وادي فوكين: جنة فلسطينية يلتهمها الاستيطان
يرجح أن اسم قرية وادي فوكين، قرب بيت لحم، يعود إلى اللغة الكنعانية الآرامية وكلمة "فوك"، التي جُمعت بالعربية لتصبح "فوكين"، حرفت عن "سوك" بالتالي إن صح القول يكون معنى الاسم "وادي الشوك".
برك جمع المياه تشكل جزءا من نظام ري قديم في القرية ما زال يستعمل حتى اليوم
بيت لحم- بوابة اقتصاد فلسطين| أسماء مرزوق - على خلاف معنى اسمها، هي قرية وادعة تتشح بالخضار، تكسي سفوحها أشجار مشمش وتوت وعنب تحمل ثمارا مذاقها بعذوبة مياه ينابيع القرية السبعة. وتُعرف وادي فوكين ببرك جمع المياه المنتشرة بين بيوتها وحقولها، والتي تشكل جزءا من نظام ري قديم يضفي لمسة بديعة على المكان. لكن سحر المنطقة جعلها مطمعا للاستيطان منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي.
تحاذي قرية وادي فوكين "الخط الأخضر" الذي رُسم عام ١٩٤٩ ليفصل الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨ عن بقية البلاد. ورغم أنها خارج الخط ولم تخضع للاحتلال إلا أنها عانت منذ ذلك الحين من الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة. وفي ١٩٥٤ أُجبر معظم أهل القرية على الرحيل إلى مخيم الدهيشة وبعض القرى المحيطة.
يسيطر الاحتلال على ثلاثة أربعاء مساحة القرية
أهل "فوكين" انتزعوا العودة مبكرا
لم يستسلم أهل القرية ولم يسمحوا للاحتلال بنزعهم من أرضهم، فبقوا يزرعون الأرض ويحصدونها ويرعونها سرا رغم إقامتهم البعيدة عنها، إلى أن أستطاعوا العودة اليها بشكل كامل عام ١٩٧٢ نتيجة مفاوضات مع الاحتلال.
لم يترك الاحتلال أهل القرية يهنأون بها منذ ذلك الحين، فقد نهب أراضيهم بالتدريج حتى لم يُبقِ من مساحتها الكلية (12 ألف دونم) إلا الربع (3 الاف كيلو) كما أنه لا يسمح لأهل البلد بالبناء إلا على 200 دونم منها فقط، كونها مناطق (ب) في حين بقية مساحة القرية تعتبر مناطق (ج).
بيتار عيليت إحدى أكبر مستوطنات الضفة ويأهلها أكثر من 50 ألف مستوطن
مستنقع استيطان
تحاصر وادي فوكين أربع مستوطنات، من الشمال مستوطنة "بيتار عيليت" إحدى أكبر مستوطنات الضفة والتي تأوي أكثر من خمسين ألف مستوطن، فيما تكمل المستوطنات الثلاث (جفعوت، تسور هداسا، هدار بيتار) خناقها للقرية.
ناهيك عن المستوطنات، فإن ما يزيد الطين بلة، هو الجدار الذي التف حول القرية ليعزلها عن جوارها، والذي إذا ما اكتمل سينتزع 1700 دونم إضافية من القرية.
يقول رئيس المجلس القروي أحمد سكر :"إن المخطط الاستيطاني الجديد يستهدف مصادرة مئات الدونمات من أراضي وادي فوكين وإن خطورة هذه المخططات تكمن في مصادرة وإغلاق الشارع الرئيسي الوحيد الواصل الى القرية من الناحية الشمالية علما أن عديدا من اخطارات المصادرة يسلمها الجيش من وقت لاخر للأهالي الثابتين في أراضيهم".
ويشير سكر إلى أن أهالي القرية رفعوا العديد من القضايا لدى المحكمة العليا الإسرائيليّة لوقف قرارات مصادرة الأراضي إلا أنها لم تجدي نفعا.
تفجيرات ومياه عادمة!
ويضيف سكر، أن انتهاكات الاحتلال لم تقف على مصادرة الاراضي بل تمتد لسلوك المستوطنين، حيث يتم فتح المياه العادمة باتجاه الأراضي الزراعية للقرية، والتي تقع أسفل المستوطنة، ما يسبب دمارًا للمزروعات والتربة في تلك المنطقة. ويضيف أن هذا الأمر شوه سمعة مرزوعات وادي فوكين في السوق التي لطالما عُرفت بجودتها.
ويوضح: كما أن التفجيرات المصاحبة لحفريات البناء في المستوطنات تسببت بخسارة كبيرة في المياه الجوفية وجفاف عدد من عيون القرية وانخفاض إنتاجية بعضها وبالتالي أثرت سلبيا على الزراعة. وكذلك سببت التفجيرات أضرار كبيرة بالمباني المجاورة للمستوطنات جراء الاهتزازات منها مدرسة البلدة.