العسيلي خلال استعراضه حصاد العام: اقتصادنا مقاوم اعتاد الظروف الاستثنائية
حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
عام 2020 كان عاماً استثنائيا بكل المقاييس على الاقتصاد الفلسطيني، حيث تزامنت جائحة كورونا مع أزمة المقاصة خلال هذا العام، إضافة الى مشروع الضم وسواه..
يقول وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي خلال لقاء خاص ببوابة اقتصاد فلسطين حول حصاد العام أن الاقتصاد الفلسطيني ما إن بدأ بالتعافي من أزمة المقاصة خلال العام السابق (2019)- حيث حقق نموا متواضعا بلغ 0.9%-حتى دخل في أزمة جديدة مع نهاية الربع الأول من العام 2020، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام 2020 بنسبة 4.8% مقارنة مع الربع السابق (الربع الرابع 2019).
مشيرا الى أن الوزارة مع بداية جائحة كورونا عملت على تشديد الرقابة على السوق المحلي لضمان توفر السلع الأساسية وبأسعار عادلة للمستهلكين، وقد تم دراسة المخزون السلعي المتوفر منها، والتأكد من كفاية المخزون لفترات لا تقل عن 6 شهور بحد أدنى، وفي هذا السياق عملت وزارة الاقتصاد على تسهيل إجراءات الاستيراد لهذه السلع من خلال الخدمات الالكترونية للوزارة، والسماح باستيراد السلع ضمن الكوتا، وهي عبارة عن سلع غذائية متنوعة تلبي احتياج السوق من هذه الأصناف معفاة من الجمارك بما فيها اللحوم المجمدة، كما تم الحفاظ على انسياب الحركة التجارية بين المحافظات لضمان تأمين المخزون التمويني وخاصة في المناطق التي تم إغلاقها نظراً للحالة الصحية.
وأضاف أنه تم تسهيل تشغيل 53 مصنعاً تقوم بإنتاج الاحتياجات الصحية وفقاً للتدابير الصحية المعمول بها، كما تم إعادة تأهيل عدد من مشاغل الخياطة لإنتاج المستلزمات الصحية وفق المواصفة الفلسطينية، وتم منحهم رخص تشغيل، إضافة لتسهيل إدخال المواد الخام اللازمة للصناعات الوطنية، حيث تم مخاطبة الدول للاستيراد الاستثنائي لمواد خام لدولة فلسطين ضمن ظروف الجائحة الصحية خاصة مادة الكحول، وإعفاء هذه المادة من الضريبة شريطة استخدامها في تصنيع المعقمات.
وأوضح أن النمو في هذه القطاعات ساعد في تقليل من معدل الانكماش في الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2020.
مؤكدا على أن شعار الحكومة خلال جائحة كورونا هو الصحة أولاً، مع التوازن ما بين الصحة والاقتصاد، والفتح التدريجي للقطاعات الاقتصادية، وتعزيز صمود الفئات والقطاعات المتضررة، والتخفيف قدر الإمكان من الآثار السلبية لهذه الأزمة الاقتصادية.
الحوار كاملا:
قرار باعتبار منتجات المستوطنات في الولايات المتحدة صناعة إسرائيلية..
هذا القرار هو أحد القرارات الظالمة والعنصرية التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي ترامب بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه الشرعية، الحكومة باتجاهين للتصدي لهذا القرار، فعلى الصعيد الداخلي سيتم تشديد الإجراءات لمحاربة منتجات وخدمات المستوطنات (المستعمرات) في السوق المحلي للوصول إلى سوق فلسطيني خالي من هذه المنتجات، أما على الصعيد الخارجي سيتم العمل في المحافل الدولية لتجريم مثل هذه القرارات، إضافة للعمل على تشجيع المقاطعة العالمية لهذه المنتجات.
