سلطة النقد تتوقع ارتفاعا على مستويات فائدة الاقتراض بالعملات الثلاث
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
قالت "سلطة النقد الفلسطينية" لبوابة اقتصاد فلسطين أن المصارف بدأت بتقييم قروضها تبعاً لمستويات الفائدة في الأردن وإسرائيل وأمريكا، وتوقعت أن يكون هناك ارتفاع على مستويات فائدة الاقتراض بالعملات الثلاث.
وأوضحت أنه في أعقاب موجة الضغوط التضخمية التي اجتاحت دول العالم، لجأت البنوك المركزية في العديد من الدول المتقدمة، إلى التشدد في سياساتها النقدية، وذلك في سياق محاولاتها الرامية إلى كبح جماح الارتفاع المتواصل في أسعار السلع الاستهلاكية، فقد أقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خطوة تاريخية، بإعلانه عن أكبر رفع في سعر الفائدة منذ حوالي 30 عاماً، بعد أن رفع سعر الفائدة على الدولار في شهر حزيران بمقدار 75 نقطة أساس، والذي يمثل الارتفاع الثالث خلال العام الحالي، إذ سبق لصناع السياسة النقدية الأمريكية أن رفعوا سعر الفائدة في شهر آذار الماضي بمقدار 25 نقطة أساس وذلك للمرة الأولى منذ العام 2018، أعقبها في شهر أيار رفع إضافي بقدار 50 نقطة أساس، وبذلك يكون سعر الفائدة قد وصل إلى 1.75%.
ويتوقع الكثير من الاقتصاديين والمحللين أنه لا تزال هناك إمكانية لمزيد من الرفع في أسعار الفائدة لتصل مع نهاية العام 2023 إلى مستوى قريب من 3.5%، لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم التي تسارعت في صعودها لتصل إلى 8.6% في شهر أيار الماضي.
وقالت أنه حتى لا تفقد العملة المحلية في العديد من الدول بعضاً من قيمتها أمام الدولار، فقد سارعت بنوكها المركزية لاتخاذ خطوات مماثلة لخطوة الفيدرالي الأمريكي، فالأردن على سبيل المثال، لجأ في شهر حزيران إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس على كافة أدوات سياسته النقدية، كما سبق لبنك إسرائيل المركزي أن رفع سعر الفائدة على الشيكل بمقدار 25 نقطة أساس.
تأثيرات محتملة ..
وأوضحت سلطة النقد أنه من المتوقع بشكل عام أن يكون لهذا الإجراء تأثير مباشر على فاتورة الواردات، خاصة بالنسبة للدول التي تعتمد على استيراد احتياجاتها من الخارج، وكذلك على الدين الخارجي للدولة، وخصوصاً إذا كان الجزء الأكبر منه بعملة الدولار، كما سيؤدي هذا الإجراء إلى رفع تكلفة الافتراض، وبالتالي تقليل حجم السيولة النقدية من الأسواق، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تراجع الطلب ومن ثم تراجع مستويات الأسعار في الدولة، ولكن في المقابل، من المتوقع أن يكون لارتفاع أسعار الفائدة تأثيراً سلبياً على النمو والبطالة، نظراً لتوجه الأفراد نحو الادخار بدلاً من الاستثمار.
وردا على سؤال حول امكانية قيام سلطة النقد بحث البنوك على إبلاغ المقترضين بأي تغير في سعر الفائدة إن حدث؛ قالت سلطة النقد أن العقود في أغلب الحالات لا تحدد وسائل التبليغ، وبالتالي استخدام المصارف للرسائل القصيرة للتبليغ هو إجراء صحيح.
فائدة الايداع..
وعلى الجانب المقابل كان لفائدة الايداع تغيرات طفيفة، باستثناء الزيادة الكبيرة على معدلات فائدة الإيداع في الولايات المتحدة، التي ارتفعت الى 1.7% في المتوسط خلال الربع الأول 2022، كما أوضحت سلطة النقد في تقرير لها.
أما فائدة الايداع على كل من الدينار والشيكل، فقد استقرت في الدول المصدر لهما عند 3.5% و0.4%، على الترتيب. وفي سوق الإيداع المحلي، تراوحت نسب الفوائد على الدولار، والدينار، والشيقل بين 2.0% و 2.1%.
وأشارت الى أنه لا يمكن الجزم بتأثير التغيرات السابقة على مستوى عرض النقد/ السيولة في السوق الفلسطيني كون التغيرات جاءت في غالب الأحوال هامشية وغير موحدة لا في الاتجاه ولا في المقدار.
ولكن بشكل عام، وفي ضوء الاتجاه العالمي نحو مزيد من التشدد في السياسة النقدية، فإن ذلك ينعكس غالبا في ارتفاع أسعار الفوائد لدى المصارف العاملة في فلسطين.
وأكدت ان الزيادة في أسعار فائدة الاقراض يعني أن تكلفة الاقتراض أصبحت أغلى، وهو ما قد يثبط بدوره الرغبة في الاقتراض، ويؤثر بالتالي على مستوى عرض النقد/ السيولة في السوق الفلسطيني.
لكن في المقابل، قد يشجع ذلك المودعين على وضع أموالهم في المصارف في ظل أرباح أعلى، مما يعني مزيدا من انحسار السيولة في السوق، والذي من الممكن أن تكون آثاره المستقبلية نحو تخفيض الاستهلاك، وبالتالي تثبيط الأسعار.
ومن جانب آخر، من المهم تجاوز النظر من المعدلات الاسمية للفوائد الى المعدلات الحقيقية التي يتم تعديلها وفقا لمعدل التضخم، وذلك في ضوء تأثير التضخم المرتفع على تكلفة الإقراض والادخار، وعلى القوة الشرائية للنقود. وخلال الربع الأول، سجلت فلسطين معدلات تضخم مرتفعة نسبيا 3.1%، الأمر الذي أسفر عن تدني واضح في معدلات الايداع والاقراض مقارنة بمعدلاتها الاسمية لنفس الربع، حسب تقرير سلطة النقد.
ويترتب على ذلك أن التكلفة الحقيقية لحصول المقترضين على الائتمان هي أدنى نسبيا قياسا للمعدل الاسمي، لكنه يعني أيضا تراجع القيمة الحقيقية لعوائد القروض من وجهة نظر المصارف، مما قد يدفعها في المستقبل الى رفع أسعار الفوائد للتعويض عن العوائد المفقودة.
من ناحية أخرى فإن ذلك يعني أن القوة الشرائية للمدخرات والودائع لدى المصارف قد تراجعت، وهو ما قد يؤثر على رغبة الأفراد في الادخار.