الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
16 كانون الأول 2021

بيئة ريادة الأعمال الفلسطينية: هل اقترب فايروس الفوضى والتخريب؟

بقلم: سائد كرزون
كاتب فلسطيني

بوابة اقتصاد فلسطين 

هذه المرة لن أتحدث في مقالي عن المعيقات في بيئة الريادة والأعمال الفلسطينية: كالاحتلال، والقوانين الاقتصادية، والبطالة، وضعف البنية التحية التكنولوجية، وتقليدية التعليم، بل عن العوالم النفسية وبداية ظهور مظاهر قد تشوه قطاعاً واعداً. آملاً وراجياً أن يكون هذا المقال فرصة تنويرية وتطويرية إيجابية.

كلكم تعلمون أن بيئة الحياة والعمل في فلسطين بيئة مشوّهة من جهة، إلا أنها أيضاً بيئة توجد فيها فرص البناء والتطوير من جهة أخرى، نتيجة ارتفاع نسبة الشباب فيها، مما يتيح فرص الاستمرار في النمو والبناء والتجدد.

في أغلب الحالات تكون بيئة العمل في معظم الحقول مشحونة بالطاقات السلبية، والمشاكل السلوكية والنفسية، وثقافة "ضرب الأسافين" وغيرها. لذلك فإن بيئة ريادة الأعمال ليست بعيدة ومحمية من الإصابة بتلك العدوى، وبفايروس سوف أطلق عليه هنا "فايروس الفوضى"، فقد أصبح هذا الفايروس يقف على الباب منتظراً من يفتح له باب الدخول في أي لحظة حتى يدمر قطاعاً واعداً وناشئاً؛ في الوقت الذي أعتبر هذا القطاع فرصة تاريخية للنهوض وتقوية الاقتصاد والسوق والتعليم والحياة الاجتماعية والثقافية الفلسطينية.

يتم تنظيم العديد من جلسات العصف الذهني، وتقييم واقع ريادة الأعمال، ومصادر التمويل، والاستثمار، ونقاش عالم الستارب أب المحلي والإقليمي والعالمي، وبناء الشركات الناشئة، وتنظيم الفعاليات والمؤتمرات المختلفة وغيرها. وفي هذه اللقاءات يمكن أن تشعر بأن هناك خلل بنيوي ونفسي مخفي، وكأن هناك يد خفية تريد أن تفتح الباب لذلك الفيروس الفتاك حتى ينشر الخراب ويشوه ما هو جميل، وهذا ما لا نريده، لا كفاعلين في القطاع، ولا كشباب ريادي طموح يتلمس طريق الحياة والازدهار.

إذن، ما هو هذا الشيء المخفي وراء كل هذه الفعاليات واللقاءات والمؤتمرات والمجاملات بغض النظر عن تلك المعيقات التي ندركها كلنا. هي العوامل النفسية والسلوكية التالية:

  1. ثقافة التخريب: انتشرت على مدار عقود ثقافة "التخريب" وتشويه عمل الآخر في فلسطين وفي معظم الحقول الفلسطينية المهنية والأكاديمية وغيرها، نتيجة غياب منظومة قيمية عليا توجه حياتنا نحو الأفضل، وهذا قد ينتقل إلى بيئة ريادة الأعمال، وهذا تحديداً ما لا نريده أن يحدث، بل يجب أن نحاربه ونوقفه مباشرة.
  1. المحسوبية والشللية: سمعتها كثيراً من رياديات ورياديين عبروا عن غضبهم من وجود تمويل هنا وهناك، إلا أنه يذهب لنفس الأشخاص. أعلم أن هذه النقطة تحتاج لنقاش، لكن على الأقل دور "الفاعلين Enablers " هو الاستماع والتقييم واحتواء الرياديين وبناء منظومة يسودها العدل والوضوح.
  1. الكولسات: لا يمكن أن ترغم الناس على العمل معاً "حبوا بعضكم والحياة حلوة"، وخصوصاً في بيئة إبداعية لا تحتمل التقليدية في العمل. ولكن على أقل تقدير، يجب أن يفكر الفاعلون “Enablers في هذا القطاع بأن يكونوا النموذج الإيجابي للشباب الريادي، وليس العكس، وأن ينشروا رؤيا وقيم عليا تلهم الشباب وتصبح نموذجاً إيجابياً على أقل تقدير. هم يصبحون النموذج الملهم للشباب.
  1. الغيرة والحقد: نحتاج إلى حماية هذا القطاع من انتشار "فايروس الفوضى" بسبب انتشار سلوكيات نفسية كالحقد والغيرة التي تسبب بتدمير صاحبها، والناس والشباب وقطاع واعد. وهذا ما حدث في معظم القطاعات الأخرى. من الضروري اليوم، أن يدرك الإنسان العامل في هذه البيئة طبيعة شخصيته، وأن يسعى للتطوير من جودة خدماته بدلاً من تحطيم غيره. وإلا سيكون الاحتلال هو الفائز الأول بسبب انتشار هذا الفايروس.
  1. غياب قيم عليا: نخاف على هذا القطاع بأن يأخذه "المال" و "الطبيعة الأنانية البشرية" نحو اتجاهات لا تحمل رؤيا واضحة أو معايير وأخلاق العمل النظيف، وليس هدفها فلسطين ومساعدة الشباب الفلسطيني، وإلى مرحلة تحليل الواقع تحليلاً بعيداً عن فهم احتياج حقيقي نابع من جذور الحياة الوطنية الفلسطينية اليومية، وليس العمل حسب هدف "التمويل والممول المحلي والدولي"، حتى أننا نقلق على هذا القطاع بعد مرور ١٠ سنوات من اليوم، بأن يساهم بنشر الإحباط والفجوة بدلاً من تقليصها. لذلك، نحتاج للقيم والرؤيا.

أيها الفاعلون في قطاع الريادة والأعمال الفلسطيني: حان الوقت بأن نبني قيم عليا وإيجابية ونماذج سليمة في هذا القطاع الواسع حتى نصبح مصدراً ملهماً للرياديات والرياديين، فإنه يتسع للجميع.

وإلى الشباب الريادي، أنتم من يجب أن يقود هذه السفينة نحو البر والنمو والنجاح حتى يصبح قطاع الريادة والأعمال الفلسطينية قطاعاً رائداً عالمياً ونموذجاً بالمثابرة والقيم العليا والمهنية.

 

 

 

 

 

كلمات مفتاحية::
هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