في حال غزت روسيا أوكرانيا.. العالم سيعاني من آثار اقتصادية خطيرة
بوابة اقتصاد فلسطين
ينظر العالم بقلق إلى التوترات على الحدود الأوكرانية، خاصة مع عدم تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات بين دول الغرب وروسيا التي لا يبدو أنها – ظاهريا على الأقل – تأبه بالتهديدات المستمرة بفرض عقوبات.
وفيما تمثل الحرب كابوسا إنسانيا وأمنيا، فإن آثارها الاقتصادية قدلا يتحملها العالم، بدءا من تأثيرها على أسواق الطاقة، الحبوب، وسندات الدولار وأسواق الأسهم.
وبحسب رويترز، فإنه يمكن إجمال خمس محاور اقتصادية رئيسة ستضرب بأي حرب محتملة بين أوكرانيا وروسيا.
أدى التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ عدة عقود، وارتفاعات محتملة في أسعار الفائدة إلى شهر سيء لأسواق السندات، حيث لا تزال أسعار الفائدة الأميركية تحوم بالقرب من مستوى 2 بالمئة.
ولكن الصراع بين روسيا وأوكرانيا قد يغير ذلك.
وعادة ما يشهد العالم حين حدوث أزمات كبرى اندفاع المستثمرين للعودة إلى السندات الائتمانية، التي ينظر إليها عموما على أنها الأصول الأكثر أمانا، وقد يحصل هذا هذه المرة أيضا، حتى لو كان الغزو الروسي لأوكرانيا يخاطر بزيادة أسعار النفط – وبالتالي زيادة التضخم.
وينظر المستثمرون منذ فترة طويلة إلى العملة السويسرية (الفرنك) كملاذ آمن، وقد وصلت هذه العملة، الاثنين، إلى أعلى مستوياتها منذ مايو 2015 على الرغم من أن بعض ذلك الارتفاع كان بسبب موجة بيع واسعة النطاق في وول ستريت.
كما أن الذهب، الذي ينظر إليه أيضا على أنه مأوى في أوقات الصراع أو الصراع الاقتصادي، وصل إلى ذروة في الأسعار منذ شهرين.
ومن المرجح أن يكون لأي انقطاع لتدفق الحبوب من منطقة البحر الأسود تأثير كبير على الأسعار وأن يضيف المزيد من الوقود إلى تضخم أسعار الأغذية في وقت تشكل فيه القدرة على تحمل التكاليف مصدر قلق كبير في جميع أنحاء العالم في أعقاب الأضرار الاقتصادية الناجمة عن وباء COVID-19.
ويقوم أربعة مصدرين رئيسيين، هم أوكرانيا وروسيا وكازاخستان ورومانيا - بشحن الحبوب من موانئ في البحر الأسود، لكنها قد تواجه اضطرابات بسبب أي عمل عسكري أو عقوبات.
ومن المتوقع أن تكون أوكرانيا ثالث أكبر مصدر للذرة في العالم في موسم 2021/2022 ورابع أكبر مصدر للقمح، وفقا لبيانات المجلس الدولي للحبوب. فيما روسيا هي أكبر مصدر للقمح في العالم.
وقال دومينيك شنايدر، الخبير الاستراتيجي في بنك يو بي إس لوكالة رويترز إن "المخاطر الجيوسياسية ارتفعت في الأشهر الأخيرة في منطقة البحر الأسود، مما قد يؤثر على أسعار القمح المقبلة".
ومن المرجح أن تتأثر أسواق الطاقة إذا تحولت التوترات إلى صراع.
وتعتمد أوروبا على روسيا للحصول على حوالي 35 بالمئة من الغاز الطبيعي، ويأتي معظمها من خلال خطوط الأنابيب التي تعبر بيلاروس وبولندا إلى ألمانيا، ونورد ستريم 1 الذي يذهب مباشرة إلى ألمانيا، وغيرها من خلال أوكرانيا.
وفي عام 2020، انخفضت كميات الغاز من روسيا إلى أوروبا بعد أن خفضت عمليات الإغلاق الطلب ولم تتعاف التوريدات بشكل كامل في العام الماضي عندما ارتفع الاستهلاك، مما ساعد على رفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
وكجزء من العقوبات المحتملة فى حالة غزو روسيا لأوكرانيا، قالت ألمانيا إنها قد توقف خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الجديد من روسيا.
ومن المتوقع أن يزيد خط الأنابيب من واردات الغاز إلى أوروبا، لكنه يؤكد أيضا اعتماده على موسكو في مجال الطاقة.
وقال محلل السلع في SEB بيارن شيلدروب إن الأسواق تتوقع أن تنخفض صادرات الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا الغربية بشكل في حالة فرض عقوبات.
