نحو 40% نسبة التهرب الضريبي في فلسطين .. والأسباب متعددة
رام الله- ملاك الأحمد- بوابة اقتصاد فلسطين
قال خبراء إن نسبة التهرب الضريبي في فلسطين تصل إلى 40 بالمئة من اجمالي قيمة الضرائب، فيما رأى تجار إن أسباب التهرب تعود إلى ارتفاع معدل الضرائب في فلسطين والقانون غير الصارم.
وأمام ارتفاع الدين العام المستحق على الحكومة وزيادة النفقات وانخفاض الدعم الخارجي نتساءل كيف يمكن معالجة التهرب الضريبي؟
تاجر يتحدث عن أسباب التهرب
قال التاجر (أ.م) من مدينة رام الله إن معدل الضرائب مرتفع ويشكل عبئ على التجار، كما أن نظام العقوبات المقترن بالتهرب الضريبي غير مشدد وصارم وهناك عجز ضمن المؤسسات في فرض سيادتها "أي يوجد أعداد كبيرة من المكلفين والمنشآت لم ينتسبوا إلى الجهات الرسمية بفتح ملف ضريبي، وهذا يشكل انعدام بالعدالة الضريبية لان وزارة المالية تعامل من هم متهربين وملتزمين على حد سواء".
وأضاف(أ.م) أن التجار يقوموا على كتابة مضمون الإرسالية بفواتير دقيقة ورسمية لتقديمها لضابطة الجمركية في حال تعرضهم لمسائلة "لكن تبدأ قضية التهرب الضريبي عند تسليم البضاعة إلى أصحاب المحلات التجارية وإتمام عملية البيع دون وجود فواتير تقيد كافة المعلومات الرسمية التي تضمن حقوق كافة الأطراف". وبإضافة إلى ذلك " يتلاعب التجار بشكل جزئي بكتابة مضمون الفاتورة أي يقوموا على كتابة أرقام وهمية ومنخفضة جداً مقابل الأعداد الحقيقية للمبيعات".
أشار (أ.م) أن التاجر الفلسطيني يلجئ إلى استيراد المنتجات الإسرائيلية بواسطة التهريب بسبب تدني أسعارها مقارنة بالمنتجات الفلسطينية وكذلك آلية التعامل التي تفرضها شركات الإنتاج المحلية سواء أكان عن طريق احتقار المنتجات والرفع الدائم للأسعار التي يصعب على المواطن شرائها .
ما تبعية الإيرادات المنخفضة ؟
قال مدير السياسات والتخطيط رشاد يوسف في وزارة الاقتصاد إن نسبة التهرب الضريبي بشكل عام في فلسطين تصل إلى نسبة 35% وضريبة الدخل بشكل خاص في المؤسسات التي لا تقدم كشوف العاملين لديها تتراوح بين 50-60%، أي ما يقارب نصف مليار سنوياً.
وأشار أن التهرب الضريبي يؤثر على ايرادات الدولة والنمو الاقتصادي إضافة إلى ارتفاع معدل البطالة.
وأوضح يوسف أن على الحكومة العمل على توسيع الإناء الضريبي -أي الجزء الأساسي من المنشآت والمؤسسات التي تعمل على ارض الواقع ولم تقوم بفتح ملفات ضريبة.
ورأى أنه يجب على الحكومة نقل المنشآت من الصورة غير المنظمة إلى القانونية بالتركيز على ربط البيانات ما بين مؤسسة الاقتصاد والمالية والبلديات.
وأشار إلى ضرورة اصلاح الخلل في البنية التحتية من الخدمات الإلكترونية والشبكات إضافة إلى إعادة تدريب وتأهيل الطاقم المتخصص في وزارة المالية لإصلاح والمساعدة بالتقليل من التهرب الضريبي .
وأوضح يوسف أن إيرادات الحكومة تأتي على شكلين إما عبر الجباية المحلية أو فواتير المقاصة، وحسب إحصاءات 2020كان إجمال الإيرادات المحلية ما يقارب 3.6مليار منها 1.2جباية محلية و2.4 إيرادات مقاصة.
ورأى أن المستفيد من التهرب إسرائيل "تساعد عملية التهريب من الحدود المفتوحة والداخل المحتل وعدم فتح ملف ضريبي من قبل المنشآت غير المنظمة والمرخصة في الجهات الحكومية التي تصل نسبتها إلى ما يقارب 50ألف منشأة من أصل 150 ألف منشأة عاملة في فلسطين إلى زيادة اقتصاد وميزانية إسرائيل".
توسيع القاعدة الضريبية
صرح الباحث الرئيسي لمعهد "ماس" رابح مرار أن نسبة التهرب الضريبي تصل إلى 35-40% عند وصلها بقضية الضريبة المباشرة والقطاع غير المنظم.
