الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
18 تموز 2022

سرطان الاقتصاد ..التضخم المالي في امريكا

بقلم: أمين ابو عيشة
خبير السياسات النقدية والاقتصاد الرقمي

بوابة اقتصاد فلسطين

يعبر التضخم في أبسط مفاهيمه عن ارتفاع أسعار جملة من السلع الأساسية، غالبا ما تكون هذه السلع هي السلع أو المنتجات دائمة الاستهلاك في موازنة الفرد الاستهلاكية، كالوقود، والقمح والغاز والبيض، واللحوم والحبوب، هذا الارتفاع غالبا ما يلحق ضررا في دخل الفئات الأقل حظا في المجتمع، بل ويطول الجميع ويلحق بهم ضررا.

 لقد تتابعت الصدمات التضخمية حول العالم وبنسب متفاوتة منذ كورونا وحتى الصراع الروسي الأوكراني، حيث سجل الاقتصاد الأمريكي خلال يونيو الماضي مستويات خطيرة جدا من التضخم بلغت 9.1%، وهو حقيقة مستوي اعلي من توقعات الفيدرالي التى كانت تشير لاحتمالية تسجيل الاقتصاد الأمريكي لمستوي تضخم 8.8%، وهو ما يفسر عدم دقة توقعات الفيدرالي الأمريكي بشأن مستويات التضخم من جهة، ومن جهة ثانية يؤكد ذلك خطورة الوضع بل وفداحتة، حيث وصل التضخم المالي لمستويات تاريخية هي الاعلي منذ العام 1981م اي منذ أربعة عقود خلت، هذا الأمر يفند حقيقة تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الأمريكي ومحافظ الفيدرالي الأمريكي جيرم باول وأعضاء مجلسه سابقا من ان التضخم الناتج عن الصراع الروسي الأوكراني هو ( تضخم عابر) ، كذب الفيدرالي على الامريكان وعلى كثير من المتابعين في قولهم.

 ما جري خلال الثلاثة أشهر الماضية من الصراع الأوكراني الروسي يؤكد عدم تكنوقراطية ( مهنية ) جيرم باول، فهو لم يظهر الحقيقة كما هي، بل ألبسها قناع الكذب وجسد التسيس في تصريحاته ، (مما تسبب ذلك في أن الاحتياطي الفيدرالي لم يتدخل في الوقت المناسب لكبح جماح التضخم ) ، وبالتالي لم تكن سياسة التشدد في السياسة النقدية في كبح التضخم كما يحب أن تكون ( زيادات الفائدة الأساسية لكبح التضخم ) ، هذا الفعل من قبل جيرم باول وصناع السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الأمريكي سيجبرهم على اتباع إجراءات تصحيحية أكثر صرامة خلال اجتماع الفيدرالي الأمريكي القادم، والعمل على زيادة الفائدة من 75 نقطة وحتى 100 نقطة ، وذلك لوقف وكبح شبح التضخم المتولد في الاقتصاد الأمريكي والعالمي ،فسيد العملات الدولار يؤثر ويتاثر، في نظري أن كل العالم سيعاني من جراء استمرار زيادة الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة على الدولار .

بشكل خاص ستتأثر سلبا عملات وأسواق مال الدول النامية والاقتصادات الناشئة كالاقتصاد التركي والمصرى، وستواجه متاعب وصعوبات وإشكاليات اكبر مما عليه الآن، ويكفي أن نقول أن رفع أسعار الفائدة في امريكا يغري حاملي أدوات الدين ( والسندات واذونات الخزينة) في الأسواق الناشئة للتخلص منها، كنتيجة مباشرة لإعادة تسعيرها في الأسواق، وبالتالي انخفاض قيمة عوائدها. كذلك ستتأثر الاقتصاديات التي ستجد نفسها مضطرة لمجارة الفيدرالي بشأن سعر الفائدة كاقتصادات الخليج والأردن، وبذلك فإن استمرارية جزئية المعالجة للمستويات العالية من التضخم يعني أن غول الركود سيلاحق الاقتصاد الأمريكي وسيوقع النمو الاقتصادي بحالة من الركود والانكماش، وسيعقد الصورة الاقتصادية وإعادة تجميلها، فهل ينجح الفيدرالي الأمريكي في استئصال هذا السرطان؟.

ننتظر رده الفعل لقرار الفائدة يوم السابع والعشرون من الشهر الجاري، ما استطيع قوله هو ( لقد أخطأ الفيدرالي حين أعلن ان التضخم المالي ما هو إلا أمر عابر في الاقتصاد الاول والذي يشكل حجمه ربع الاقتصاد العالمي وبالتالي تأخر في معالجة هذا السرطان، كما أخطأ حين خالف التضخم الفعلي توقعات الفيدرالي..

 

هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