وبعد أسابيع من المكالمات والاجتماعات في المدن الأوروبية، قال مسؤولون أميركيون الثلاثاء إنهم يرون تقاربا بشأن العقوبات المحتملة على روسيا، بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
ويرجع ذلك جزئيا إلى التأكيدات بأن الولايات المتحدة تعمل على تأمين إمدادات الطاقة إذا غزا بوتين أوكرانيا وقطع صادرات الطاقة غربا.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم يبحثون عن مخزونات من الطاقة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وداخل الولايات المتحدة.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين يوم الثلاثاء لوول ستريت جورنال "إذا قررت روسيا عسكرة امداداتها من الغاز الطبيعي أو النفط الخام، فلن يكون ذلك بدون عواقب على الاقتصاد الروسي".
وأضاف "أنه اقتصاد ذو بعد واحد وهذا يعني أنه يحتاج إلى عائدات النفط والغاز على الأقل بقدر ما تحتاج أوروبا إلى إمدادات الطاقة".
وقال مسؤولون أوروبيون ان المناقشات مع الولايات المتحدة ودول الشرق الاوسط تتقدم حول كيفية سد الفجوة فى امدادات الطاقة فى الكرملين لخفض تدفق الغاز .
وأعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، سيلتقي أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في واشنطن، في 31 يناير الحالي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، في بيان إن بايدن سيناقش مع أمير قطر عدة قضايا منها "ضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية".
ويمكن أن تتأثر أسواق النفط أيضا من خلال القيود أو التعطيل.
وتنقل أوكرانيا النفط الروسي إلى سلوفاكيا والمجر وجمهورية التشيك.
وقال مركز "ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس" في مذكرة إن تمرير أوكرانيا للنفط الخام الروسي للتصدير إلى أوروبا بلغ 11.9 مليون طن متري في عام 2021، بانخفاض عن 12.3 مليون طن متري في عام 2020.
وقال جيه بي مورجان إن التوترات تخاطر ب "ارتفاع مادي" في أسعار النفط، وأشار إلى أن ارتفاعه إلى 150 دولارا للبرميل من شأنه أن يخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 0.9 بالمئة فقط سنويا في النصف الأول من العام.
كما يمكن للشركات الغربية المدرجة في البورصة أن تشعر بالعواقب المترتبة على الغزو الروسي، على الرغم من أن أي ضربة لشركات الطاقة للإيرادات أو الأرباح قد تقابلها إلى حد ما قفزة محتملة في أسعار النفط.
وتمتلك شركة بريتيش بتروليوم البريطانية حصة نسبتها 19.75 بالمئة في روسنفت الروسية، التي تشكل ثلث إنتاجها، ولديها أيضا عدد من المشاريع المشتركة مع أكبر منتج للنفط في روسيا.
وفي الوقت نفسه، تمتلك شل حصة نسبتها 27.5 بالمئة في أول مصنع للغاز الطبيعي المسال في روسيا، ساخالين 2، وهو ما يمثل ثلث إجمالي صادرات البلاد من الغاز الطبيعي المسال، ولديها عدد من المشاريع المشتركة مع شركة الطاقة الحكومية العملاقة جازبروم.
وتعمل شركة الطاقة الأميركية إكسون من خلال شركة تابعة لمشروع النفط والغاز ساخالين-1، الذي تديره الدولة.
وفي القطاع المالي، تتركز المخاطر في أوروبا، وفقا لحسابات جي بي مورغان.
ويتوقع أن تتأثر بنوك أوروبية عدة بالحرب المحتملة، كما أن البنوك الفرنسية والنمساوية لديها النسبة الأكبر بين المقرضين الغربيين لروسيا حيث تبلغ مستحقاتهما معا نحو 41 مليار دولار، ويليهم المقرضون الأميركيون بمبلغ 16 مليار دولار، واليابانيون بقيمة 9.6 مليار دولار، والبنوك الألمانية بقيمة 8.8 مليار دولار، وفقا لبيانات بنك التسويات الدولية (BIS).
وستكون الأصول الروسية والأوكرانية في طليعة الخاسرين من أي تداعيات للأسواق من العمل العسكري المحتمل.
وكان أداء السندات الدولارية لكلا البلدين أقل من أداء نظيراتها في الأشهر الأخيرة مع تقليص المستثمرين لخططهم وسط تصاعد التوترات بين واشنطن وحلفائها وموسكو.
في حين تقلص الوضع العام لروسيا في أسواق رأس المال في السنوات الأخيرة وسط العقوبات والتوترات الجيوسياسية.
وعانى الروبل الروسي والهريفنا الأوكرانية أيضا، مما يجعلهما أسوأ عملات الأسواق الناشئة أداء حتى الآن هذا العام.
وقال كريس تيرنر، الرئيس العالمي للأسواق في "إن جي"، إن الوضع على الحدود الأوكرانية الروسية يمثل "شكوكا كبيرة" بالنسبة لأسواق العملات الأجنبية.
وأضاف "تذكرنا أحداث أواخر عام 2014 بالثغرات في السيولة واكتناز الدولار الأميركي التي أدت إلى انخفاض كبير في الروبل في ذلك الوقت".
