أسباب عدة تقف وراء احتلال أسعار الوقود في فلسطين الصدارة عربيا .. تعرف عليها
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
أسعار المحروقات في فلسطين الأعلى عربيا، في بلد يقبع تحت الحصار والاحتلال، وتسجل أدنى الدخول لمواطنيه، وأعلى نسب بطالة، وأعلى الأسعار، تناقضات تستدعي الوقوف عليها لتفسير ما يحدث في الحال الفلسطيني.
يأتي الحديث عن ارتفاع أسعار المحروقات هذا الشهر في فلسطين في ظل ارتفاع عالمي على أسعار النفط، لكن هل يعد الارتفاع العالمي سبب أول يستدعي احتلال فلسطين الصدارة في ارتفاع أسعار المحروقات عربيا؟.
الأسعار ما بين عامي 2021-2022
وكانت وزارة المالية قد أعلنت عن أسعار المحروقات للشهر الحالي، وفيها ارتفاع جديد وملحوظ، فيما يلي مقارنة بين الأسعار لنفس الفترة بين عامي 2021 و2022:
وقال الخبير الاقتصادي ثابت أبو الروس أن ايرادات السلطة الفلسطينية من المحروقات تصل 2.5 مليار شيقل سنويا.
وأوضح أن اتفاقية باريس قد اشترطت على السلطة في بند المحروقات الاستيراد من اسرائيل، وسمحت للجانب الفلسطيني الاستيراد من الخارج مع مطابقة المواصفات الاسرائيلية.
وأوضح أبو الروس أن اتفاقية باريس قد حدت من امكانية السلطة الفلسطينية بالتحكم في الأسعار.
وأشار الى أن حكومة الدكتور محمد اشتية قد سعت لاستيراد النفط من العراق، وسعت أن تكون مطابقة للمواصفات الاسرائيلية؛ إلا أن تكلفة الاستيراد من دول الجوار وتحديدا الاردن والعراق أعلى بكثير من تكلفة استيرادها من اسرائيل.
وأوضح ابو الروس أن أسعار المحروقات ستنعكس بشكل مباشر على الايجارات وبند المواصلات، فعدا عن الارتفاع على من يملكون السيارات؛ هناك تكلفة على من يتحمله المستهلك ذو الدخل المنخفض، حيث أن 8-12% من مستوى دخل المواطن يذهب للمواصلات شهريا، مع العلم ان مستويات الدخول منخفضة. كما أن أسعار المحروقات لم تراعي فروق مستوى الدخول بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي
الجعبري: المحروقات لم تجاري الارتفاع العالمي
نزار الجعبري- رئيس نقابة أصحاب محطات الوقود، يرى أن نسبة الارتفاع عالميا على أسعار المحروقات تفوق نسبته على المحروقات في فلسطين، ففي اسرائيل اسعار المحروقات اعلى منها لدينا، والارتفاع لدينا حدث دون الارتفاع العالمي، ولو تم مجاراة الارتفاع العالمي لارتفع البنزين بشكل أكبر، لكن وزارة المالية الفلسطينية أعلنت الأسعار بارتفاع دون المستوى العالمي، وهو ما منع الارتفاع بشكل أكبر من ذلك.
ويضيف الجعبري أن السولار بقي سعره ثابتا، ويشير الى أن السلطة الفلسطينية تدفع من ضريبة البلو شهريا ما يعادل 120-130 مليون شيقل، كدعم للمحروقات، ونلمس ذلك حين نرى ان ارتفاع البنزين قفي اسرائيل كان 66 اغورة، بينما لدينا ارتفع حوالي 40 اغورة.
خبير: ارتفاع الدخول في اسرائيل رفع الأسعار لدينا
ينفي الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج، أن يكون السبب وراء ارتفاع أسعار الوقود هو الارتفاع العالمي فقط، ويرى أن هناك عوامل ثلاثة تتحكم في أسعار الوقود في فلسطين وتضعه في صدارة الدول الأعلى أسعارا بين الدول النامية:
أولا: اسرائيل تقوم في نهاية كل شهر بتسعير المحروقات عندها، وتعتمد عوامل عدة منها مستوى المعيشة في اسرائيل، فكلما زاد مستوى المعيشة يتم زيادة أسعار المحروقات، بالتالي مؤشر أسعار النفط أعلى من نظيراتها في الدول الأخرى.
