رسالة للمرأة الفلسطينية في يوم المرأة..
بوابة اقتصاد فلسطين
طالما كنت الأولى في الصف الوطني، لكنك الأخيرة او ما يدور حولها في ميزان المساواة والعدالة المجتمعية.. دعيني أذكرك في يومك ببعض الحقائق الاقتصادية التي تجعلك واعية ومدركة غير مضللة في هذا اليوم الاحتفالي الذي يحمل اسمك..
عزيزتي المرأة،
وانت تتصدرين المشهد الوطني بمقاومتك وتضحيتك وصمودك فإنك تتصدرين مشهد البطالة على مستوى كافة الدول، بما فيها اليمن التي تعاني من ويلات الحروب والدمار..
تتقدمين في المستوى التعليمي، فتتراجعين بقوة أمام الدول في المشاركة في سوق العمل، على الرغم من أن بعض الدول الأعلى نسبة مشاركة لنسائها في سوق العمل تعتبر دولا محافظة أكثر من المجتمع الفلسطيني.
انت والرجل لستما سيان أبدا، فمشاركة المرأة الفلسطينية داخل القوى العاملة مقارنة بالرجل مشاركة متدنية، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 17% من مجمل النساء في سن العمل في العام 2021 مع العلم أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة بلغت 69%.
وأنت تحاولين تلبية متطلبات الحياة، من المساهمة في سداد الأقساط الجامعية لأبنائك، والمساهمة في تكاليف زواجهم وما الى ذلك فإنك تخرجين لسوق العمل لتعملي في وظيفة هي غالبا في قطاع خدماتي، او تجاري.. الخ، فحينما يكون معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة 43% مقابل 22% بين الرجال للعام 2021 ستكونين سعيدة لحصولك على فرصة في أي مكان وإن كان غالبا لا يناسب مستواك التعليمي، حيث تتركز نسبة النساء في قطاع الخدمات والفروع الاخرى بنسبة 73.1% يليه قطاع التجارة والمطاعم والفنادق بنسبة 11.1% ومن ثم قطاع الزراعة بنسبة 6.7%، حسب احصاءات لعام 2019.
العلاقة عكسية ..
ما يقلق حقا تلك العلاقة العكسية بين مستواك التعليمي وفرصتك في العمل، كلما ارتفع المستوى التعليمي للرجال ترتفع نسبة العاملين من بين المشاركين في قوة العمل، الا أن العلاقة عكسية للنساء العاملات..
من أسباب ذلك أنك قد تحصلين على شهادة مهندسة فتذهبين للعمل كمعلمة، كون القطاع الخاص يفضل تشغيل الذكور من ناحية، ومن ناحية أخرى تخسرين المزيد من الفرص مع التقدم بالعمر، فتختارين الأمان او ما ترينه كذلك في ظل الأعداد الهائلة من الخريجين الذين يتزاحمون على فرص عمل شحيحة أصلا.
القطاع الخاص المشغل الأكبر
وحين تظنين أن الأمان هو عملك في القطاع العام غالبا، كنظرة سائدة مجتمعيا، فعليك أن تعلمي حقيقة أن القطاع الخاص هو القطاع الأكثر تشغيلا للعاملين والعاملات مقارنة مع القطاع العام، فما نسبته 67% من النساء عاملات في هذا القطاع مقارنة مع 32.2% عاملات في القطاع العام.
وإن أردت معرفة نسبة النساء صاحبات الأعمال فهي متدنية للغاية، حيث وصلت الى 2.7%، وتتركز غالبيتهن في المشاريع الصغيرة، ذات الصبغة الصناعية الغذائية غالبا، إضافة لذلك فإن نسبة النساء العاملات لحسابهن بلغت 11.8 %، فكيف لهذه النسب أن تصعد من تلقاء نفسها، إن لم يكن منا من يدفع باتجاه تمكين المرأة لتكون منافسا قويا، وإن كان بتمييزها أحيانا في ظل المستوى السوداوي من الظلم المجتمعي لها.
ولتقريب الصورة أكثر نلاحظ توجه النساء خلال فترة الذروة للجائحة توجههن للعمل في الحرف اليدوية ذات الجهد الكبير وأسعار المواد اللازمة المرتفع، وقدرات التسويق الضعيفة من باب كونك شريك في الهم الأسري إضافة للهم الوطني.
عاملات دون أجر
هل تعلمين أن ما نسبته 8.3% من النساء عاملات دون أجر لدى الأسر، مقارنة مع 3.1 % للرجال حسب احصاءات لعام 2019، عدا كونك صاحبة همة ورغبة في مساعدة العائلة من الانزلاق في خط الفقر، لا تغفلي جانب أنه يتم معاملتك كتابعة في الأسرة أحيانا، ليس لديك القرار بالتحكم بالمال الخاص، فيُحتسب عملك ضمن الناتج المحلي الاجمالي بينما يستفيد منه الرجل صاحب القرار المالي في المنزل.
وإن كنت تقضين ما نسبته 17.8 %من الوقت اليومي بالأعمال المنزلية، فإن الرجل يقضي 3 % من الوقت اليومي في الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، وبالتالي تبقين العمود الفقري لأسرتك وأن قسى عليك الواقع، فقد تعملين طوال النهار ولساعات متأخرة من الليل في الأعمال المنزلية، وتسجلين "ربة منزل"، وتردين على من يسألك عن وظيتك قائلة "لا أعمل"!!.
