الرئيسية » الاخبار الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
16 كانون الأول 2021

خبير يدعو الحكومة لاخذ العبر والدروس من أزمة العام الحالي باعتماد موازنات تقديرية مرنة للعام القادم

حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين 

  أقر مجلس الوزراء الفلسطيني الفلسطيني الموازنة العامة للسنة المالية 2021، وسط توقعات بفجوة عجز تصل إلى حوالي مليار دولار، وفي ظل توقف للمساعدات الدولية للخزينة الفلسطينية ومواصلة إسرائيل اقتطاع أموال الضرائب الفلسطينية

تراجعت المساعدات التي تحصل عليها السلطة الفلسطينية من الدول المانحة بنسبة 90 بالمئة مقارنة بما كانت تحصل عليه في وقت سابق.

وكان رئيس الوزراء د. محمد اشتية قد أشار خلال اجتماع لمجلس الوزراء "عدم تلقي السلطة الوطنية الفلسطينية أي مساعدات مالية من الدول العربية الشقيقة خلال العامين الحالي والماضي".

قد لا يكون هذا العام المالي الأسوأ على السلطة منذ نشأتها، لكنه الأصعب خلال عدة سنوات، ما يستوجب على الجهات الرسمية وغير الرسمية الاستعداد للأسوأ، كونه المتوقع غالبا.

الخبير الاقتصادي د. ثابت أبو الروس يرى أن هذه الأوضاع ما هي الا تذكير بأهمية استنباط العبر والدروس من أكثر من جانب، الجانب الأول هو الجانب الاقتصادي وربطه دائما بالجانب السياسي، الجانب الثاني هو الجانب الصحي، والذي يظهر للمرة  الأولى ويكون له تداعيات ذات أثر اقتصادي، حيث ان أغلب الدول عندما ترسم سياساتها لم تضع في الحسبان الآثار الصحية المترتبة على الأداء المالي والاقتصادي.

أما فيما يتعلق بالوضع السياسي إوأثره على الوضع الاقتصادي أوضح أبو الروس، أن ما ميز العام الحالي أن السياسة أثرت بشكل مباشر وخاصة في القرارات السياسية الأمريكية السلبية تجاه القضية الفلسطينية ،ثانيا : تراجع دور الدول المانحة في الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، والتي توقفت مساعداتها بشكل شبه كامل.

العبر والدروس المستفادة

يرى أبو الروس أن هناك عوامل عدة مهمة  يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التخطيط للسنة المالية الجديدة، حيث هناك ضرورة لاعتماد موازنات تقديرية مرنة يتم إعادة تقييمها كل 3 اشهر، وعدم وضع موازنات ثابتة لأن احتمالية تطبيقها تكون صعبة. كما يجب أن يكون هناك نظرة مالية ثاقبة بعيدة المدى تتعلق بتقديرات الإيرادات المتوقعة وشبه الثابتة  ، حيث يجب أن تكون تقديرات صناع القرار الاقتصادي  مبنية على المخاطرة وليس على اليقين.

أضف الى ذلك ضرورة إعادة النظر بالإتفاقيات مع الجانب الاسرائيلي، وخاصة اتفاقية باريس التي أثرت بشكل مباشر وخاصة في الشق المتعلق باستحقاقات السلطة الفلسطينة من عائدات المقاصة ، وعدم دفع اسرائيل لاستحقاقات السلطة الفلسطينة من العوائد الشهرية والخصميات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي

لماذا الخطط التطويرية في ظل عجز الموازنة؟

قد يتساءل البعض، لماذا تعلن الحكومة الفلسطينية في جلساتها وعودات بمشاريع او خطط تطويرية في المحافظات في ظل أزمة مالية خانقة تعيشها، وفي ظل عدم قدرتها حتى على دفع الرواتب كاملة لموظفيها؟.

يقول الخبير ابو الروس أن الحكومة اليوم تعمل في سياسة إدارة الأزمة، ولا تعمل ضمن خطط استراتيجية قصيرة او متوسطة او طويلة الأمد، نظرا للضغوط الاقتصادية التي تعانيها، والامتناع عن دفع المقاصة وأزمة الرواتب اثقلت كاهل السلطة وجعلتها تفكر في معالجة الأزمة بعيداً عن تنفيذالخطط واستراتيجات الموضوعة .

