجيع الطلبة على الالتحاق بهذه المهن".
وبحسبة بسيطة، يشير إلى أن الطالب الجامعي يُكلف أسرته في أثناء دراسته مبلغًا يتفاوت قدره بين 15 و 20 ألف دينار، وهذا المبلغ يمكن أن يؤسس مشروعًا رياديًا للعائلة، خاصة التي تُدرّس أكثر من طالب في الوقت نفسه، ما يعني أن الأمر يصبح هدرًا للموارد المالية للأسر التي لا يجد أفرادها بعد تخرجهم عملًا.
"إذن برأيك على عاتق مَن تقع مسؤولية توفير فرص العمل للخرّيجين؟".. جوابه بدا حاسمًا عندما قال: "الجامعات ليست مسؤولة عن ذلك، وإنما تلك مُهمة الحكومة والقطاع الخاص، ولا ننسى أن بعض القوانين تعيق اندماج الشباب في سوق العمل".
مؤكداً، أن ما يساهم في حل المشكلة سنّ تشريعات ملزمة للقطاعين الحكومي والخاص لاستيعاب نسبة من الخريجين، وتشجيع طلبة المدارس على الالتحاق بالتعليم المهني، ودعم المشاريع الريادية الشبابية، التي يؤسسها خرّيجون بالتمويل والاستشارات.
وختم حديثه قائلاً: "التعليم حقٌ لا يخضع لمقاييس الربح والخسارة"، لكن في المقابل للبطالة آثارها الاجتماعية والاقتصادية المًدمرة، ومن المؤسف أن احتياجاتنا السنوية من التخصصات لا تُحدّد، وعلى ما يبدو أنه سيصعب علينا في فلسطين إيجاد حل لهذا التحدي".
(المصدر: عبد الباسط خلف/ مجلة آفاق البيئة والتنمية)