مزيد من الاستيطان وخنق للقدس ومناطق سي تحت مرمى هجمات المستوطنين
إن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المناطق المسماه (C)، والتي تشكل حوالي 62% من أراضي الضفة الغربية، و85% من مصادر المياه، يشكل التحدي والعقبة الرئيسية إما تحقيق التنمية الاقتصادية، وقد قدرت خسائر الاقتصاد الفلسطيني نتيجة سيطرة إسرائيل على هذه المناطق بحوالي 3.5 مليار دولار سنوياً (تقارير البنك الدولي، والاونكتاد)، أي ما يقارب 25% من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الرغم من كل هذا المعيقات والتحديات تعمل الحكومة الفلسطينية وضمن الإمكانيات المتاحة على دعم وتحفيز القطاعات الاقتصادية في هذه المناطق وخصوصاً القطاع الزارعي، حيث باشرت الحكومة بتنفيذ العناقيد التنموية، وكان أولها العنقود الزراعي في محافظة قلقيلية، إضافة للعمل على العناقيد الزراعية في كل من محافظات أريحا والأغوار، طوباس، وسلفيت، كما تم المصادقة على العنقود التنموي للعاصمة (محافظة القدس) لمجابهة إجراءات التهويدية والتعسفية للاحتلال الإسرائيلي في المدينة المقدسة، وعملت الحكومة أيضا على إقرار حزمة حوافز تشجيعية في مناطق الأغوار من قبل الحكومة الفلسطينية، وبما يسهم في دعم القطاع الزراعي وتعزيز صمود المزارعين في هذه المناطق.
انكماش الاقتصاد بنسبة ١٢%
تشير توقعات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني و "سلطة النقد الفلسطينية" إلى انكماش اقتصادي بنسبة 12% خلال العام 2020، فيما أشارت تقارير البنك الدولي إلى معدل انكماش يصل إلى 8%، ونأمل خلال العام القادم بانحسار جائحة كورونا، وبالتزامن مع تنفيذ خطة التعافي الحكومية، والعمل باتجاه تنفيذ العناقيد التنموية الصناعية والزراعية والسياحية والتكنولوجية، وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتشغيل، والعمل باتجاه الانفكاك الاقتصادي، كل هذا يساهم في عودة الاقتصاد للنمو من جديد، وتراجع معدلات البطالة والتي وصلت إلى ما يزيد عن 27% خلال العام 2020، وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو في الاقتصاد الفلسطيني سيصل إلى حوالي 7% خلال العام 2021.
الإنفكاك الاقتصادي ..
الانفكاك الاقتصادي التدريجي عن الاحتلال الإسرائيلي، أولوية فلسطين حتى نبعد شبح السيطرة الإسرائيلية الكاملة عن الاقتصاد الفلسطيني، حيث أن جل استيرادنا مسيطر عليه من الجانب الإسرائيلي بنسبة 55%، وأكثر من 83% من صادراتنا، وبلا شك أن الظروف الاستثنائية خلال العام 2020 حالت دون تنفيذ بعض التدخلات السياساتية للحكومة في هذا الجانب، ولكن الحكومية مستمرة في جهودها، حيث أن الانفكاك الاقتصادي هو احد أهم أولويات الحكومية، وستشهد الفترة المقبلة الكثير من السياسات والتدخلات والأنشطة، سواءا من حيث سياسات دعم المنتج الوطني كبديل للمنتج الإسرائيلي، أو العمل باتجاه تنويع الشركاء التجاريين وتشجيع الاستيراد المباشر، إضافة لقيادة الجهود الدبلوماسية للعمل على بروتوكول باريس الاقتصادي.
عجز تجاري وركود في الأسواق
هناك جهود حثيثة من اجل توسيع الأسواق الخارجية وتنويع الشركاء التجاريين، وخصوصاً مع الأسواق العربية المجاورة كالأردن ومصر، وتشجيع الاستيراد من هذه الدول على حساب الاستيراد من إسرائيل، ونطمع أن يصل حجم التبادل التجاري مع الأردن إلى نصف مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن حجم الاستيراد من الأردن ارتفع بنسبة 49% خلال عام 2019 مقارنة مع العام 2018 (296 مليون دولار 2019، مقابل 199 مليون دولار عام 2018).
على الرغم من تراجع قيمة الصادرات خلال عام 2019 بنسبة 5% تقريباً، إلا أن الصادرات الفلسطينية محلية المنشأ قد ارتفعت بنسبة 9.0% خلال على 2019 مقارنة مع العام السابق، حيث بلغت حوالي 804.5 مليون دولار. كما ارتفعت قيمة الصادرات الفلسطينية محلية المنشأ بنسبة 15% للدول الأخرى (باستثناء إسرائيل).
على صعيد التصدير وفتح الأسواق الخارجية للمنتجات الفلسطينية، هناك جهود بذلت مع العديد من الدول أبرزها ماليزيا، تركيا، اندونيسيا، والعراق، حيث تم رفع كوتا التمور لتركيا لتصل إلى 3 آلاف طن سنوياً، إضافة للعمل مع الشركاء على تحديث الإستراتيجية الوطنية للتصدير.