مكيالين لجهد واحد..
كون عمل النساء في فلسطين يتركز في المهن الدنيا، فإنك تتقاضين الأجور الأقل على الإطلاق كامرأة فلسطينية، و قد تتقاضين أجورا أقل من الحد الأدنى للأجور، إن كنت عاملة في حضانة أو في منزل أو في معمل خياطة صغير.. حيث أظهرت الاجصاءات ان 29% من العاملين المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر والبالغ (1,450 شيقلاً)، نسبة الرجال منهم 29% للرجال، مقابل 30% للنساء.
والأدهى أنك قد تكونين من بين 25% من العاملات بأجر في القطاع الخاص اللواتي يعملن دون عقد عمل، لأسباب عدة، لعل أبرزها غياب ادراكك لأهمية العقد، والأدهى من ذلك أن تعرفين خطورة ذلك على حقوقك، لكن تفضلين الصمت للاستمرار في كسب رزقك، حيث تفتقدين لمن ينصفك في هذه الحياة المزدحمة بالظلم والقسوة.
عليك أن تعلمي أن هناك 56% من العاملات يحصلن على مساهمة في تمويل التقاعد/ مكافأة نهاية الخدمة، بالمقابل أكثر من نصف المستخدمات بأجر في القطاع الخاص (52%) يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر وذلك للعام 2021، نعم هناك نساء يحصلن على إجازة أمومة غير مدفوعة الأجر، وهي من أبشع أنواع الاستغلال تجاه المرأة، والتي قد تدفعها لتقليل عدد المواليد لتحافظ على عملها.
عزيزتي المرأة،
ان كنت من دعاة المساواة في الأجور فإن عليك أن تدركي أننا نحتاج 26.6 %على أجرك حتى نجسر فجوة الأجور بين الجنسين، تعملين لساعات متساوية مع زميلك، فيحصل على أجر أعلى منك، أترين حجم العدالة! الجهد ذاته يُكال بمكيالين، لأنهم يرون فيك الضعف، ويستغلون حاجتك للعمل، لكن ما يطمئن أنك لست وحدك، فأنت جزء من منظومة تمييزية واسعة ضد النساء في العالم.
حسب احصاءات لعام 2019 فإن معدل الأجر اليومي بالشيقل للمستخدمين بأجر بلغ في فلسطين حوالي 128.6 شيقل يوميا، للرجال134.4 شيقل يوميا، و98.6 شيقل يوميا للنساء، هكذا تخبرنا الأرقام الرسمية ولا ندعي ذلك.
هل تعلمين لماذا يحدث ذلك؟
حين تخرج قرارات رسمية بإغلاق الحضانات والمدارس وأنت على رأس عملك، لا تشتاطي غضبا وأنت تتركين صغارك وحيدين في المنزل، فأنت لست في مراكز صنع القرار، وإن ترك القرار لمؤسستك فلن تحظي أيضا ببعض التفهم لوضعك، فوزاراتنا وشركاتنا ذكورية بامتياز، أكثر ما يمكنهم أن يقدموه لك، وردة في الثامن آذار، لكن لو كان هناك سيدة في مركز قيادي وصاحبة رأي وفي مركز قوة، لكانت أدركت حاجتك دون أن تستجديها، لأخذت حقك دون أن تتسوليه!.
وأنت تكرمين في يومك عليك أن تعرفي، أن فجوة النوع الاجتماعي في المناصب الوزارية 72 %بمعنى أنه يجب زيادة النساء بنسبة 72 % حتى نجسر الفجوة!
حسب بيانات ديوان الموظفين العام حتى شهر شباط 2022 فقد بلغت مساهمة النساء في القطاع المدني 47% من مجموع الموظفين، وتبرز الفجوة في نسبة الحاصلات على درجة مدير عام فأعلى التي بلغت 14% للنساء مقابل 86% للرجال، فأي صوت سترفعين مقابل حشد من المدراء يرون فيك شريكا في الواجبات.
البيانات الرسمية لعام 2022 تخبرك أن النساء تشكل حوالي 25% من أعضاء المجلس المركزي، وبيانات 2020 تخبرك أن النساء تشكل 11% من أعضاء المجلس الوطني، و12.5% من أعضاء مجلس الوزراء هن نساء، و11% نسبة السفيرات في السلك الدبلوماسي، كما أن هناك إمراة واحدة تشغل منصب محافظ من أصل 16 محافظ، 2% من رؤساء الهيئات المحلية في فلسطين هنَ من النساء، أما عن ادارة مجلس الغرف التجارية والصناعية والزراعية فقد بلغت النسبة 99% من الرجال، مقابل 1% فقط من النساء، وحوالي 19% نسبة القاضيات، ونسبة وكيلات النيابة تبلغ 20%.
عزيزتي المرأة،
يكفيك أن تكوني مدركة وأنت تبتسمين أثناء تكريمك في عملك أنك عانيت طويلا دون أن يحدث صوتك فرقا إلا ما ندر، فلا ترضي إلا بالعمل والمثابرة رغم كل أشكال التمييز لتكوني شريكا في عليا المناصب، لتكوني بالصف الأول، في التضحيات والحقوق، الفجوة كبيرة، ونحتاج تغيير قد يمتد لأجيال لنحدث فرقا.
كل عام وانت فلسطينية صامدة .. واعية مدركة لحقها، لا ترضى بغير الصف الأول.