الرئيسية » منوعات »
 
19 تموز 2015

أن تكوني مطلقة فلسطينية ويخذلك القانون.. قصة ناهد ورغد

 

\

رام الله- بوابة اقتصاد فلسطين | ناهد أبو طعيمة صحافية فلسطينية تعمل في جامعة بيرزيت، رفض طلبها إصدار جواز سفر لابنتيها، فاستعانت برجلين لا تعرفهما كي يشهدا أمام محكمة شرعية أنها الوصية عليهما، فقبل الطلب.. أبو طعيمة تقول إن النظام لا يصدقها لأنها مطلقة.

حالة رغد مكركر، وهي مخرجة أفلام وناشطة فلسطينية، أسوأ كثيرا فهي لم تنجح منذ ثماني سنوات في إصدار جواز سفر لابنتها.

استعانت بشاهدين لا تعرفهما

كانت لحظة قاسية على الصحافية أبو طعيمة حينما استنجدت برجلين لا تعرفهما كي يشهدا أمام قاضي محكمة شرعية أنها وصية على ابنتيها.

تقول "لم يشفع لي أني صحافية معروفة، أو أنني أعمل في أكبر جامعة فلسطينية، فالقاضي أخذ برأي رجلين لا أعرفهما ولم التق بهما من قبل، فهل هذا عدل؟".

تروي أبو طعيمة لموقع قناة "الحرة" كيف بدأت قصتها حينما ذهبت إلى وزارة الداخلية لتصدر جوازي سفر لابنتيها ففوجئت برفض الموظفة للطلب. تقول "أخبرتني أنني بحاجة لإحضار الأب أوموافقة خطية منه مع العلم أنني وصية على بناتي منذ ست سنوات".

مساواة في الضرائب فقط

تشير أبو طعيمة إلى أن القانون الأساسي الفلسطيني ينص على المساواة بين الفلسطينيين في الحقوق والواجبات. لكنها تتساءل "لماذا المساواة بين الرجل والمرأة فقط في دفع الضرائب وتقديم الواجبات تجاه الحكومة، وفي الوصاية تمييز واضح؟ وكأن المرأة قاصر وغير مؤتمنة على إصدار جواز سفر لابنتها".

نشرت أبو طعيمة قصتها على صفحتها الشخصية على فيسبوك لتشهد تفاعلا نسويا كبيرا. تقول "كثير من النساء الناشطات وذوات المناصب المهمة في مؤسسات نسوية تحدثن عن معاناتهن منذ سنوات مع القضية ذاتها دون أن يسمع صوت لتلك النساء".

هذا الواقع دفع ناهد إلى التفكير في إثارة القضية على كافة المستويات. تقول "بعد إجازة العيد ساتقدم بشكوى إلى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وسأثير هذا الملف في وسائل الإعلام، سأطالب بحملة للضغط من أجل تغيير القوانين والإجراءات".

رغد.. قصة لم تنته بعد

قدمت رغد مكركر لأب طفلتها ما يشاء من ضمانات كي يوافق على إصدار جواز سفر لابنتها التي تعيش تحت وصايتها، كما تقول في حديث لموقع قناة "الحرة" وتؤكد ناشطة حقوقية على علم بالقضية.

وتضيف "أبديت استعدادي للتوقيع على أية ضمانات يمكن أن يطلبها والدها من أجل أن يوافق على إصدار جواز السفر ورغم ذلك رفض طلبي".

رغد مكركر دقت كل الأبواب لتنهي معاناة ابنتها المحرومة من جواز سفر يمكنها من تحقيق حلمها بركوب الطائرة والسفر في رحلة ترفيهية مع أمها.

تقول رغد "قصتي بدأت حينما انفصلت عن زوجي منذ ثماني سنوات، طلبت مني وزارة الداخلية موافقة الأب الذي بدوره يرفض حتى الآن".

تقدمت رغد بشكاو إلى مؤسسات حقوقية وما حصلت عليه من هذه المؤسسات لم يتجاوز "تعاطفا ودعما معنويا دون أي خطوة لإنهاء معاناتي".

وتشير رغد إلى أنها لجأت لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. تقول "أرسلت رسالة تظلم إلى الرئيس ووصلني رد بأن الرئاسة ستتابع مشكلتي وتحلها، وكان هذا قبل سنة تقريبا ولم أسمع بأي جديد إلى الآن".

التمثيل للتغلب على الحرمان

الشعور الذي تسرب إلى أعماق رغد وابنتها كان قاسيا. تقول "شعرت أنني في سجن كبير وحريتي مقيدة فقط لأني مطلقة".

 تروي رغد أحد المواقف مع ابنتها "كانت ابنتي جالسة والحزن باد على وجهها، وتندب حظها لأنها محرومة من ركوب الطائرة.. لقد كان وقع ذلك قاسيا على نفسي".

لجأت رغد وهي مخرجة أفلام إلى استخدام مهاراتها محاولة صناعة أجواء السفر لابنتها كي تستمتع بها. تقول "أحضرت حقيبة سفر وصنعت مع ابنتي مشهدا تمثيليا في المطار ونسير بسرعة لركوب الطائرة".

تضيف "مثلت بصوتي تعليمات الطائرة قبل الإقلاع ثم طلبت منها أن تغمض عينها وحملتها وقلت لها: أنت الآن في الطائرة التي أقلعت بنا إلى السماء، أما الحقيقة فقد كنا بين جدران المنزل".

