15 ألف رأس من الماشية هو الفائض في العرض.. ومع ذلك "الأسعار في العلالي"
حمزة خليفة_ بوابة اقتصاد فلسطين: ما إن اقترب موعد عيد الأضحى المبارك حتى شهدت الأسواق الفلسطينية ارتفاعاً هائلا على أسعار المنتجات والسلع الاستهلاكية، كون هذا المواسم يحمل طابعاً استهلاكياً مختلفاً عن بقية العام، وارتفاعاً للطلب على سلع محددة.
أسعار المواشي من بين الأسعار التي شهدت ارتفاعا كبيرا، حيث تخطى متوسط سعر الأضحية حاجز 600 دولار، وهذا يفوق القدرة الشرائية لشريحة كبيرة من الفلسطينيين.
"ارتفاع غير مسبوق"
يرى الناطق باسم جمعية حماية المستهلك محمد شاهين، أن أسعار المواشي واللحوم مرتفعة بشكل عام، حتى خارج أوقات المواسم، كما تشهد الأسواق الفلسطينية في كل عام -وخصوصاً في هذه المواسم- ارتفاعات غير عادية في أسعار الأضاحي.
خلال هذا العام وصلت الأسعار لأرقام خيالية، حيث تجاوز متوسط سعر الأضحية حاجز 600 دولار، فقد وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الأضاحي المحلية هذه الأيام إلى 38 شيقلاً أي ما يعادل 12 دولاراً أمريكياً تقريباً، بارتفاع قدره دولارين عن أسعار العام الماضي.
وتابع: "إذا ما ربطنا ذلك بالحد الأدنى للأجور في فلسطين الذي ما زال عند 1450 شيقل أي ما يعادل 450 دولار، فإنه يعني أن طبقة كبيرة من الفلسطينيين لا تستطيع شراء أضحية بدخل الشهر كاملاً".
90% من حاجة السوق تنتج محلياً
أكد الوكيل المساعد في وزارة الزراعة طارق أبو لبن" أن نسبة الإنتاج المحلي من المواشي في فلسطين تبلغ قرابة 90% من حجم احتياج السوق في المحافظات الشمالية، وبنسبة 100% في المحافظات الجنوبية.
وبالرغم مما هو متوفر محلياً، إلا أن الوزارة شجعت التجار باستيراد كميات مواشٍ إضافية من الخارج، ليفوق العرض حاجز 100%، فحتى الآن تم إدخال قرابة 30 ألف رأس من الأغنام المستوردة من دول أوروبية، ما أنتج فائضاً في العرض يصل إلى حوالي 15 ألف رأس من الماشية.
وأشار إلى أن الوزارة لا تهدف إلى توفير السعر المتدني، إنما تحقيق أسعار عادلة، تمكن المزارع من تحقيق أرباح معقولة لضمان استمرار عملية الإنتاج، وهذا ما يمنع الوزارة من رفع نسبة الاستيراد للحفاظ على الأسعار من التدني، ما قد يلحق الخسارة بالمزارع الفلسطيني.
وجاء رد الناطق باسم جمعية حماية المستهلك: "تصريحات وزارة الزراعة حول نسبة الإنتاج المحلي ونسب الاستيراد، من المفترض أن تؤدي لخفض الأسعار، وهذا غير حاصل".
أسباب الارتفاع غير منطقية...
أوضح أبو لبن أن الأسعار الحالية تأتي نتيجة موازنة العرض والطلب، حيث تشهد الأسواق في هذه المواسم ارتفاعاً في الطلب بشكل كبير.
وأرجع أسباب ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج داخل المزرعة، وبشكل خاص ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً بفعل جائحة كورونا، وتوقف الكثير من الدول عن وضع قيود على تصدير الأعلاف، بالإضافة إلى القيود التي وضعت على حركة النقل البحري، وهو ما رفع من تكلفة الاستيراد والنقل، حيث ارتفعت أسعار الأعلاف بنسبة 25-30%.
