تجارب الاخرين - تونس
بوابة اقتصاد فلسطين
بعد انتهاء زيارتنا الى فلسطين المغتصبة للاطلاع على مراكز ومزارع مكثفة يشرف عليها الدكتور فتحي عبد الهادي كانت لنا فرصة لزيارة تونس الخضراء بعد أقل من أسبوع .
زيارتنا لتونس كانت لمدة أربعة ايام عمل حقلية ميدانية، ويوم سياحي ويومان للسفر والعودة.
أقولها بصدق، بعد الزيارتين شعرت أننا مقصرون بعملنا داخليا رغم الإنجازات الجمة التي حققناها خلال عشر سنوات، وأن عملنا وإنتاجنا أصبح أفضل، بفضل البرامج المدعومة من الاتحاد الاوروبي عامة واوكسفام تحديدا قد اسست لتنمية مستدامة وحصل تغيير واضح في كامل السلسلة والمتعلقات بها من خلال مشروعين وهما برنامج من الحقل الى السوق، وبرنامج الذهب الاخضر الفلسطيني.
البرامج المذكورة لامست احتياج المزارعين، وساهمت في توعيتهم وتدريبهم على الممارسات الجيدة التي أدت لزيادة الإنتاجية وتحسين الجودة، وانعكست على الشجرة نفسها من حيث العناية بها بالرش والتقليم والحصاد المائي والري التكميلي والمعاصر، وما حدث من ايجابيات في أداء المعاصر، وتقليل نسبة الفاقد من الزيت وفي الجفت، وصولا الى الجمعيات وشركات التصدير الخارجي والتوزيع الداخلي، وصولا الى القمة وهو مجلس الزيتون الفلسطيني لأخذ دوره في المعادلة وبناء الخطة الاستراتيجية الوطنية لقطاع الزيتون .
حديثنا ليس عن البرنامج، ولكن رغم كل هذا التطور الذي نتحدث عنه، وجدنا في تونس دولة وديوان زيت ومزارعين وشركات تعرف الطريق المرسوم جيدا، وتسير وفق سياسة مخطط لها بعناية تامة وتنفذ من رؤية واضحة .
تونس التي تمتلك 70 مليون شجرة زيتون وتنتج 170 الف طن زيت زيتون سنويا، وبها 1700 معصرة زيتون، يرتكز الزيتون يها في الولايات الجنوبية من البلاد، وانهم لا يزرعوا الزيتون في المناطق التي تزيد بها نسبة الامطار عن 400 ملم، حيث أن هذه المناطق ذات الأمطار الغزيرة يزرع بها الحبوب، ومعظم الزيتون في مناطق تقل بها نسبة الامطار عن 100 ملم.
وهنا يتوجب ارسال فريق من المختصين للاطلاع على تجربة الحصاد المائي لزراعة مناطق شاسعة في بلادنا في مسافر يطا ومسافر بني نعيم، حيث الأمطار تصل الى 250 ملم وليس 100 او 50 كما هو الحال في تونس.
طريقة زراعة الزيتون بحد ذاتها تختلف عن ممارساتنا في فلسطين، دخلت تونس الزراعة المكثفة للزيتون وبدأ الانتاج الفعلي للغراس الجديدة يدخل حيز التنفيذ، فقد زرنا مزرعة ب 2800 دونم عمر الغراس ثلاث سنوات، وقد اقاموا المعصرة الخاصة بها والقطافات الالية متزامنا مع اقامة المزرعة، لقد شاهدنا في هذه المزرعة مختلف اصناف الاسمدة المتخصصة بالنمو الخضري وبالازهار وبعقد الثمار، وزيادة حجم الثمرة، وجميعها انتاج تونسي وطني.
الدروس المستفادة ان شجرة الزيتون ليست مجرد شجرة برية نزورها وقت قطف الثمار، وحتى قطف الثمار فاننا لا نقطف بصورة صحيحة 100% الا ما ندر عند التعاونيات، ونحن نقتل زيتوننا بنقله وتخزينه في الاكياس البلاستيكية؛ بينما في تونس هناك قرار حكومي رسمي يمنع استخدام البلاستيك للنقل، فهو ممنوع ومن يمارس هذه العملية يتعرض للمخالفة ومصادرة المنتج ليكون مصيره الى الصابون.
مزارعنا يعمل العام كله بانتظار الموسم، وبعد الحصاد يقف متفرجا وحائرا بمنتجه من حيث السعر والتسويق، ولكن في تونس يبيع المزارع محصوله حبا وليس زيتا، ويقبض ثمن انتاجه يوم حصاده، ويكون هناك تسعيرة حكومية للزيتون الحب، وتسعيرة للزيت المخصص للاكل .
مجلس الزيتون التونسي يستورد الزيوت النباتية الاخرى، الذره والصويا والنخيل وعباد الشمس، لماذا ؟ ليشجع المواطنين على استخدام زيوت نباتية وتوفير زيت الزيتون للتصدير لرفد البلاد بالعملة الصعبة !!
زرنا إحدى الشركات الملتزمة لهذا العام 2015 ب 20 الف طن زيت، ونحن في فلسطين غير قادرين على ايجاد اسواق ل5000 طن من الزيت، علما ان زيت فلسطين له سمعة محترمة في الجزيرة العربية اكبر سوق استهلاكي .