محلل: توقعات بإغلاق شامل... واستلام "المقاصة" سينعش الاقتصاد
حمزة خليفة_ بوابة اقتصاد فلسطين.
عاد مشهد الإغلاق في فلسطين إلى الواجهة مجدداً، بفعل ارتفاع أعداد الوفيات والإصابات بكوفيد-19، وذلك بعد قرار مجلس الوزراء الفلسطيني الأسبوع الماضي، القاضي بالإغلاق الشامل يومي الجمعة والسبت، والإغلاق الجزئي مساء أيام الأسبوع، الأمر الذي خلق حالة من الجدل حول توقيت وجدوى هذا القرار.
بين من يؤيد القرار وبين من يراه غير ذي جدوى، رفض اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية الفلسطينية قرار الحكومة سواء بالإغلاق الجزئي أو الكلي، لأن الوقت غير مناسب لذلك، ولعدم استشارة القطاع الخاص في هذا القرار.
وأكد الاتحاد في بيانه، أن الاقتصاد الفلسطيني قد تأثر سلباً وتراجع بنسبة 40% على الأقل، ولم يتعافى نتيجة للأزمات المتتالية التي تعرض لها بسبب جائحة "كورونا" حتى الآن".
لكن الإغلاق هذه المرة، جاء في توقيت أعلنت فيه السلطة الفلسطينية عودة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، والحديث عن استلام أموال عائدات الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، وهو ما قد يعني أضراراً ومخاطر أقل على الاقتصاد الفلسطيني مقارنة بالإغلاقات السابقة.
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي بكر اشتية أن قرار الإغلاق الذي اتخذته الحكومة له اعتبارات صحية وأخرى اقتصادية، وتتمثل الاعتبارات الاقتصادية بتوفر الموارد المالية للحكومة من أجل فرض إغلاق شامل أو جزئي، وذلك بفعل الحديث عن عودة انتظام الرواتب واستلام أموال المقاصة.
أما الاعتبارات الصحية وهي الأهم، فالهدف من الإغلاق ليس منع انتشار المرض كما يعتقد البعض، بل لضبط التوازن بين أعداد الإصابات وبين القدرة الاستيعابية للمستشفيات، وفي الأيام الأخيرة أعلنت وزارة الصحة في أكثر من مناسبة أن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات اقتربت من الوصول لحدها الأقصى، وهنا تحولت الأولوية لصالح الصحة على حساب الاقتصاد.
ويتوقع اشتية خلال مقابلة لـِ "بوابة اقتصاد فلسطين" أن تلجأ الحكومة للإغلاق الشامل قادم الأيام، أسوة بالعديد من دول العالم، ويمكن أن تكون لفترات محددة أو إغلاقات منظمة لقطاعات معينة، بمعنى أن تشمل قطاعات بإغلاق كامل كالمؤسسات التعليمية أو القاعات والمقاهي مثلاً، وأن تستمر باقي القطاعات بالعمل الطبيعي، وهو ما يعني انتقاء القطاعات التي قد تؤدي لانتشار واسع للوباء.
كما يعتقد أن الإغلاقات إذا طالت قطاعات محددة فسيكون حجم الضرر الاقتصادي أقل بكثير من أن يتم الإغلاق الشامل، وأقل من حالة إبقاء الاقتصاد مفتوحاً بشكل كامل، وهنا لا بد للحكومة أن تحاول خلق توازن ما بين الصحة والاقتصاد.
ويتوقع المحلل الاقتصادي أن القطاعات المتضررة بفعل الإغلاق ستحتج على قرار الإغلاق، لكن وبما أن السلطة ستستلم أموال المقاصة، فسيكون هناك آلية في المتناول من أجل تقديم تعويضات أو المساعدات لتلك القطاعات، كما أن بعضها ستصل لمرحلة التعادل بمعنى أن تكون قادرة على تغطية مصاريفها دون تحقيق أرباح، فليس مطلوب أن تحقق كل القطاعات الاقتصادية أرباحاً في ظل جائحة صحية بهذا الحجم.
ويلخص اشتية الأزمة الاقتصادية في فلسطين بأنها أزمة سيولة، وفي حالة ضخ الرواتب ومستحقات الموظفين كاملة كما وعد رئيس الوزراء حال استلام أموال المقاصة كاملة، فإن مبالغ كبيرة جداً ستدخل للسوق وستؤدي بدورها لانتعاش كبير، كما سيتم تعويض جزء كبير من الضرر الذي تشكل خلال الفترة الماضية، خاصة في قطاع تجارة الجملة والتجزئة، كونه يعد من أكثر القطاعات المتضررة بفعل توقف حركة البيع والشراء والشيكات المرتجعة.
وأوضح أن ضخ السيولة في الأسواق سينتج عنه مضاعفات النقود، التي سيكون لها أثراً إيجابياً خلال الفترة القادمة، لكن لا بد لعدد من القطاعات أن تدفع الثمن، وهنا يجب أن نسأل، أين دور السلطة الفلسطينية في تعويض المتضررين من الجائحة؟
وتابع: "لا بد أن نتحدث هنا عن قطاع السياحة على وجه الخصوص، والذي يعتبر قطاعاً منكوباً، حيث تأثر بشكل كامل منذ اللحظة الأولى للجائحة وحتى الآن، فيجدر أن يكون هناك خطط إنعاش لبعض القطاعات التي دفعت الثمن خلال الفترة الماضية".
وفي السياق ذاته، وصف اشتية الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية بأنها "أزمة متجذرة"، واستلام أموال المقاصة لن يحل أزمتها، بفعل عجز الموازنة الذي يزيد عن 500 مليون دولار خلال هذا العام فقط، ناهيك عن المتأخرات المتراكمة عن السنوات السابقة، مثل مستحقات القطاع الصحي على سبيل المثال.
وتابع: "إذا ما حسبنا مديونية السلطة اليوم، سواء كانت على شكل قروض من البنوك المحلية والأجنبية، أو متأخرات لصالح القطاع الخاص، فالرقم يقترب من 26 مليار شيقل وهو رقم فلكي، وهي غير قادرة على إغلاق هذا العجز من خلال أموال المقاصة".