عالم دين: الشرع لا يمانع

تقول الناشطة النسوية الفلسطينية ومديرة مؤسسة تنمية وإعلام المرأة سهير فراج في حديث لموقع قناة "الحرة" إن النظام الفلسطيني "يستند إلى قوانين دينية مصدرها التشريع الإسلامي الذي يعطي المرأة حق الوصاية، ولا يعطيها القوامة".

فراج ترى أن القوانين "تمنح المرأة حق رعاية وحضانة الأبناء، ولكن الوصاية على الأموال والسفر والزواج هو للأب أو الجد أو أي رجل من طرف الوالد وهذه معضلة كبيرة".

لكن رئيس الهيئة الإسلامية العليا عكرمة صبري قال في حديث لموقع قناة "الحرة" إن "مشكلة عدم قدرة المرأة على إصدار جواز السفر لأبنائها سواء مطلقة أو غير مطلقة سببها القانون وليس الشرع".

ويبين صبري أنه من الناحية الشرعية فإن الوصاية على الأطفال "دون سن البلوغ تبقى للأم وإن لم ترغب الأم بذلك تنتقل الوصاية للجدة من ناحية الأم".

ويفسر صبري مسألة الوصاية شرعا بأن "الأم هي صاحبة الحق في التصرف بأموال الأبناء وإصدار جوازات سفر لهم".

المشكلة قانون أردني قديم؟

وتقول المحامية الفلسطينية المختصة بقضايا الأحوال الشخصية خديجة حسين في حديث لموقع قناة "الحرة" إن "الإشكاليات تتمثل في قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 1976".

تشير حسين إلى أن القانون "لا يساوي بين المرأة والرجل في الأسرة بل يعطي الرجل صفة القوامة في البيت فهو الوصي على الأبناء".

وتنص المادة (166) من قانون الأحول الشخصية الأردني لسنة 1976 المطبق في الضفة الغربية على أنه "لا يسمح للحاضنة أن تسافر بالمحضون خارج المملكة إلا بموافقة الولي وبعد التحقق من تأمين مصلحته".

وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية وقعت عام 2014 على اتفاقية "سيداو" التي تقضي على كافة أشكال التمييز العنصري دون أي تحفظ، إلا أن المحامية حسين ترى أن " الاتفاقية لم تنعكس على أرض الواقع ولم نلحظ أي تغيير".

ناشط حقوقي: المشكلة في التعليمات الإدارية

الباحث الفلسطيني في قضايا الحكم والسياسة جهاد حرب يعتبر في حديث لموقع قناة "الحرة" أن المشكلة "لا تتمثل في الشرع أو في القانون، بل هي سلسلة إجراءات وتعليمات إدارية اتخذتها الجهات المعنية بعد تكرار حوادث هرب الزوجات الأجنبيات بالأبناء خارج البلاد على خلفية مشاكل أسرية".

يقول حرب "هي تعليمات فيها تمييز عنصري بحق المرأة وتغلب دور الرجل على المرأة في مسألة الوصاية".

فراج تعتقد أن "غياب المجلس التشريعي هو المعضلة الأساسية، فهناك مشروع قانون بديل، وهناك جهد قدمته المؤسسات النسوية، لكن المشكلة في غياب المشرع الفلسطيني بسبب الانقسام السياسي".

حلول مقترحة

تعتقد المحامية حسين أن معاناة ناهد ورغد ونساء كثيرات لن تنتهي إلا بتعديل قانون الأحوال الشخصية، خاصة المادة (166) التي تمنع المحضون من السفر مع والدته إلا بموافقة أبيه.

وتقترح حسين أن "يصدر الرئيس محمود عباس مرسوما رئاسيا يعطل العمل بهذه المادة التي تقيد المرأة المطلقة وتحرمها من حقوقها".

وتضيف حسين "يجب أن يكون هناك مراجعة شاملة للسياسات الحكومية والتشريعية إزاء معاناة المرأة المطلقة في المجتمع الفلسطيني لمعرفة مدى تأثير التوقيع على اتفاقية سيداو على القوانين والتشريعات السائدة".

أما الباحث حرب فيرى أن الحل يجب أن يراعي المساواة بين الرجل والمرأة "فالموافقة على إصدار الجواز والسفر إلى الخارج يجب أن تكون بموافقة الطرفين، بمعنى أن الرجل يجب أن يحصل على موافقة الأم عند سفره مع أبنائه".

فراج ترى أن المؤسسات النسوية "يجب أن تتحرك باتجاه مقاضاة المؤسسات الحكومية التي تخالف نصوص اتفاقية سيداو التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية، وعدم الاكتفاء فقط بالحملات".

وتبقى رغد وناهد وغيرها من النساء رهائن لأنظمة تحمل في ثناياها تمييزا واضحا ضد المرأة الفلسطينية المطلقة التي تحتاج إلى من يسمع صوتها علها تخرج من "السجن الكبير" كما وصفته رغد وهي تروي حكايتها.

في التقرير القادم متابعة مع جهات حكومية وتشريعية حول معاناة نساء وأطفال فلسطينيين حرموا من حق السفر المكفول في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان.

(الحرة)

مواضيع ذات صلة