الرئيسية » الاخبار الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
18 نيسان 2021

برامج التمكين الاقتصادي في فلسطين تفتقر للفاعلية لفشلها في خفض البطالة والفقر

إخلاص طملية- بوابة اقتصاد فلسطين 

خلال الأعوام العشرة الماضية اتخذت مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين من التمكين الاقتصادي ملجأ للتخفيف من نسب البطالة والفقر المتزايد، فأطلقت عدة برامج وحاضنات ريادية وابتكارية تهدف جميعها إلى نقل الفئات المهمشة من دائرة العوز إلى دائرة الإنتاج، إلا أن الأثر المتحقق من هذه البرامج على مستويات الفقر والبطالة لا يرقى الى المستوى المطلوب، على الرغم من أن العديد من هذه البرامج تم تمويله بدعم من مؤسسات دولية تعتمد منهجيات التنمية الحديثة، والتحليلات الشاملة، والتقييمات المستمرة، وتشير الاحصاءات الى أن  نسـبة الفقـر في دولـة فلسـطين في عـام 2017 وفقـاً لأنمـاط الاسـتهلاك الشـهري بلغت 29.2% بواقــع 17.3% في الضفة الغربية و53% في قطــاع غــزة. وهــذه النســبة أعــلى منهــا في عــام2011 حيـث كانـت 25.7%.

وباستثناء  فـرص العمـل التـي يذهـب إليهـا العمـال الفلسـطينيون مكرهيـن داخـل الخـط الأخضـر، سـترتفع نسـبة البطالـة فـي الضفـة الغربيـة إلـى نحـو 40% بمـا يعـادل نسـبة البطالـة فـي قطـاع غـزة تقريبـاً. وبحسـب البنـك الدولـي، فـإن معـدلات البطالـة فـي قطـاع غـزة تعتبـر الأعلـى عالمياً، وارتفعـت معـدلات البطالـة بيـن فئـة الشـباب والخريجيـن فـي قطـاع غـزة لتتجـاوز 50%.

المستشار في مشاريع التمكين الاقتصادي معاذ موقدي وضح العلاقة بين المشاريع التنموية والفقر بقوله " من المؤكد أن برامج التمكين الاقتصادي تقلل من نسب  الفقر، وهي تجربة  مطبقة في العديد من دول العالم مثل سنغافورة والصين حيث يتم الاهتمام بالمشاريع الصغيرة، الكل يؤمن بهذا النهج التنموي لكن للأسف في فلسطين هناك خلل كبير وفجوة واضحة في الفهم العام والتطبيق لمشروع التمكين الاقتصادي والمشاريع متناهية الصغر"

وعن مواطن الخلل في العمل بمشاريع التمكين الاقتصادي يقول موقدي " قلة الخبرة والمعرفة والدراية لدى القائمين على تنفيذ المشاريع، حيث ينظر لبرامج التمكين الاقتصادي كمشاريع مقاولة تهتم المؤسسة بنسبتها من تنفيذ البرنامج وبغض النظر عن الكلمات الرنانة التي تملأ خطابات المؤتمرات حول التمكين الاقتصادي إلا أن الاهتمام لا يكون على تحقيق نتائج تنموية ومستدامة"

وأضاف موقدي " كما يوجد خلل في البرنامج بحيث يكون مصمم خصيصا لعدم تحقيق نتائج اقتصادية، مثلا يتم دمج خطة تدريب وتوعية حول النوع الاجتماعي داخل برنامج التنمية الاقتصادية، ويستهلك من حجم الموازنة المرصودة أكبر من التدريب على ادارة  المشروع والتسويق ومحاسبة المشروع، بالإضافة إلى توجه بعض المؤسسات لصرف ميزانية المشروع على الفنادق، والوجبات وغيرها من النثريات، ويختزل المساهمة في دعم المشاريع الاقتصادية بنسبة لا تتجاوز 20% من قيمة البرنامج ، كما ان المشاريع التي يتم دعمها ينجح منها أعداد قليله لا تتجاوز ال 5% ، وكذلك نجد أن العاملين في المؤسسات ليسوا خبراء بالتمكين الاقتصادي سواء من آلية اختيار المنتسبين او آلية اختيار المشاريع والأفكار الاقتصادية، حيث يتم الاختيار بطريقة ارتجالية تغلب عليها العاطفة، ويغفل عن الكثير من الاعتبارات الفنية والمالية والإدارية والشخصية وأهمها التسويقية، وأخيرا قيمة المنحة المقدمة التي بالعادة تكون مبالغ قليلة جدا نسبة للمبلغ المطلوب لانجاح المشروع، وبالتالي ينتج لدينا مشروع الربح الشهري منه أقل من الحد الأدنى للأجور وهذا لا يعتبر تمكين اقتصادي"