ويرى أبو الروس أن هذه ليست اسوأ سنة مالية تمر على السلطة، فالمتابع للأوضاع الاقتصادية يرى أنها منذ عام 2000 والأوضاع والظروف الاقتصادية تتجه من سيئ الى اسوأ، حيث نتحدث فعليا عن سوء اداء اقتصادي، ولم نتحدث عن وضع خطط وموازنات ومعالجات يمكن أن نتغلب بها على الوضع الاقتصادي، وخاصة فيما يتعلق بأزمة انقطاع الرواتب أو دفع الحد الأدنى منها والتي أصبحت حالة متكررة

ويضيف "اقرار الخطط الاقتصادية واعتمادها يجب أن ينتقل من الخطط المرسومة الى التطبيق الفعلي ولا يبقى حبرا على ورق حيث ان  التنفيذ بعيد كل البعد عن القرارات، فنجد انه يتم اقرار موزانات بملايين الشواقل للمحافظات والقرى الفلسطينية و لكن هذه الموازنات لم تنتقل الى التنفيذ الفعلي والكامل والمباشر حسب ما مخطط لها نظرا للصعوبات المالية، والمتابع للوضع المالي يرى أنه ما زالت السلطة تعاني من أزمة مالية، حيث بلغت المديونية العامة للسلطة الفلسطينية ما لاييقل عن 14 مليار و100 مليون شيقل، والمتابع منذ عام 2017 يرى أن هذا الرقم بازدياد، وذلك لا يسمح بتنفيذ الخطط والقرارات نظرا لانعدام القدرة المالية."

انعدام الثقة ..

لا يخفى على أحد ما لذلك من اثار على المجتمع والمواطن الفلسطيني بكافة فئاته، ويشير هنا أبو الروس الى الأثر على القطاع الخاص على وجه التحديد، والذي أعلن أكثر من مرة عن التهديد بمقاطعة العطاءات الحكومة، وانعكاس ذلك يصل للمنتج المقدم للسلطة، حيث يساهم في اضعاف جودة المنتجات المقدمة لمؤسسات السلطة ، وكذلك انعدام الثقة لدى قطاع المقاولين والموردين  الفلسطينيين من جدوى استمرارية التعامل مع مؤسسات السلطة الفلسطينية نظرا للتأخير الكبير في دفع استحقاقات القطاع الخاص

تهديد لخطط التنمية

في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من محدودية ماليتها، وفي الوقت الذي يعاني فيه الأفراد من محدودية دخولهم مع نمو في معدل التضخم- اي انخفاض القيمة الشرائية لدى وحدة النقد الواحدة- وكذلك الالتزامات البنكية للقطاع البنكي، كل هذه الأمور وغيرها تبطئ من عجلة الاقتصاد وتؤثر سلباً على الأداء المالي للسلطة وللمواطن، وهذا يضعف خطط التنمية المستقبلية، سواء على صعيد الشركات الخاصة أو السلطة الفلسطينية.

أما المواطن الفلسطيني الذي تدنى دخله وتآكلت أجوره بفعل الأوضاع الاقتصادية العامة والتضخم وتقلب العملات فهم مطالبون أيضا بخطط تقييمية وخطط تقديرية، حيث ان وضع الخطط التقييمية يسهم في تقييم الفترة المالية السابقة وكذلك أخذ العبر والدروس من نقاط الضعف التي كانت على المستوى المالي للأسرة خلال العام  2021 ، وعلى أوجه الانفاق التي لم تكن في مجالها الصحيح، أو كان فيها مبالغة في شراء الحاجات والسلع الكمالية والاستهلاكية  ،أما الخطط  التقديرية فتكون بوضع السيناريو المالي الأسوأ أو التركيز على المشتريات الأساسية والابتعاد عن السلع الكمالية تجنبا لأي ضغوطات مالية وطوارئ مستقبلية لأن القادم حسب التوقعات قد يكون اسوأ، فقد يكون هناك تباطؤ في النمو او انكماش اقتصادي أو ارتفاع في نسبة التضخم، وبالتالي يجب أن تكون خطة التحوط المستقبلي تتجه نحو السيناريو الأسوأفي تقديرات الدخل .