أضاف مرار يقول يمكن توفير إرادات إضافية من خلال النظر بقضية الضريبة الثابتة التي تمنح للشركات التي تقدر بـ 15% موضحا أن الدولة تستطيع استبدالها بضريبة تصاعدية وفق الأرباح وحجم الشركة.
وبإضافة إلى ذلك قانون تشجيع الاستثمار والإعفاء الضريبي لشركات الكبيرة حيث يقارب 600 شركة تحصل على إعفاء ضريبي يصل إلى 5-20 سنة.
وأشار مرار إلى عدم وجود قانون رادع "عند تحويل التاجر إلى القضاء أو لوزارة المالية بشكل خاص تصبح المخالصة على قيمة الغرامة أو المخالفة وليس على التهرب الضريبي. كما أن عدم وجود قانون رادع وطاقم مدرب ومحاكم مختصة بالجانب الاقتصادي شكل عامل مهم لدي المكلفين لتهرب من دفع الضرائب".
وأشار مرار إلى أن الحكومة تعمل على تعويض النقص في الخزينة العمومية أو عجز الدولة عن طريق توسيع القاعدة الضريبية والحصول على مساعدات خارجية من الدول العربية والمؤسسات المانحة وكذلك قروض عبر البنوك.
كما أوصى بأهمية تقديم الخدمات المفيدة والمساعدة في تيسير حياه المواطن من اجل أشعاره بأهمية دفع الضرائب بشكل دوري ورسمي .
المستفيد اسرائيل
أكد المحلل الاقتصادي سمير عبد الله أن المستفيد الأول من قضية التهرب الضريبي هي إسرائيل وليس الحكومة والتاجر الفلسطيني حيث يتم نقل الثروة الاقتصادية الفلسطينية إلى الاقتصاد الإسرائيلي وهذا الأمر يجعل من قدرة السلطة الفلسطينية ضعيفة بتقديم الخدمات العامة.
وقال عبد الله إن الضرائب التي تجمع في القطاع الخاص لا تتعدى نسبة 3-4% من إيرادات الضرائب الفلسطينية ويعود السبب لانخفاض النسبة هي قضية التهرب الضريبي وانعكاساتها على ضريبة القيمة المضافة التي تشكل نسبة 16-17% أي ما يقارب 10% من حصيلة الجمارك على المواطن الفلسطيني.
وأشار عبد الله هناك تقصير من قبل الجهات الرسمية داخل وزارة المالية من جانب بناء الثقة واعتمادها منذ البداية على العلاقة عدائية وأسس الجناية التقليدية مع المكلفين "أي التعامل بأنهم متهمين ومتهربين بالاتهامات والشكوك، وهذا الفعل يجب أن لا يصرح به إلا بعد التحقق عن طريق التدقيق بالعينة المخالفة والتأكد من ملفاتهم وليس اتهام التجار كافة بالتهريب".
القانون والعقوبات
أكد المستشار القانوني مجد أحمد على أن "القانون الفلسطيني لم يحدد تعريفاً صريحا لقضية التهرب الضريبي إنما هناك بنود وفق موجب مادة 37 بقانون رقم 8 لسنة 2011م بشأن ضريبة الدخل تأتي في سياق تماثلي لأشكال التهرب وتُعرف بتقديم الإقرار الضريبي السنوي استناداً لدفاتر أو سجلات أو حسابات ومستندات مصطنعة مع تضمينه بيانات تخالف ما هو مثبت بها وبإضافة إلى ذلك تقديم إقرار ضريبي غير صحيح وذلك بإغفال أو إنقاص أو حذف أي دخل أو أي جزء منه".
اشار أحمد إلى العقبات بهذا الشأن "تقديم إقرار ضريبي سنوي على أساس عدم وجود دفاتر أو سجلات مع تضمينه بيانات تخالف ما هو مثبت لديه في دفاتر وأخفاها عن موظف الضريبة يترتب علية عقوبة تقدر بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن 1000 شيكل ولا تزيد عن 10000 شيكل أو بكلى العقوبتين معاً".
كما أشار إلى ما يتضمنه قانون حماية المستهلك وفق صريح المادة 27 من قانون حماية المستهلك رقم 21 لسنة 2005م "على كل من امتنع عن وضع قوائم أسعار السلع أو الخدمات في أماكن ظاهرة أو من لا يمنح المواطن فاتورة شاملة لضريبة القيمة المضافة أو يخالف التسعيرة المعلنة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 500 دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً أو بكلتا العقوبتين وبإضافة إلى ذلك كل من صرف سلع تموينية أدخلت للبلد بطرق غير شرعية، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 3 سنوات أو بغرامة لا تتجاوز 3000 دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا، أو بكلتا العقوبتين".