وحول أوجه القصور في التقييم والمتابعة قال موقدي" يجب أن نركز على أمرين الأفراد الذين يلجأوا لطلب التمويل للمشاريع بالعادة يعانون أساسا من مشاكل مادية والتي تنعكس على الحالة النفسية والصحية والشخصية وبالتالي يجب أن تصمم برامج التمكين الاقتصادي لتوفير الدعم لهؤلاء الأفراد بالإضافة للتوجية الاقتصادي وخصوصا بعد المشروع، ويجب أن يستمر مواكبة المشروع بعد تنفيذه وتوفير الدعم والارشاد والتوجيه لمثل هذه المشاريع  لمدة سنة على الأقل،  والتي هي بأهمية منح الآلات والأصول الانتاجية  لطالب المنحة، وبالتالي يجب أن تصل المؤسسات لمرحلة الاحتضان للمشروع أو الفكرة الريادية حتى تؤتي ثمارها ويمكن الاستفادة من التجربة السنغافورية أو الكورية أو اليايانبة في تنفيذ المشاريع متناهية الصغر"

وفي لقاء خاص مع الخبير الاقتصادي ثابت أبو الروس وضح أهم العناصر لنجاح المشاريع الصغيرة بقوله "الهدف الأساسي هو تمكين العائلات الفقيرة اقتصاديا وتحويلها لعائلات منتجة بدل بقائها مستهلكة، ومن أهم عناصر النجاح لمشاريع التمكين الاقتصادي أولا السياسات والتشريعات الحكومية يجب ان تكون داعمة للمشاريع الصغيرة  حيث تعتبر الحكومة  الجهة الحاضنة للمشاريع الصغيرة، وأيضا الوزارات المختصة وأهمها وزارة التنمية الإجتماعية، ثانياً التناغم بين القطاع الخاص وأصحاب المشاريع الصغيرة، وان يكون هناك تكاملية في الانتاج بين الطرفين، ثالثا تسهيل الاجراءات المتبعة والمطبقة لدى جهات التمويل والبنوك وذلك بتسهيل اجراءات التسديد ومنح فترة سماح في بداية المشروع، رابعا الشخص متلقي التمويل يجب أن يكون  لديه الدراية الكافية بإدارة المشروع ماليا وتسويقيا وان يكون على اطلاع بالاسعار المقدمة للزبائن"

كما وضح أبو الروس أسباب انخفاض فعالية برامج التمكين الاقتصادي " المشاريع الاقتصادية تفتقر الفاعلية على الاقتصاد الفلسطيني بسبب التكرار في المشاريع وبالتالي يضعف المنافسة السعرية للمنتجات، أيضا عدم توفر الإرادة والتصميم على النجاح لدى متلقي التمويل، ولا يوجد لدية القدرة على الانتظار لتحقيق الربح من المشروع، وكذلك الثقافة الاجتماعية المحبطة من الأشخاص المحيطين لمتلقي المشروع، وذوبان متلقي التمويل الرياديين في القطاع الخاص، وبالتالي تركيزهم على الربح المادي وبالتالي لا  يعكسون الابتكار والريادة على المشاريع  التنموية في التمكين الاقتصادي"

وأضاف أبو الروس " ان افضل طريقة للمتابعة والتقييم هي المتابعة الذاتية للمشروع حتى يتحقق ضمان نجاح المشروع، فإذا وضع متلقي التمويل نصب عينيه نجاح المشروع وتحقيق نتائج محددة فهذا أهم شيء لتحقيق استدامة المشروع، وهذا لا يقلل من أهمية وجود  متابعة خارجية، ولكن المتابعة الذاتية هي الأهم لاستدامة وتطوير المشروع"