لكن شاهين يعتقد أن الأسباب التي تتحدث عنها الوزارة من ارتفاع أسعار الأعلاف والنقل عالمياً ليست مقنعة، ولا تبرر هذا الارتفاع بأي حال من الأحوال، وإذا كان هناك تبرير مقنع ليعرض بالأرقام والمعطيات.
وتابع: "أنا متأكد أنه لن يجرؤ أحد على كشف هذه الأرقام، لأنها ستكشف زيف هذه المبررات، ولن تظهر سوى تغول كبار التجار والمستوردين على السوق، بهم يحققون أرباحاً فلكية، ولا يوجد رقابة ولا حساب".
الأسعار ستنخفض!
توقع أبو لبن تراجعاً في أسعار الأضاحي خلال الأيام القليلة المقبلة وقبل موعد عيد الأضحى، لأسباب الإحجام عن الطلب مقارنة مع وفرة كبيرة من المواشي في السوق، لكن الأسعار ستبقى في حدود أسعار العام الماضي، وبالتالي فإنها تكون عادلة لشقي المعادلة، المزارع والتاجر من جهة، والمستهلك من جهة أخرى.
وحسب مراقبة الوزارة للسوق الفلسطيني، يلاحظ وجود حالة من الكساد، بفعل الإحجام عن الطلب مقارنة بالأعوام السابقة، بالرغم من أن الأسعار "أعلى بقليل فقط" من أسعار العام الفائت.
ورداً على توقعات وزارة الزراعة بانخفاض أسعار الأضاحي في الأيام المقبلة، قال شاهين إن هذا الارتفاع ليس جديدا، بل يحدث دائماً وهناك تاريخ طويل له، ومن الواضح أنه لا يوجد تخفيض حقيقي على الأسعار، وحديث الوزارة عن ذلك ليس واقعياً ولن يحدث.
وأضاف: "في كل عام تبدأ الارتفاعات قبيل حلول العيد، وتستمر خلال فترة العيد، وبعد العيد قد تتراجع الأسعار بسبب انخفاض الطلب إلى أدنى مستوياته".
من يتحكم بالأسعار؟
أكد أبو لبن على أن الوزارة لا تتدخل في وضع أو تحديد الأسعار، لأن الأسعار لم تصل إلى حد التغول، وبالرغم من أن القانون أتاح لوزير الاقتصاد الوطني بتحديد سقوف سعرية، لكن ما زال هامش الأسعار لم يدخل في تعريف التغول في الأسعار، وهو ما لا يستدعي التدخل.
وبالنسبة لجمعية حماية المستهلك تكمن الإشكالية الأكبر في هذه القضية فيما أسمته بتقصير وزارة الاقتصاد الوطني في دورها المتمثل بتحديد سقوف سعرية للتجار، ومحاسبة المتجاوزين لهذه السقوف.
ويعتقد شاهين أن ثمة تغول في السوق الفلسطيني من قبل التجار، فكل أسواق العالم يحكمها قانون واحد هو قانون العرض والطلب، لكن هذا القانون لا ينطبق على السوق الفلسطينية، بسبب غياب الرقابة والمحاسبة وتطبيق القوانين عن السوق، وبالتحديد سوق المواشي واللحوم هو سوق "منفلت"، وكبار التجار يتغولون ويتحكمون بالسوق ويحددون الأسعار، وكل ذلك على حساب المزارع والمستهلك.
ويرى أن هذا الموضوع قديم وما زال مستمراً حتى الآن، حيث طالب بفرض الرقابة على الأسواق والأسعار بشكل حثيث ودوري، وفرض سقوف سعرية ملزمة، مع ضرورة وجود محاسبة قانونية للتجار، من خلال وجود محكمة جرائم اقتصادية، وهو ما ننادي به منذ زمن بعيد، أسوة بمحكمة التهرب الضريبي وغيره، فوجود هذه المحكمة سيعمل على حماية المستهلك وهي أولى من كل شيء.