التسهيلات.. تحقيق المصالح على حساب الفلسطينيين
يتضح من "التسهيلات" الإسرائيلية الأخيرة المعلن عنها، التي تسمح للفلسطينيين بالدخول إلى إسرائيل لا سيما للعمل، أن الأخيرة تسعى إلى تحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية، داخليا وخارجيا، على حساب الفلسطينيين. فما هذه المصالح؟
رام الله- بوابة اقتصاد فلسطين| حسناء الرنتيسي- سمح "التسهيلات" الإسرائيلية للرجال فوق سن 55 والنساء فوق سن الخمسين بدخول إسرائيل بدون تصاريح في حين تمنح تصاريح عمل لعمال متزوجين تتجاوز أعمارهم 22 عاما.
اقتصاديا، يقول د. عزيز حيدر- أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة القدس، إن إسرائيل تفضل الأيدي العاملة الفلسطينية رغم ارتفاع أجورها بسبب إنتاجيتها المرتفعة وإتقانها للعمل مقارنة بالأفارقة. وأضاف أن إسرائيل تتحمل مزيدا من المصاريف لقاء جلب "الأفارقة" مثل الفيزا والإقامة ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التي تحدث لعدم مغادرتهم إسرائيل.
وتقول الأمم المتحدة إن هناك نحو 53 ألف لاجئ وطالب لجوء في إسرائيل، وجاء معظمهم عبر الحدود مع مصر. وبينهم نحو 36 ألفا قدموا من إريتريا بينما جاء 14 ألفا منهم من السودان.
ويضيف أستاذ الدراسات الإسرائيلية لـبوابة اقتصاد فلسطين، العمال الأجانب يقومون بتحويل الأموال التي يحصلون عليها الى أسرهم بينما يصرف العمال الفلسطينيون جزءا كبيرا من أموالهم في اسرائيل من خلال السياحة والمصاريف اليومية الأخرى وشراء المنتجات الإسرائيلية سواء في الضفة أو إسرائيل.
بدوره، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أنس أبو عرقوب، إن الهدف من القرار يتمثل بجني أرباح اقتصادية كبرى من خلال تعويض خسائر بعض القطاعات في إسرائيل كالسياحي، مثلا، الذي تضرر جراء العدوان الأخير على قطاع غزة.
وعن تصاريح العمل، قال لـ بوابة اقتصاد فلسطين إنها ستؤدي إلى خفض أسعار الشقق في إسرائيل بهدف تعويض النقص في عدد العمال في قطاع البناء، إضافة إلى إنعاش القطاع الزراعي الإسرائيلي الذي يفضل العمال الفلسطينيين لأنهم أيدي عمل رخيصة وإلى إنعاش القطاع السياحي الذي تضرر جراء العدوان الأخير على قطاع غزة.
وأضاف، أبو عرقوب، ان كل ذلك في النهاية يؤدي إلى مضاعفة الاحتياطي الإسرائيلي من الدولار ما يعزز الاقتصاد الإسرائيلي في النهاية.
5 ملايين شيقل
ومتوسط صرف العامل الفلسطيني في إسرائيل على المواصلات والغذاء حوالي 50 شيقل، بحسب عبد الكريم مرداوي مسؤول ملف التأمين في وزارة العمل.
وأضاف: هناك نحو 100 ألف عامل في إسرائيل ما يعني أن مجموع من ينفقه العمال يصل إلى 5 ملايين شيقل يوميا مشيرا إلى أن الرقم كبير.
بينما قال د. حيدر إن الرقم أعلى من 5 مليون شيقل باليوم "عندما أذهب للسوبر ماركت في القدس، أرى ما يشتريه العمال الفلسطينيون، وتكون المبالغ كبيرة. أَضف الى ذلك أنه لو كان هناك 50% من العمال يحضرون طعامهم معهم، فستكلفهم المواصلات كثيرا".
واستطلعت بوابة اقتصاد فلسطين آراء عدد من العمال حول ما يصرفه العامل الفلسطيني في إسرائيل، كانت الأرقام حسب هؤلاء العمال بمعدل 50-100.
وقال المقاول فراس من غرب رام الله " أقل معدل يصرفه العامل يترواح في حدود50-60 في حال أحضر غذاءه معه. موضحا أن المواصلات في إسرائيل مرتفعة، وهناك عمال يكلفهم الوصول لعملهم أكثر من 150 شيقل".
أهداف "خبيثة"
سياسيا، تحاول الحكومة الإسرائيلية الجديدة العمل على تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي لإظهار نفسها وكأنها حكومة معتدلة رغم أن جوهرها يميني متطرف، يقول أبو عرقوب.
من جانبه، يرى د. حيدر، أنه يمكن استخلاص ثلاثة أهداف "خبيثة" من هذه "التسهيلات"، الأولى تتعلق بتخفيف الضغط الدولي على إسرائيل حتى تكتمل خطة نتنياهو في التسلط على الضفة الغربية، وبهذه الطريقة يستمر الاستيطان بالضفة وتهويد القدس. وثانيها يتعلق بالسيطرة على مناطق ج. والثالث هدفه الالتفاف على المقاطعة الفلسطينية للاقتصاد الاسرئيلي "عندما تمنح إسرائيل التصاريح سيدخل الفلسطينيون إلى الداخل وسيشترون البضائع الإسرائيلية".
إضافة إلى ذلك، تهدف اسرائيل من خلال هذه التسهيلات إلى تحقيق مصلحتها في الحصول على أيدي عاملة رخيصة وتمتاز بالجودة العالية، لحل مشكلة الشقق السكنية للأزواج الشابة.
وأوضح: بدخول الأيدي العاملة الفلسطينية يعني أن التكاليف على تل أبيب ستقل نظرا لأن مصاريف العمال الأجانب مرتفعة ولأن غالبية أموالهم تذهب إلى خارج اسرائيل.
الجدير بالذكر، أن ارتفاع أجر العامل الفلسطيني لا يعني أنه يتقاضى أجرا مرتفعا. ورصدت إحصاءات بنك إسرائيل المركزي فجوات هائلة في مستويات الأجور التي يحصل عليها العامل الفلسطيني مقابل الإسرائيلي.
وبحسب التقرير، يبلغ متوسط أجور العاملين الفلسطينيين الذين لديهم تصاريح عمل داخل إسرائيل قرابة 186 شيكلا يومياً مقارنة مع 160 شيكلا للعمال الذين لا يحملون تصريح عمل.
ويضطر الفلسطينون للعمل في إسرائيل بسبب ارتفاع نسبة البطالة بالضفة وانخفاض أجر العامل. وأظهرت أحدث الاحصاءات أن هناك 338 ألف عاطل عن العمل في الاراضي الفلسطينية وأن ثلث العاملين في القطاع الخاص لا يتقاضون الحد الادنى للاجور المقرر بـ 1450 شيقلا في وقت حدد خط الفقر بواقع 2300.