تقلص الإنفاق الحكومي
تقليص الإنفاق الحكومي من خلال ضبط النفقات ساعد الحكومة الفلسطينية في الاستمرار في أداء مهامها وتحمل التكلفة المالية العالية المترتبة على جائحة كورونا، وفي ظل توقف استلام أموال المقاصة من الجانب الإسرائيلي (تشكل حوالي 60% من الإيرادات)، إضافة لتراجع الإيرادات المحلية نتيجة إغلاق الكثير من القطاعات الاقتصادية، على الرغم من ذلك تمكنت الحكومة الفلسطينية من دفع جزء من رواتب الموظفين، وتغطية التكاليف الأخرى (التكاليف الصحية، تغطية جزء من أجور العاملين في القطاع الخاص، واستمرار دفع مستحقات الأسر الفقيرة).
فيما يخص الجوانب السلبية لتقليص الإنفاق الحكومي وخاصة ضعف القدرة الشرائية للمواطنين في ظل أزمة الرواتب، ومما انعكس سلباً على أداء الكثير من القطاعات الاقتصادية، كالقطاع التجاري، فإن هذا الجانب تم التغلب عليه بعد تمكن الحكومة من تسديد كامل مستحقات الموظفين الحكوميين، وهذا ساهم في تحريك كافة القطاعات الاقتصادية.
العالم يتهاوى من حولنا ويقع في مصيدة التطبيع
الاقتصاد الفلسطيني مقاوم اعتاد على الظروف الاستثنائية، وأصبح باستطاعته التأقلم مع الظروف الصعبة والاستمرار بالعمل، وهناك جهود تبذل لانتظام أموال المقاصة، إضافة لتعزيز الإيرادات المحلية من خلال التقليل من التهرب الضريبي، وتوسيع القاعدة الضريبية، إما بخصوص المساعدات الدولية نأمل زيادة هذه المساعدات في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.
الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر تعاني
قطاع المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، تشكل حوالي 96% من حجم المنشات الاقتصادية، وكون معظم هذه المنشات قد تضررت بفعل هذه الجائحة، فإننا نبذل جهود كبيرة لتقديم الدعم اللازم لتعافي هذه المنشات والعمل بطاقة انتاجية كاملة، من خلال توفير رزمة من التسهيلات الائتمانية، وبفوائد بسيطة جداً.
كما تعمل وزارة الاقتصاد الوطني على إعداد تعريف موحد ووطني للمنشات الصغيرة والمتوسطة، حيث يتم العمل على تعريف حديث ومنقح وموحد لهذه المنشآت، ومن المتوقع أن يكون جاهزاً للاعتماد في شهر كانون الثاني 2021.
كما نفذت وزارة الاقتصاد الوطني وبالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مسحا حول المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاع الصناعي عام 2020، من اجل التعرف على واقع هذا القطاع، والمعيقات، التحديات، الاحتياجات، إضافة لمسح آخر حول اثر جائحة كورونا على المنشآت الاقتصادية، حيث نشرت نتائجه في نشر في شهر 11/2020
كما تعمل الوزارة على تنفيذ العديد من الأنشطة في مجال دعم النساء صاحبات المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والجمعيات التعاونية النسوية.
أما بخصوص القطاع السياحي، القطاع المتضرر الأكبر من الجائحة، هناك جهود حكومية تبذل لدعم وإسناد هذا القطاع من خلال تنفيذ خطة التعافي الاقتصادية، والعناقيد السياحية، كما تعمل وزارة الاقتصاد الوطني بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي على تنفيذ عدد من المشاريع لدعم القطاع السياحي في محافظة القدس.
نأمل بانحسار جائحة كورنا خلال العام القادم 2021، وعودة العمل في جميع القطاعات الاقتصادية، وتنفيذ السياسات الحكومية التنموية، وخصوصاً سياسة العناقيد التنموية، والعمل باتجاه تحفيز وتشجيع الاستثمار وخصوصاً في القطاعات الانتاجية، إضافة للعمل على تشجيع الريادة والابتكار، وتوفير مصادر التمويل، كل هذا سيساهم في توفير من العديد فرص العمل للشباب والخريجين، وتقليل معدلات البطالة العالية.
