في نهاية الأمر ستتعب أوروبا من استبدال حفاظات إسرائيل
يربط "عكيبا الدار" أزمة اليونان بالوضع السياسي والاقتصادي في إسرائيل في مقال ترجمه موقع أمد عن هآرتس. ينتقد فيه الكاتب لجوء نتياهو إلى السياسة الشعبوية، وهي السياسة التي جرت اليونان إلى حافة الهاوية حسب رأي الكاتب.
يونانيون يصطفون أمام أحد البنوك المغلقة الاسبوع الماضي
طالما كانت اليونان تواجه أزمة، فانه يمكن المعرفة بأنه لن يمضي الكثير من الوقت حتى يبدأ رئيس الحكومة الإسرائيلية بترديد عبارة "لو لجأت الى انتهاج سياسة شعبوية، لكنا تماما في وضع يشبه اليونان". واذا وضعنا جانبا الأبعاد الاجتماعية لسياسته الاقتصادية فانه سيكون لدى نتنياهو ما يفاخر فيه.
لا شك أان وضعنا الاقتصادي أفضل بكثير من اليونان. لا حاجة إلى تخوف الإسرائيليين من إعلان دولتهم كدولة تعجز عن تسديد الديون. بنك إسرائيل لا يواجه خطر الإفلاس، والمستثمرين من العالم يرغبون بعقد صفقات معنا. وكل هذا ما كان سيحدث لو كان وزير المالية، ومن ثم رئيس الحكومة، نتنياهو، قد انتهج "سياسة شعبوية". ويعتبر هذا التحليل صحيحا في كل ما يتعلق بالمجال الاقتصادي. لكن الاتجاه الذي أسماه بيل كلينتون "هذا اقتصاد أيها الاحمق"، ليس على صلة بالحالة الإسرائيلية.
كم هو عدد القادة في العالم الذين هم على استعداد لفتح خط ائتمان لإسرائيل مقابل توقيع رئيس مجلس الوزراء على اخلاء أراض في الضفة الغربية - ليس كل الأراضي، فقط نصف الضفة الغربية بالإضافة إلى hثنين من الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية؟ ألم تتخلف إسرائيل عن تسديد الديون في كل ما يتعلق بالاتفاقات والتصريحات السياسية (أوسلو، خارطة الطريق، عملية انابوليس، خطاب بار إيلان)؟ وبدلا من إزالة العقبات التي تعترض المفاوضات، يطرح نتنياهو شرطا شعبويا واضحا - اعتراف الجانب الفلسطيني بالهوية اليهودية (ما الذي يعنيه هذا بالضبط؟) للجانب الإسرائيلي.
رجال اليمين، الذين بادروا إلى مشروع قانون الاستفتاء فيما يتعلق بتسليم الأراضي، سعوا إلى منع أي تسوية إقليمية مع جيراننا، تماما مثل اليساريين في اليونان الذين سعوا الى استفتاء لمنع تسوية اقتصادية مع جيرانهم. رائحة الشعوبية السيئة تنبعث من الاستطلاعين، فيما تأمل الحكومة أان تتمكن من حرف الرأي العام الى جانبها والدفاع عن مصالحها. وفي حالتنا، الدفاع عن الوضع الراهن.
نتنياهو يعتمد على أن أوروبا لن تزعجه في مواصلة إدارة الصراع حتى يقضي على حل الدولتين. في هذه الأثناء ينجح بإمساك الحبل الأوروبي من طرفيه. إسرائيل تنشر مناقصات جديدة للبناء في مستوطنات الضفة الغربية – وألمانيا تبيعها غواصة بسعر مخفض. الرئيس الفرنسي يحاول طبخ مبادرة سياسية جديدة – والمستشارة ميركل تطفئ النار. نفرض حصارا على 1.8 مليون غزي – والاتحاد الأوروبي يتأتئ بشيء عن وسم منتجات تصل من المستعمرات اليهودية. رئيس الحكومة يعلن أنه يجب عدم التعامل بجدية مع التزامات سابقه بدفع حل سياسي – وأوروبا تصاب بالصمم.
إن الدرس الذي يجب علينا استخلاصه من حالة اليونان هو أنه في أحد الأيام ستتعب أوروبا من تغيير الحفاظات لنا. حتى متى يمكننا الاعتماد على مشاعر الذنب الألمانية؟ لقد خرجت من محادثات مع مسؤولين كبار في برلين، بانطباع يقول إأن ميركل تؤمن بنية نتنياهو استبدال سياسة الاستيطان بالتخلي عن المناطق، كما تؤمن برغبة رئيس الحكومة اليونانية الكسيس تشيبراس باستبدال وجهات نظرة الاشتراكية بالطريقة الرأسمالية. كم هو عدد اليونانيين الذين شاهدوا الطوابير أمام البنوك؟ من منا كان يصدق ان دولة ذات تاريخ مجيد وغنية بالكنوز الثقافية ستتدهور امام اعيننا الى الحضيض؟