ويقول مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة مستعدة لفرض قيود على الصادرات في القطاعات الحيوية للاقتصاد الروسي إذا غزا بوتين أوكرانيا، فيما ستعمل على تخفيف صدمات السوق إذا حجبت روسيا إمدادات الطاقة انتقاما.
وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة يمكن أن تحظر تصدير منتجات مختلفة تستخدم الإلكترونيات الدقيقة إلى روسيا استنادا إلى المعدات أو البرمجيات أو التكنولوجيا الأميركية.
وفي حين لم يحدد المسؤولون المنتجات، قالوا إن الهدف سيكون ضرب القطاعات الصناعية الروسية الحيوية مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الحكومية والفضاء، مما يحرم الصناعة الروسية من مكونات التكنولوجيا الفائقة التي لا يمكن للبلاد استبدالها محليا أو من خلال موردين بديلين.
وقال مسؤول كبير في الادارة الأميركية لصحيفة وول ستريت جورنال إن "خيارات مراقبة الصادرات التي ندرسها الى جانب حلفائنا وشركائنا ستضرب طموحات بوتين الاستراتيجية في تصنيع اقتصاده بشدة وستضعف المجالات التي تعتبر ذات اهمية بالنسبة له".
ورفض مسؤولو الإدارة الأميركية تقديم العديد من التفاصيل حول أنواع العقوبات التي ستفرضها، لكنهم قالوا إن هذه التحركات ستؤدي إلى تفاقم عمليات البيع في الأسواق الروسية، وزيادة تكلفة الاقتراض في البلاد، والإضرار بقيمة العملة الروسية، مما يرفع التكاليف السياسية المحلية للسيد بوتين جراء الحرب في أوكرانيا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، لم تذكر اسمه أن "أي زعيم مهما كان مارقا أو حاكما مستبدا أم لا، عليه ان يهتم بالشعبية"، مضيفا "وعندما يكون لديك تضخم وركود فإن هذا لا يكسب القلوب والعقول".
وأضاف "ربما يتحمل (بوتين) الألم الاقتصادي أكثر من القادة الآخرين، ولكن هناك عتبة من الألم نعتقد أن حساباته يمكن أن تتأثر حينما يتجاوزها".
وفى الشهور الأخيرة جمعت روسيا اكثر من 100 ألف جندي على طول الحدود الأوكرانية ونقلت الدبابات والعتاد العسكري غربا من قواعد فى الشرق ونشرت قوات فى بيلاروس المجاورة المتاخمة لأوكرانيا أيضا.
كما تجري روسيا مناورات بحرية في المحيطين الأطلسي والهادئ، وفي بحر العرب مع القوات البحرية الصينية.
وأعلنت موسكو الثلاثاء عن مناورات عسكرية جديدة في شمال القوقاز.
وقال الرئيس بايدن في مؤتمر صحفي إن الولايات المتحدة مستعدة لإطلاق عقوبات ضد روسيا إذا تحرك الرئيس فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا.
وأضاف بايدن الثلاثاء "لقد أوضحت في وقت مبكر للرئيس بوتين أنه إذا انتقل إلى أوكرانيا ستكون هناك عواقب وخيمة، بما في ذلك عقوبات اقتصادية كبيرة، فضلا عن أنني سأشعر بأنني ملزم بتعزيز وجودنا، ووجود حلف شمال الأطلسي، في الجبهة الشرقية، بولندا ورومانيا، وما إلى ذلك".
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون فرنسيون وألمان وروس وأوكرانيون يوم الأربعاء في باريس فيما يسمى بمحادثات نورماندي وهي قناة دبلوماسية أنشئت لتسوية القضايا العالقة المتعلقة باقتحام روسيا لأوكرانيا في عام 2014.
ومن المقرر أن يتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع بوتين يوم الجمعة.
وقال ماكرون الثلاثاء إنه سيسعى للحصول على توضيحات حول ما يعتزم الرئيس الروسي القيام به في أوكرانيا .
وقال المسؤولون الأميركيون إن ضوابط التصدير قيد النظر سيتم تنفيذها من خلال أداة سياسية أميركية قوية تعرف باسم قاعدة المنتجات الأجنبية المباشرة، والتي استخدمتها إدارة ترامب لشل هواوي الصينية.
وإن استخدام هذه القاعدة لاستهداف بلد ما أو قطاعات صناعية متعددة بدلا من شركة واحدة هو استراتيجية جديدة يمكن أن يكون لها آثار واسعة النطاق نظرا للهيمنة العالمية وانتشار أدوات وبرامج صناعة الرقائق في الولايات المتحدة.
على سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة استخدام هذه القاعدة لمنع شركة أجنبية صنعت هاتفا في بلد ثالث مختلف من بيعه إلى روسيا إذا كان الجهاز يستخدم أي رقائق أميركية.
وقال المسؤولون الأوروبيون إنهم سيطبقون أيضا حظر التصدير، بما في ذلك على سلع التكنولوجيا الفائقة، على الرغم من استمرار المناقشات حول مدى اتساع نطاقه.
alhurra.com