رغم أن اتفاقية باريس منتهية الصلاحية إلا أنها باقية بقيودها
عند توقيع بروتوكول باريس الاقتصادي عام 1994، وقّع على أنه اتفاق مرحلي وانتقالي، حددت مدة الاتفاق بخمس سنوات، والاستمرار بتطبيق هذا الاتفاق هو إجحاف بحق الاقتصاد الفلسطيني، وعلى الرغم من ذلك فان إسرائيل تنتهك هذا الاتفاق، فمثلا نص الاتفاق على حرية الحركة للتجارة والعمال بالاتجاهين، إلا أن الإجراءات الإسرائيلية التعسفية جعلت حركة التجارة باتجاه واحد، من خلال سيطرتها على المعابر والحدود ووضع الحواجز والإجراءات الأمنية المشددة، ونتيجة لهذه الإجراءات أصبح التجار الفلسطينيون يستوردون من خلال التجار الإسرائيليين لتسهيل عملية الاستيراد.
الحل ليس بتعديل هذا الاتفاق، وإنما إن يكون ضمن إطار واتفاق سياسي ينهي الاحتلال ويحقق الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
إلى جانب ذلك تعمل الحكومة الفلسطينية على خطوات عملية في اتجاه الانفكاك الاقتصادي والتخلص من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي وخصوصاً التوجه نحو العمق العربي والإسلامي وخصوصاً الأردن ومصر.
بخصوص المنتج الوطني، هل من خطة دعم؟
هناك خطة متكاملة تعمل عليها الوزارة وبالتعاون مع الشركاء والتنسيق التام مع القطاع الخاص الفلسطيني، وذلك من خلال:
- إطلاق العمل بالعناقيد الصناعية للنهوض بالقطاع الصناعي في محافظتي الخليل ونابلس، حيث يبلغ حجم المشاريع التطويرية للعنقود الصناعي في المحافظتين ما قيمته نحو 1.15 مليار دولار أمريكي، بحيث يتم تنفيذ هذه المشاريع على مدار خمس سنوات، وتهدف الخطة العنقودية إلى تعزيز تنافسية القطاعات والمنشآت الصناعية، والقدرات الإنتاجية والتصديرية، وتطوير المنتجات الفلسطينية وزيادة حصتها محلياً وعالميا.
- توجيه العديد من المشاريع التطويرية نحو القطاع الصناعي الفلسطيني، وبقيمة تصل إلى 62 مليون دولار أمريكي للسنوات الخمس القادمة.
-اعتماد الأول من تشرين الثاني من كل عام يوم المنتج الوطني، وتنفيذ العديد من الفعاليات والأنشطة للترويج للمنتج الوطني.
-العمل على إيجاد البنية التحتية اللازمة للقطاع الصناعي من خلال المدن والمناطق الصناعية القائمة والجديدة.
-توجيه جهد مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية باتجاه دعم وحماية المنتج الوطني.
-العمل على تنظيم السوق المحلي، ومحاربة منتجات المستعمرات (المستوطنات) الإسرائيلية وبما يخدم دعم المنتج الوطني.
رسوم الشحن ترتفع، فهل سنشهد ارتفاعا في الأسعار؟
عملت الوزارة خلال خطة تنظيم السوق المحلي على ضبط أسعار السلع وخصوصاً السلع الأساسية، وهناك جزء من هذه السلع انخفضت أسعارها خلال عام 2020، حيث قامت إدارة حماية المستهلك في الوزارة بتنفيذ ما يقارب 5640 جولة تفتيشية خلال عام 2020، وزارت خلالها ما يقارب من 76 ألف محل تجاري.
وتشير التقديرات الأولية، أن متوسط الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك في فلسطين خلال العام 2020 سجل انخفاضاً نسبته 1.0% مقارنة مع العام 2019.
وخلال الفترة المقبلة ستستمر الوزارة وبالتعاون مع الشركاء في تنظيم السوق المحلي، وبما يضمن توافر السلع بالمواصفات والأسعار المناسبة.
الدين العام يرتفع..
شهد عام 2020 ارتفاعا ملحوظا في الدين العام للحكومة الفلسطينية، حيث بلغ ما يقارب من 3.5 مليار دولار أمريكي حتى نهاية شهر تشرين أول 2020، وارتفع هذا الدين بنسبة 25% خلال الأشهر العشرة من العام 2020 مقارنه مع نهاية عام 2019، ورغم هذا الارتفاع إلا إن نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي ما تزال مقبولة مقارنة مع الدول الأخرى، حيث بلغت 22%.
وتعمل الحكومة الفلسطينية على زيادة الإيرادات، وخصوصاً الإيرادات المحلية، وضبط النفقات، وجلب المزيد من المساعدات الخارجية للتخفيف من هذا الدين العام.