ثانيا: ضريبة البلو، وهو مبلغ مقطوع ويتراوح المبلغ ما بين 3-3.5%، يتم جبايتها وتحويلها لوزارة المالية الفلسطينية، وأيضا يعتمد وضع هذه الضريبة على أسعار سلة المستهلك في اسرائيل، وهي ضريبة غير موجودة في كل دول العالم.
ثالثا: ضريبة القيمة المضافة، وتتفاوت بين دولة الى أخرى، وفي فلسطين تتراوح بين 16-18%.
وضريبة البلو خاصة باسرائيل، ونحن نستورد المحروقات من اسرائيل، بالتالي يتحمل المواطن الفلسطيني عبء ضريبة البلو وضريبة القيمة المضافة، إضافة الى مساواته بالمواطن الاسرائيلي في التعامل المالي، وكأن الدخل موحد بين الفلسطيني والاسرائيلي.
وبشأن عدم إمكانية استيراد المحروقات من الخارج؛ يقول الحاج أن اتفاقية باريس حددت فرق 15 نقطة فيما يتعلق بسعر البنزين فقط، بالتالي بإمكاننا كفلسطينيين الاستيراد من عدة دول من الخارج ما عدا البنزين.
وينتقد الحاج ما أسماه التسويق المغلوط لمعلومة أن رفض شراء المحروقات من الخارج مربوط باتفاقية باريس، حيث يمكننا استيراد الديزل والغاز من اي دولة نريد، السلعة الوحيدة المرتبطة بالاتفاقية هي البنزين.
وأشار الحاج الى أن أرباح هيئة البترول الفلسطينية تصل شهريا 800 مليون دولار من النفط.
تكلفة البنزين غير حقيقية
هل تكلفة لتر البنزين او السولار هي التكلفة الحقيقية التي يباع بها في فلسطين؟
يجيب الحاج بالنفي، يقول: "هيئة البترول الفلسطينية يكلفها سعر ليتر البنزين او الديزل ما بين 1.30 شيقل الى 1.5 شيقل، وضريبة البلو هذه تجبيها اسرائيل ب3.5 شيقل وتحولها لوزارة المالية الفلسطينية، إضافة لضريبة القيمة المضافة التي تجبيها المالية ويتحمل تكلفتها المواطن، بمعادلة بسيطة المواطن الفلسطيني تقريبا يدفع 5 شيقل زيادة عن السعر الحقيقي، فتكون الأسعاراعلى منها في الدول النامية.
وأشار أنه في الدول الصناعية ترتفع فيها الأسعار أيضا، لكن بذات الوقت تقوم حكوماتها بدعم المواطن ذو الدخل المتدني لعدة خطوات، بضبط الاحتكار وتقديم الاعانات للأطفال وكبار السن والعاطلين عن العمل وما الى ذلك، وبالتالي لو ارتفع السعر في هذه الدول لا يشعر به المواطن بالدرجة التي يشعر بها المواطن ذو الدخل المتدني في الدول النامية.
للتخفيف من الأزمة
ورأى الخبير أبو الروس أن الحكومة الفلسطينية يمكنها التخفيف من حدة الأزمة بتثبيت الأسعار، كما فعلت في شهر شباط واذار ونيسان بالمحافظة على اسعار المحروقات كما هي مراعاة للوضع الاقتصادي العام.
وأكد ابو الروس أن هناك ثلاثة مسارات لتجاوز الازمة بشكل جزئي، وتتمثل في:
- التنازل عن تملك السيارة قدر الإمكان، خاصة ان ليتر السولار يصرف مقابل 2.30 $، وهذا رقم كبير
- الاقتصاد والتوفير في المصاريف التي يمكن الاستغناء عنها في المواصلات .
- دعوة للمواطن للبحث عن السيارات التي تستهلك وقود اقل .
حقائق وأرقام:
-يتراوح معدل الاستهلاك الشهري من المحروقات في فلسطين بين 90 إلى 110 مليون ليتر شهريا 70% منها بنزين.
-يدخل خزينة الحكومة الفلسطينية 2.5 مليار شيكل بدل ضريبة المحروقات المعروفة باسم "البلو". (ابو الروس)
-70% من السعر النهائي للتر البنزين في فلسطين يتألف من ضرائب (الجعبري)
-يقدر متوسط استهلاك الفلسطينيين من الوقود سنويا نحو 850 الف ليتر موزعة بين الضفة وقطاع غزة.
- الفلسطينيين يستهلكون شهريا من 130-150 مليون ليتر من المحروقات.